“الحزب” وإيران في مدرسة حافظ الأسد

“الحزب” وإيران في مدرسة حافظ الأسد

المغرب اليوم -

“الحزب” وإيران في مدرسة حافظ الأسد

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

من أطرف ما ورد في الخطاب الأخير لنعيم قاسم الأمين العامّ لـ”الحزب” اعتباره الموقف الذي اتّخذته الحكومة اللبنانية التي يرئسها نوّاف سلام من سلاح “الحزب” “غير الميثاقي”. كان ذلك في جلسة للحكومة انعقدت في الخامس من آب/أغسطس الجاري في جلسة ترأسها رئيس الجمهورية جوزف عون في قصر بعبدا وليس في مكان آخر، مع ما يرمز إليه ذلك من عودةٍ للقرار اللبناني إلى لبنان.

تحدّث نعيم قاسم عن “خطأ” مطلوب التراجع عنه من منطلق أنّ التراجع عن الخطأ فضيلة… كما لو أنّ لبنان يمتلك خياراً آخر غير خيار التخلّص من سلاح “الحزب” الذي من دون التخلّص منه لا انسحاب إسرائيليّاً من المواقع الخمسة المحتلّة في جنوب لبنان. هذا ما أكّدته الشخصيّات الأميركية الموجودة في لبنان حاليّاً، وعلى رأسها المبعوث الرئاسي توم بارّاك والسناتور ليندسي غراهام صاحب النفوذ الكبير في الكونغرس وفي واشنطن. كانت الرسالة الأميركيّة واضحة كلّ الوضوح. فحوى الرسالة أنّ إسرائيل مستعدّة للانسحاب من جنوب لبنان، لكن بعد الانتهاء من سلاح “الحزب”.

أين الميثاقيّة؟

من هنا، يتبيّن أنّ من يبرّر، باسم “الميثاقيّة”، ضرورة بقاء السلاح لدى “الحزب”، إنّما يدعو إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي عاد إلى الجنوب بسبب قرار خوض “حرب إسناد غزّة”. كانت تلك حرباً مفتوحةً على إسرائيل التي لا تزال منهمكة بإزالة غزّة من الوجود وتهجير أهلها غير آبهة بردود فعل العالم، بمن في ذلك حلفاء الدولة العبريّة في أوروبا!
بات الهدف الإسرائيلي يتمثّل في سيطرة أمنيّة وعسكرية على جزء من سوريا، وتحديداً على منطقة الجنوب

أين كانت “الميثاقية” لدى اغتيال رفيق الحريري ورفاقه في عام 2005؟ أين كانت “الميثاقيّة” لدى افتعال حرب صيف 2006 التي جلبت كلّ الويلات على لبنان واللبنانيّين والتي لم يكن من هدف لها غير تغطية جريمة اغتيال رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي ارتكبها “الحزب” في حقّ أشرف اللبنانيّين؟

أين كانت “الميثاقيّة” لدى اجتياح بيروت والجبل في أيّار 2008؟ وأين “الميثاقيّة” لدى فتح جبهة جنوب لبنان في الثامن من تشرين الأوّل 2023 من دون استشارة أيّ جهة رسميّة لبنانيّة؟ هل استشار الراحل حسن نصرالله الحكومة أو الطوائف اللبنانية الأخرى عندما قرّر أخذ لبنان إلى حرب مع إسرائيل… من أجل غزّة؟

الحزب

يخوض “الحزب”، ومن خلفه إيران، في الوقت الحاضر معركة ذات طابع وجودي. تكمن خطورة هذه المعركة في أن لا خيار آخر أمام لبنان غير اتّخاذ موقف من سلاح “الحزب”، تماماً كما ليس أمام “الحزب” سوى التمسّك بسلاحه ونقل معركته إلى داخل البلد بعدما هزمته إسرائيل. ليس أمام “الحزب” سوى تأكيد إصراره على الاحتفاظ بسلاحه، الذي هو في نهاية المطاف سلاح إيرانيّ فقط. يعني ذلك بكلّ بساطة وجود رهان على استثمار إيرانيّ في هذا السلاح الذي بات الطريق الأقصر لتكريس الاحتلال الإسرائيلي لمواقع في الجنوب مثلما حصل في سوريا حيث بات الجولان المحتلّ منذ 1967 قضيّة منسيّة.
تحصد سوريا حاليّاً ما زرعه حافظ وبشّار الأسد. يبدو أنّ ذلك ما يريده “الحزب” ومن خلفه إيران للبنان

يرفض “الحزب”، بسبب ارتباطه العضويّ بإيران، استيعاب أنّ السلاح يساوي الاحتلال. يرفض التعلّم من تجربة سوريا التي تمسّكت في عهدَي حافظ الأسد وبشّار الأسد بالاحتلال الإسرائيلي للجولان. رفض الأسد الأب والابن استعادة الجولان، بالطرق السياسية نظراً إلى أنّ الاحتلال كان ضمانةً لبقاء النظام الأقلّويّ في سوريا. اختلقا كلّ الأعذار التي يمكن تصوّرها من أجل ألّا يكون هناك انسحاب إسرائيلي من الجولان. تلك كانت المدرسة السياسيّة لحافظ الأسد، المدرسة السياسية التي أوصلت سوريا إلى ما وصلت إليه اليوم. يبدو أنّ “الحزب وإيران يستعينان بمدرسة حافظ الأسد كي يبقى البلد ورقة إيرانيّة لا أكثر ولا أقلّ عبر تبرير وجود سلاح الحزب”.

فرصة لن تتكرّر

تكفي نظرة سريعة إلى مطالب إسرائيل من سوريا لأخذ العلم بما يمكن أن تكون عليه نوعيّة المطالب الإسرائيلية من لبنان، مستقبلاً، في حال عدم طيّ ملفّ سلاح “الحزب” سريعاً والاستفادة من وجود رغبة أميركية في حصول انسحاب من المواقع الخمسة المحتلّة.

بات الهدف الإسرائيلي يتمثّل في سيطرة أمنيّة وعسكرية على جزء من سوريا، وتحديداً على منطقة الجنوب. تريد إسرائيل الآتي استناداً إلى مصادر موثوق بها إلى حدّ كبير:

1- عدم المطالبة بالجولان.

2- سحب ما بقي من أسلحة ثقيلة للجيش السوري من جنوب سوريا.

3- الانسحاب من المناطق المحيطة بمحافظة السويداء.

4- منح إسرائيل حقّ دخول الأراضي السورية عسكريّاً في أيّ وقت تشعر فيه بتهديد لها. وهذا مشابه للاتّفاق الأسد الأب مع الجانب التركيّ في الشمال.

5- منح إسرائيل السيطرة الكاملة على المجال الجوّي السوري.
يرفض “الحزب”، بسبب ارتباطه العضويّ بإيران، استيعاب أنّ السلاح يساوي الاحتلال

6- السماح فقط بوجود قوّات الأمن العامّ أو الشرطة ذات الأسلحة الخفيفة في الجنوب، ولا يسمح بوجود الجيش النظامي في الجنوب السوري. ليس مسموحاً أيضاً لتركيا بإعادة بناء الجيش السوريّ وتدريبه.

7- فتح طريق آمن لتقديم المساعدات الإنسانية لمحافظة السويداء، سواء الآتية من دمشق أو من منطقة القنيطرة.

هذا ما أدّت إليه مدرسة حافظ الأسد في السياسة. تحصد سوريا حاليّاً ما زرعه حافظ وبشّار الأسد. يبدو أنّ ذلك ما يريده “الحزب”، ومن خلفه إيران، للبنان في وقت يمتلك البلد فرصة لن تتكرّر، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أنّ الاهتمام الأميركي الحاليّ بلبنان قد لا يستمرّ طويلاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“الحزب” وإيران في مدرسة حافظ الأسد “الحزب” وإيران في مدرسة حافظ الأسد



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib