بقلم - طارق الشناوي
تابعت بشغف الحوار الذى أجراه الإعلامى الكبير محمود سعد مع المهندس صلاح دياب عن كتابه (هذا أنا)، كنت قد قرأته قبل بضعة أسابيع، وكلما التقطت لمحة وشرعت فى الكتابة وجدت زميلًا عزيزًا قد سبقنى إليها، فأنتظر فرصة ثانية.
جاء حواره مع محمود عبر (النهار) لكى أتوقف عند حالة صلاح دياب فى التصالح مع النفس ومع الأزمات وحتى مع الطعنات.
لم أقترب من الأستاذ صلاح، ولا تتجاوز العلاقة مكالمات تليفونية عابرة، كنت مدركًا أنه عندما رشحنى الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد السيد صالح، رئيس التحرير الأسبق - بدون معرفة مسبقة - للكتابة اليومية على صفحات «المصرى اليوم» ٢٠١٥، فإن هذا الترشيح قابله الأستاذ صلاح بترحيب، ومن الواضح أنه - أقصد صلاح - لم يكتفِ بهذا القدر، بل اتصل يجس النبض بالكاتب الكبير وحيد حامد، ففوجئت بوحيد يخبرنى فى (المحمول)، وأضاف: «ح تكتب براحتك؛ الهامش متاح ولكن الأجور محدودة»، وهى قطعًا حقيقة لم تصدمنى، لأنى كنت على دراية مسبقة بأن أقل الأجور فى بلادنا هى تلك التى ينالها الصحفيون.
أما محمود سعد فقد أدرك مع مطلع الألفية أن البقاء للكاميرا، وأن القلم سيصبح مجرد ذكريات، على الفور توجه للتليفزيون، والحقيقة أنها الصدفة وقد التقطها، هذا - قطعًا - لا يكفى، ربنا منح محمود فيضًا من القبول الربانى، والظروف المحيطة لعبت دورها، عمقه الاستراتيجى بالصحافة الفنية التى مكنته من إقامة علاقات قوية بالقسط الكبير من النجوم، أصبحت هناك مساحة تسمح له بأن يطلبهم فى برنامجه ولا يكتفون فقط بالمجاملة بالحضور بل من الممكن أيضًا التنازل عن أجورهم.
صارت المكتبة الفنية المرئية تعتمد فى القسط الأكبر فى رصد التأريخ الفنى على أربعة: (مفيد فوزى، وسمير صبرى، وطارق حبيب، ومحمود سعد)، الذى استطاع أن يضيف لهذا الجيل وثائق مرئية، محمود لم يخطط شيئًا، القدر فتح له الباب؛ قطعًا يستحق تلك المنحة القدرية التى جاءت لمن يستحقها وعن جدارة.
السر ليس فقط لأنه يجيد قراءة الشخصية قبل أن يحاورها، ولكنه يبذل جهدًا فى معرفة كل التفاصيل، قرأ مثلًا كتاب صلاح دياب بإمعان والتقط التفاصيل، واعتبر أن الأخطاء التى نخجل عادة من إعلانها هى نقطة القوة فى الحوار، نكتشف تسامح صلاح مع كل الضربات التى تعرّض لها.. قناعته بأنه فى الحدود الدنيا كان مخلصًا ووطنيًا فى اختياراته السياسية والاقتصادية يمنحه هذا الإحساس، قميص واقٍ لكى يكمل الطريق بعين يقظة وفكر متجدد.
أتذكر مثلًا أننى التقيت المهندس صلاح قبل عام ونصف العام، فى الاحتفال بمئوية الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، كان حريصًا على أن يتابع الفائزين بالجوائز لكى يضمهم إلى جريدة «المصرى اليوم».
يمتلك القدرة على أن يرتدى زيّ المقاتل إذا لزم الأمر، إلا أنه يسعى وحتى اللحظة الأخيرة ألا تُفرض عليه معركة.
ورغم ذلك أحيانًا تشتعل النيران ويدفع الثمن، شاهدت حوارًا أشبه بـ(بينج بونج)، ضربة هنا وأخرى هناك والكرة لا تغادر الطاولة.
ولأول مرة، تحدّثت زوجة الأستاذ صلاح السيدة عنايات الطويل، وتأكدت بعد حوارها أن النجاح له عمقه الاستراتيجى فى البيت.