فرصة لـ «العدل والإحسان» في المغرب

فرصة لـ «العدل والإحسان» في المغرب

المغرب اليوم -

فرصة لـ «العدل والإحسان» في المغرب

محمد الأشهب


نقاش هادئ يدور في المغرب، يمكن تصنيفه في خانة توسيع حجم المشاركة في الانتخابات المقبلة. وظهر للمرة الأولى، أن هناك من يفكّر في إفساح المجال أمام قوات الجيش والدرك والشرطة وحملة السلاح لممارسة حق دستوري، ظلّ مقيداً باعتبارات منهجية، تروم الإبقاء على المؤسسات العسكرية والأمنية خارج التجاذبات السياسية والحزبية.
من الأفكار التي صدرت بها توصيات حقوقية، إشراك فئات المشرّدين في ممارسة حق الاقتراع. وفُهم من ذلك، أن رهان رفع نسبة المشاركة لا يزال يؤرق الفاعليات السياسية والاجتماعية، على اعتبار أنها معيار تقاس به درجات التفاعل داخل المجتمع إزاء أنماط التحولات الديموقراطية الانتقالية، في ظل التركيز على تعبئة الطاقات الشابة وحشدها.
في تجارب سابقة، خُفِّض سن الاقتراع والترشّح، لمراعاة النسبة العالية للشباب في التركيبة الاجتماعية، وإلى أن تصدر نتائج آخر إحصاء ميداني لأعداد السكان ومناطق توزيعهم بين المدن والأرياف، واحتمال تزايد فئات النساء والشباب ومستويات العيش، تبقى مسألة المشاركة السياسية أحد أهم المحاور التي تستقطب الاهتمام.
يجمع بين كل الحالات، أن وجود أكثر من ثلاثين حزباً سياسياً لم يزحزح بعض ثوابت الخريطة الديموقراطية التي يتقاسمها ما يقلّ عن ثمانية أحزاب. فقد اعتلى التيار الإسلامي المعتدل، ممثلاً في «العدالة والتنمية» بقيادة رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران، مركز الصدارة، من حيث لم يتوقع أحد. واضطر غريماه الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، إلى النزول إلى المعارضة، بينما انشغلت أحزاب أخرى بتأثيث المشهد، مؤثرة ومتأثرة بقواعد تحالفات خارج السياق أحياناً.
صورة شبه نمطية، لكنها قابلة للتغيير في حال دخول طرف من غير المتنافسين التقليديين. إنه جماعة «العدل والإحسان» المحظورة قانوناً والفاعلة بحكم الأمر الواقع. فهي ليست حزباً سياسياً، لكنها تنشط كفصيل معارض، تشارك في التظاهرات وتنتقد الحكومة وتلتزم مواقف إزاء أي قضية مطروحة، من الدستور إلى رحاب الحريات العامة.
في بداية تولّيه المسؤولية، وجّه بن كيران رسائل ناعمة إلى «العدل والإحسان»، يحضّها على الانخراط في العمل السياسي. وأرفقها بأخرى واقعية تفيد بضرورة الاختيار بين الاستمرار في استخدام الشارع أو الانعطاف في اتجاه المؤسسات، عبر أشكال المشاركة المتاحة. وعلى رغم أن مسألة الشرعية الحزبية خرجت من نطاق نفوذ الدولة، وأصبحت رهن التزام قوانين إجرائية محدّدة ينظّمها قانون الأحزاب، فإن المبادرة الأكثر قابلية لإحداث اختراق كبير، لن تصدر إلا من الجماعة ذاتها.
لا يوجد في مرجعيات انتخابات البلديات ذات الطابع المحلي، ما يحتّم الانتساب الحزبي للمرشّحين، وإن كان المنطق السياسي يرجّح فرضيته، انطلاقاً من الاتفاق على برامج وأفكار تكون محور الالتزامات لتدبير الشؤون المحلية. وقد يسعف هذا الوضع جماعة «العدل والإحسان»، كما في حال أحزاب يسارية دأبت على مقاطعة الانتخابات في العبور إلى الضفة الأخرى، من دون عناء. لكن الاختيار في جوهره، يظلّ سياسياً بالدرجة الأولى.
قد تصبح تجربة «العدالة والتنمية» في الحكومة، مشجّعة على أكثر من صعيد. فالحزب الذي بدأ من شتات تنظيمات شبابية راديكالية، ومارس دوراً مؤثراً في المعارضة، لم يواجه صعوبات كبيرة في التأقلم مع موقعه الجديد. أقربه أنه وضع مسافة أبعد حيال الأفكار الدعوية، مستبدلاً إياها بإجراءات إصلاحية ذات منظور اقتصادي واجتماعي. وفي حال اهتدت جماعة «العدل والإحسان» بهذه التطورات، ستكون مارست السياسة من بابها الواسع.
يظلّ القرار مرتبطاً بإعداد الأجواء النفسية والسياسية. وما من طرف يمكنه أن ينوب عن الجماعة في اختيار ما تراه ملائماً. لكن الفرصة مواتية في ضوء الانفتاح الذي قطع مع منطق الإقصاء والتهميش. وأفضل المعارك يتم ربحها سياسياً من دون مواجهات. فيما تطرح المسألة من زاوية أخرى عبر السؤال الكبير: أي قيمة مضافة يمكن أن يربحها المشهد السياسي في البلاد في حال دمج «العدل والإحسان» في سيرورة العمل المشروع، وأي خسارة يمكن أن تستمر عند الانكفاء والاحتماء وراء متاريس الحذر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة لـ «العدل والإحسان» في المغرب فرصة لـ «العدل والإحسان» في المغرب



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:55 2025 الإثنين ,01 أيلول / سبتمبر

أهم الصفقات في اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات

GMT 16:38 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 19:48 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

654 رياضياً في تحدي المرفأ للجري والدراجات

GMT 11:37 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

سائق سلسلة ناسكار جاهز بعد تعافيه من كورونا

GMT 01:59 2020 الأربعاء ,27 أيار / مايو

أفكار مميزة لديكورات البلكونة الصغيرة

GMT 14:16 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

اتيكيت الزوجه الذكيه للتعامل مع الزوج البخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib