بقلم : محمد أمين
أكتب هذه السطور يوم الجمعة قبل الصلاة وأنا أستعد للتطهر والتعطر والذهاب إلى المسجد.. أتذكر هذه الطقوس فى صدر الشباب، وأتذكر ندوة الجمعة بعد الصلاة، والجلوس إلى التليفزيون لمشاهدة «حديث الروح».. وبهذه المناسبة أتذكر الشاعر الباكستانى الكبير محمد إقبال فى قصيدته الشهيرة «حديث الروح» التى غنتها أم كلثوم وأبدعت، وساعتها عرفنا محمد إقبال.. واليوم أكتب عنه هذه السطور..
هو محمد إقبال (٩ نوفمبر ١٨٧٧ - ٢١ أبريل ١٩٣٨)، شاعر وفيلسوف باكستانى بارز، والده هو إقبال ابن الشيخ نور محمد (يكنى بالشيخ تتهو، أى: الشيخ ذى الحلقة بالأنف). ولد فى سيالكوت ـ إحدى مدن البنجاب الغربية!.
يعود نسب إقبال إلى أسرة برهمية الديانة؛ إذ كان أسلافه ينتمون إلى جماعة من الياندبت فى كشمير إلا أن أحد أجداده اعتنق الإسلام فى عهد السلطان زين العابدين بادشاه (١٤٢١ ـ ١٤٧٣م) قبل حكم الملك المغولى الشهير (أكبر)، ونزح هذا الجد إلى سيالكوت التى نشأ فيها إقبال ودرس اللغة الفارسية والعربية إلى جانب لغته الأردية!.
سافر إقبال إلى أوروبا وحصل على درجة الدكتواره من جامعة ميونخ فى ألمانيا، وعاد إلى وطنه ولم يشعر إلا أنه خلق للأدب الرفيع.. وكان وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهندى حتى أصبح رئيسًا لحزب العصبة الإسلامية فى الهند ثم العضو البارز فى مؤتمر الله أباد التاريخى، حيث نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوس، ورأى تأسيس دولة إسلامية اقترح لها اسم باكستان، توفى فى ١٩٣٨ بعد أن اشتهر بشعره وفلسفته، غنت له أم كلثوم إحدى قصائده وهى «حديث الروح».
بدأ محمد إقبال تعليمه فى سن مبكرة على يد أبيه، ثم التحق بأحد مكاتب التعليم فى سيالكوت، وفى السنة الرابعة من تعليمه رأى أبوه أن يتفرغ للعلم الدينى، ولكن أحد أصدقاء والده وهو الأستاذ مير حسن لم يوافق، وقال: «هذا الصبى ليس لتعليم المساجد وسيبقى فى المدرسة»، وانتقل إقبال إلى الثانوية؛ حيث كان أستاذه مير حسن يُدرّس الآداب العربية والفارسية، وكان قد كرس حياته للدراسات الإسلامية!.
بدأ إقبال فى كتابة الشعر فى هذه المرحلة المبكرة، وشجعه على ذلك أستاذه مير حسن، فكان ينظم الشعر فى بداية حياته بالبنجابية، ولكن السيد مير حسن وجهه إلى النظم بلغة الأردو، وكان إقبال يرسل قصائده إلى ميرزا داغ دهلوى الشاعر البارز فى الشعر الأردو ـ حتى يبدى رأيه فيها، وينصحه بشأنها وينقحها، ولم يمضِ إلا فترة بسيطة حتى قرر داغ دهلوى أن أشعار إقبال فى غنى تام عن التنقيح، وأتم إقبال دراسته الأولية فى سيالكوت، ثم بدأ دراسته الجامعية باجتياز الامتحان العام الأول بالكلية الحكومية ١٨٩١م، التى تخرج فيها وحصل منها على إجازة الآداب ١٨٩٧م، ثم حصل على درجة الماجستير ١٨٩٩ م، وحصل على تقديرات مرموقة فى امتحان اللغة العربية فى الكلية الحكومية!
وبالمناسبة، تلقى إقبال دراساته الفلسفية فى هذه الكلية على يد الأستاذ توماس أرنولد، وكان أستاذًا فى الفلسفة الحديثة وفى الآداب العربية والعلوم الإسلامية فى جامعة لندن!.