جرأة الأسد على تركيا

جرأة الأسد على تركيا

المغرب اليوم -

جرأة الأسد على تركيا

عبد الرحمن الراشد

عاد النظام السوري إلى استخدام السيارات المفخخة ضد خصومه، وتجرأ حتى على حدوده مع تركيا، في رسالة جديدة بأنه يشعر بالثقة ولن يتردد حتى في تهديد الجارة الشمالية الكبرى. وهذا شعور الواثق بأن أنقرة لن تدخل في حرب معه، بعد التزامها سياسة الحذر لأكثر من عام ونصف العام حتى الآن. تفجير باب الهوى التركي، قبل أيام، استهدف شخصيات سورية معارضة وقتل ما لا يقل عن 14 شخصا بينهم أتراك، من تدبير نظام الأسد، الذي تجرأ على لسان وزير إعلامه بتهديد تركيا قبل يومين من التفجير! المفارقة أن أول من استنكر وحشية النظام السوري قبل نحو عامين، هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في بدايات الثورة، وقبل أن تتحول لحمل السلاح. وصار الزعيم التركي بطلا في نظر الكثير من السوريين والعرب الآخرين لأنه وقف ضد عنف الأسد. لكن بعد أن ارتفعت المواجهات، وزادت وحشية النظام، وصارت أعداد ضحايا النظام في سوريا مخيفة، ومعظمهم من المدنيين - خفت صوت أنقرة إلا من احتجاجات صوتية. وبعد أن مر عام ونصف العام، تجرأ نظام بشار الأسد على الجارة الشمالية الكبيرة مرات بالقول وأحيانا بالقتل، كما فعل قبل أيام. سوريا في مساحتها أكثر قليلا فقط من ربع مساحة الجارة العملاقة تركيا، وكذلك سكانها. وقد حكم الأتراك سوريا، بوابتهم العربية، لقرون، كدولة خلافة، لكنهم منذ نهايات الحرب العالمية الأولى انسحبوا منها بعد قيام الدولة التركية، وظل الخوف من الجار التركي هاجسا يهيمن على الأنظمة السورية المتعاقبة على حكم دمشق، وكان حافظ الأسد آخر الحكام السوريين الذي روعته التهديدات التركية في التسعينات عندما رأى الدبابات التركية على باب الهوى الحدودي، فورا أوقف نشاط المعارضة الكردية التركية المسلحة وسلم زعيمها عبد الله أوجلان. ومن المفارقات أن جليد العلاقة الباردة لم يذب، وتفتح البوابات والصدور، إلا في عهد بشار وأردوغان، والأخير مد يده، وحاول استيعاب الجارة العربية بأفكار حديثة ومشاريع سياسية واقتصادية جادة. المشكلة أن بشار الأسد، الذي اشتهر بسياسة اللعب على الحبال المتعددة، وصل نهاية الطريق مع كل الدول التي غرر بها، وكانت آخر الدول التي انتكست علاقته معها قطر، وكانت من حلفائه. مخلصا، حاول رئيس الوزراء التركي، أردوغان، كما يذكر كثيرون، مد حبل النجاة للأسد في بداية الثورة السورية لمساعدته للخروج من الأزمة بعد انتشار المظاهرات، إلا أن الأسد أدار ظهره للأتراك. ومع أن الجار التركي الكبير هو من حذر الأسد مرات كثيرة ضد العنف المسلح، إلا أن الذي تراجع هو الحكومة التركية وفضلت البقاء محايدة، إلا من تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين، وغض النظر عن بعض نشاطات الثوار السوريين، خاصة بعد استيلائهم على منفذين حدوديين ومناطق واسعة في الشمال السوري. ومن الواضح أن أردوغان في البداية سعى مخلصا لتجنيب سوريا والنظام من المأساة التي نراها اليوم، لكن الأسد ليس بالقيادي القادر على اتخاذ قرارات تاريخية. هكذا، انحدرت البلاد نحو الحرب الأهلية، وقد عمق الأسد عامدا الاحتجاجات ضده وحولها إلى حرب أهلية، ومن الواضح أن خطة الأسد تقوم على الإقرار بهزيمته وجر إيران ونظام العراق وراءه، والانسحاب إلى الساحل وإقامة دولته هناك بعد زرع الفوضى والجهاديين المتطرفين وراءه. وهو مستفيد من الصوم التركي عن التدخل في زراعة المشاكل لعشر سنين لاحقة، يثير في الشمال والشرق والغرب السوري مشاكل حدودية وقومية وطائفية. يريد الانسحاب في اتجاه البحر المتوسط إلى المناطق العلوية - طائفته التي أخذها رهينة وتعمد توريطها كخصم لبقية الشعب السوري. بالنسبة لتركيا، هو يريد نقل مشكلته إليها وخلط الأوراق، مستفيدا من نحو 50 ألف إيراني مسلح، يؤكد مصدري أنهم في ضيافته للقتال دفاعا عن دولته على الساحل! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرأة الأسد على تركيا جرأة الأسد على تركيا



GMT 18:16 2025 السبت ,12 تموز / يوليو

بقّال

GMT 18:10 2025 السبت ,12 تموز / يوليو

أسبوع حكومي مشوش.. وَلِّدْها يا حسان..

GMT 18:08 2025 السبت ,12 تموز / يوليو

اللعبة البطيئة في لبنان

GMT 18:07 2025 السبت ,12 تموز / يوليو

القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

GMT 18:05 2025 السبت ,12 تموز / يوليو

«سرسوب» رمسيس والإسراف في الاستظراف

GMT 21:04 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هيرفي رونار يقلل من قيمة الدوري المغربي للمحترفين

GMT 10:02 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منزلك أكثر تميّزًا مع الديكورات اليابانية العصرية

GMT 19:00 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطور ملحوظ وفرص سعيدة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:52 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء الكيلاني تثير الرأي العام بقصة إنسانية في "تخاريف"

GMT 11:00 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

"بوما" تطرح أحذية رياضية جديدة ومميزة

GMT 10:39 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

تعرفي على إتيكيت أكل "الاستاكوزا"

GMT 12:35 2013 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

البدء فى البرنامج التوعوي التثقيفى لمرضى داء السكر في سبها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib