التحديات الراهنة لـ«حل الدولتين»

التحديات الراهنة لـ«حل الدولتين»

المغرب اليوم -

التحديات الراهنة لـ«حل الدولتين»

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

إلى جانب حرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل من دون هوادة ضد أهالي غزة، ضاربة عرض الحائط بكل التنديدات والانتقادات، فإنها - أي إسرائيل - بصدد فعل أشياء أخرى لا تقل خطورة ولا بشاعة، وهي: رفع النقاط عن الحروف وإرباك المعاني والرؤية.

وتظهر هذه الممارسة الأشد خطورة من التجويع والتقتيل اليوميين في حرب التصريحات المتتالية حول تصفية فكرة الدولة الفلسطينية، والانقلاب الكامل على مسألة حل الدولتين.

لقد سقطت ورقة التوت تماماً وأصبح الاستنتاج بأن إسرائيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى اليوم، إنما هي بصدد تدمير حل الدولتين لتصنع من كل هذا التدمير والهدم والقتل واقعاً لا يسمح ولا يعترف إلا بالدولة الإسرائيلية. وهكذا يتم حسب الخطة الإسرائيلية الممنهجة القضاء على فلسطين، قضيةً وحقيقةً وتاريخاً وجغرافياً.

لذلك؛ فإن الحاجة إلى وضع النقاط على الحروف والرد على عمليات رفع إسرائيل النقاط وتشويش المعاني والحقائق لازمة وضرورية، وتندرج ضمن الصراع: ففي هذا السياق نضع اجتماع مجلس الوزراء الخليجي ومخرجاته الدقيقة والصريحة، حيث إن التشديد على حل الدولتين وحدود 1967، وتوصيف ما يجري في قطاع غزة بالجريمة والإبادة هي فعلاً تمثل مخرجات حافظة لماء الوجه، وترد بوضوح تام على الخطة الإسرائيلية ومن يدعمها.

وفي الحقيقة، تحتاج هذه اللحظة الصعبة في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى وضع النقاط على الحروف وقطع حالة الضجيج التي تقوم بها إسرائيل مع هيمنة وجبروت لم يسبق أن عرفهما تاريخ الصراع، وذلك يمكن تفسيره بأنه لم يسبق أن دعمت الولايات المتحدة إسرائيل بهذا الحجم المطلق، وكل الرؤساء الذين سبقوا الرئيس دونالد ترمب كانوا على الأقل يكررون تلك الجملة التي لم نكن نعلم أننا سنشتاق إليها بعد ضجر: دعوة إسرائيل إلى ضبط النفس.

إذن، مخرجات مجلس الوزراء الخليجي مهمة وتحتاج إليها اللحظة لتنشيط الذاكرة، مع العلم أن هذا أقل ما يمكن القبول به. كما أنها مخرجات تحدد البوصلة الراهنة، بخاصة أنها أصبحت البوصلة الأكثر أهمية والأكثر واقعية. وما نلاحظه في مسار القضية الفلسطينية هو الاضطرار إلى القبول بما كانت الأغلبية رافضة له أو مترددة في شأنه، وعندما يحصل القبول بقوة تقهقر واقع القضية وسياقها، فإن إسرائيل تنقلب وتذهب إلى منطقة أخرى قاحلة من الصراع ولا تستنفر فينا إلا الرفض. إن طريقة إسرائيل في الصراع تقوم على تهرئة الحبل لينقطع وتنسى أن ذلك مسيء لجميع أطراف الصراع.

طبعاً هناك عامل إيجابي يستحق البناء عليه، ويتمثل في الاعترافات الدولية التي بلغت 147 دولة، وهي تصب في صالح القضية الفلسطينية. كما يُعدّ دعم أوروبا مهماً حتى ولو كانت أوروبا في الوقت الراهن ليست في أحسن حالاتها. ذلك أن مجمل هذه الاعترافات تقوي حل الدولتين وتجعل منه أكثر واقعية ومقبولية، وبالتالي مشروعية وشرعية في السياسة الدولية.

السؤال: ما هي تحديات تحقق حل الدولتين حالياً؟

في الحقيقة، التحديات كثيرة وصعبة، والسياق الراهن رغم وضوحه، فإن الإدارة النضالية تبدو معقدة: الجانب الفلسطيني فقد الكثير من الأوراق وإسرائيل تمكنت من تصفية الأطراف الممانعة وضيَّقت الخناق على أهالي غزة، وقضت على البنية التحتية والمرافق (آخر الأرقام المأساوية تقول إنه خلال حرب غزة تم قتل 18 ألف طالب)، وقتلت الآلاف من الفلسطينيين، أي أنّها بصدد تحويل وجهة القضية الفلسطينية من حق الدولة والسيادة إلى المساعدات الإنسانية للأكل وعدم الموت جوعاً.

تعي إسرائيل جيداً أنها أمام فرصة تاريخية من الدعم الأميركي، وأنه يجب تنفيذ الخطة وسحب كل الأرض من الفلسطينيين لإقامة إسرائيل الكبرى والتنعم بالأمن بعد أن تُهجّر جميع سكان القطاع، خاصة أن التغييرات التي قامت بها في المنطقة من تصفية قادة «حزب الله» وإسقاط نظام الأسد وإنزال أول عقاب لإيران... سيجعل رأس إسرائيل من دون صداع.

هكذا نفهم ارتفاع وتيرة الوحشية في غزة؛ لأنها الجولة الأخيرة من حرب إسرائيل، وهي التي ستجني فيها كل مكاسب الجولات السابقة.

كما أن الرئيس الأميركي يدعم خطة إسرائيل من البداية وتهديده بإرسال قواته إلى غزة يعني تعدد الاحتلال، وجعل الأمر أشد صعوبة على البلدان العربية التي تدير التفاوض والتهدئة؛ لأن قدوم قوات أميركية إلى القطاع يعني اكتمال الاصطفاف مع إسرائيل ويصبح ساعتها أي رد فعل هو ضد الولايات المتحدة قبل إسرائيل.

لذلك؛ فإن التحدي الأول حالياً: إيقاف الحرب ودخول المساعدات والانطلاق في مفاوضات، أدناها: حل الدولتين. ولا نشكك في أن إسرائيل ستعمل على تحويل هذا الأدنى إلى الأقصى والمستحيل. وهذا تحدٍ آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحديات الراهنة لـ«حل الدولتين» التحديات الراهنة لـ«حل الدولتين»



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 19:09 2022 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مارك زوكربيرغ يفقد أكثر من 118 مليون متابع على فيسبوك

GMT 16:18 2024 الخميس ,01 شباط / فبراير

الوداد يُعلن عّودة إسماعيل الحداد

GMT 06:06 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تراجع معدلات النمو العالمي إلى 2.7 %

GMT 09:31 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

حادث سير مروّع بين 3 سيارات في طريق الناظور

GMT 23:52 2023 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

زياش يطلب مغادرة نادي "غلطة سراي"

GMT 09:50 2023 الجمعة ,21 تموز / يوليو

عجز الميزانية يصل إلى 27.8 مليار درهم

GMT 11:52 2020 الجمعة ,03 إبريل / نيسان

شركة تبغ في طور اختبار مادة مضاد لفيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib