هذه المرة، الواقعة مختلفة
أخر الأخبار

هذه المرة، الواقعة مختلفة

المغرب اليوم -

هذه المرة، الواقعة مختلفة

عريب الرنتاوي

ما حدث في إربد، يبدو مختلفاً تماماً عمّا شهدناه خلال السنوات الماضية ... طوال سنوات الفوضى والاضطراب الخمس الفائتة التي ضربت الإقليم، كنا نتحدث عن أردنيين يذهبون لـ “الجهاد” في سوريا والعراق، ونستقبل بين الحين والآخر، جثامين بعضهم ... كنا نتحدث عن “سيناريوهات” و”احتمالات” وصول يد الإرهاب السوداء إلى “الداخل” الأردني، وهي التي أحاطت بنا الشمال والشرق والجنوب (سيناء) ... كنا نرقب حالات تحريض وتجنيد وترويج للفكر التكفيري العنيف، وشهدنا على حوادث فردية منعزلة، ربما تندرج في خانة ما يعرف باسم “الذئاب المتوحدة”. 
هذه المرة، الإرهاب يتخذ من ثاني مدينة أردنية “مأوى” لـ “خليته النائمة”، ويخطط من بين ظهرانينا لعمليات إرهابية، تستهدف أمن الأردن وحياة الأردنيين ومعاشهم ... هذه المرة، نتحدث عن خلية مسلحة ومدربة ومجهزة بأتم تجهيز، وليس مستبعداً، بل مرجحا، أن يكون لها ارتباطات وامتدادات، داخل الأردن وخارجه ... هذه الواقعة تشبه حالة “إعلان حرب” تستهدف أمننا، وتسعى في استدراجنا إلى سيناريو الفوضى الذي عمّ المنطقة. 
للجريمة التي شارف الإرهابيون على مقارفتها، وقع مختلف... نحن نتابع يومياً، وعلى مدار الساعة، صور وأنباء الأعمال الإجرامية البشعة التي يقارفها التنظيم الإرهابي في الدول القريبة والبعيدة ... لكن الصورة والأنباء هذه المرة، تُبث من إربد، والإرهابيون الذين لم نتعرف هوياتهم بعد، يبدو أنهم “منّا” ... والمستهدف بالإجرام هو نحن، مواطنين ومؤسسات وأجهزة أمنية وعسكرية ومدنية ... ما يجعل من هذه”الواقعة”، جرس إنذار مدوٍ، للأردنيين جميعاً، وليس لأجهزتهم الأمنية والعسكرية فحسب، للحكومة والوزارات والمؤسسات والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، وكل مواطن ومواطنة من دون استثناء. 
لم يساورنا القلق يوماً، بأن يقظة الأجهزة الأمنية، وكفاءة المؤسسة العسكرية، كفيلتان بإحباط خطط الإرهابيين ومحاولاتهم السوداء نشر الفوضى والدماء في ربوع البلاد ... كما لم تساورنا لحظة شك، بأن ما منع داعش عن استهداف الأردن، هو عجز التنظيم عن اختراق التحصينات الأردنية، فالأردن كان ولا يزال، مدرجاً على جدول أعماله، ومرصّدا في “بنك أهدافه”، ولعل “العملية الاستباقية” التي نفذتها الأجهزة المختصة، ضد الخلية الإرهابية، وبحرفية وجرأة متميزتين، هما تأكيد إضافي على ما ذهبنا إليه. 
لكن الحرب على الإرهاب، ليست مهمة الأمن والجيش وحدهما ... فالإرهاب ليس نبتاً شيطانياً، وإنما هو “ثمرة مرة” لبيئة مخصّبة، بأفكار الغلو والتطرف، ومن دون تجفيف هذه البيئة، وسد مصادر التطرف ومنابعه، سنبقى على الدوام، في دائرة الخطر، وسيبقى التهديد الإرهابي، سيفاً مسلطاً على أعناق الأردنيين والأردنيات. 
القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، تقوم بواجبها على أكمل وجه، وربما تكون قد تفوقت على نفسها من حيث كفاءة الإنجاز وحرفيته، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو: هل قامت الحكومة بإداراتها وأجهزتها المدنية المختلفة، بما يتعين عليها فعله، لمحاربة ظاهرة التطرف والغلو،المتفشية؟ ... هل قمنا جميعاً، من أحزاب ومجتمع مدني ونقابات ومثقفين وجامعات، بما يتعين علينا فعله، لاستئصال هذه الظاهرة من جذورها؟ ... وكم “جرس إنذار” نحتاج، حتى نجرؤ على شُرب “حليب السباع”، ونشرع في القيام بواجباتنا، بعزم ووعي وثبات، ومن دون خضوع لابتزاز هنا، أو لحسابات صغيرة هناك؟
قبل أزيد من عام، كان الشهيد معاذ الكساسبة يرتقي إلى جوار ربه، يومها استنفر الأردنيون عن بكرة أبيهم، وخرجنا بأوسع الحملات وأكبر الشعارات المنادية باستئصال التطرف واجتثاث جذوره في المدرسة والجامعة والمسجد، وفي السياسة كما في الاقتصاد والاجتماع ... بدا أننا بإزاء واحدة من “فزعاتنا” لا أكثر ولا أقل، فما أن بردت دماء الشهيد الطيّار، حتى عدنا لممارسة أعمالنا كالمعتاد ... وقبلها مَرَرنا بتجربة مماثلة، زمن الهجوم البربري على الفنادق الثلاثة، وأخشى ما نخشاه أن نعاود يومياتنا المتثاقلة مرة أخرى، ما أن يوارى الشهيد النقيب راشد الزيود الثرى، وتنتهي مراسم العزاء. 
لسنا قلقين من “البعد الأمني – العسكري” لحربنا على الإرهاب، فلدينا من الخبرة والكفاءة والإنجاز، ما يثير الطمأنينة في النفوس والعقول والقلوب ... بيد أننا قلقون أشد القلق، من “ترهل” و”عدم كفاءة” جهازنا المدني، الحكومي وغير الحكومي، فهل تكفي “واقعة إربد”، لكي توقظنا من رتابتنا، وتضخ في عروقنا وعقولنا، طاقة جديدة، للعمل بذات الكفاءة والخبرة، في ساحات الحرب على التطرف والغلو؟ ... سؤال برسم الحكومة، ولكنه ليس برسمها وحدها. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه المرة، الواقعة مختلفة هذه المرة، الواقعة مختلفة



GMT 15:50 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

إيران تستعيد وعيها سعودياً

GMT 10:20 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

فلسفة الوشكية

GMT 10:18 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

السلاح زينة الرجال... ولكن؟

GMT 10:16 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

«أرضنا» التي تبحث عن أصحاب...

GMT 10:12 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

غزة إذ تنهض وترقص

GMT 10:07 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

متى نطفئ حريق مها الصغير؟!

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 11:07 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المدرب طاليب يكسب ثقة مسؤولي وجمهور الجيش

GMT 15:55 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تعرف على أفضل العطور النسائية لعام 2019

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل المعالم السياحية في "كوتا كينابالو"

GMT 04:58 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

"البرغموت" المكون الثابت لجميع العطور
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib