سوريا هل قفزت إلى المجهول

سوريا.. هل قفزت إلى المجهول؟

المغرب اليوم -

سوريا هل قفزت إلى المجهول

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

فى العاشرة من مساء أمس الأول السبت بدأت كتابة مقالى، وكان عنوانه «سينايوهات الأزمة السورية». السيناريو الأول كان يتحدث عن سقوط نظام بشار الأسد بسرعة، والثانى أن يتمكن النظام من الصمود، ويستعيد المدن التى خسرها والثالث أن يظل كل طرف فى مواقعه، والرابع أن يكون هناك تدخل إقليمى لتسوية حل وسط تعتمد على فترة انتقالية وانتخابات خلال 6 أشهر.
فى هذا المقال كتبت أن الأحداث تتغير فى سوريا كل دقيقة، وربما تتغير كل هذه السيناريوهات بعد قليل.
انهيت كتابة المقال ودخلت ضيفًا على قناة «القاهرة الإخبارية» للحديث عن نفس الموضوع، مع الأستاذين أشرف سنجر وأشرف العشرى، وكان موضوع النقاش الأساسى هو البيان الذى أصدره وزراء خارجية خمس دول عربية بعد اجتماعهم فى الدوحة بشأن الأزمة السورية ودعوتهم إلى حل سلمى وضرورة المحافظة على وحدة سوريا وجيشها ومؤسساتها.
قلت بوضوح إن التحرك العربى مهم جدًا، لكنه جاء متأخرًا، وأن هناك سباقًا كبيرًا بين محاولات الحل ومحاولات إسقاط النظام، ويبدو أن هناك اتفاقًا إقليميًا ودوليًا لطى صفحة بشار الأسد ونظامه بالنظر إلى تخلى أقرب حلفاء الأسد عنه مما قاد إلى الانهيار والسقوط السريع للمدن الكبرى،
قلت بوضوح إن بعض العرب ساندوا الميليشيات المسلحة والمتطرفة، فى بداية الأزمة، ثم ترك العرب سوريا للروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان والإسرائيليين ليقرروا مصيرها.
انتهت الحلقة وعدت إلى بيتى بعد منتصف الليل لأقرأ تقريرًا صحفيًا يتحدث عن أن أمريكا تتوقع انهيار نظام الأسد نهاية الأسبوع المقبل.
ذهبت إلى السرير ونمت، ثم استيقظت فى السابعة صباحًا لأجد النظام قد تبخر، وجماعات مسلحة تسيطر على التليفزيون الحكومى، وتعلن نهاية النظام، ورئيس وزراء بشار الأسد محمد الجلالى يقول إنه قرر البقاء فى سوريا، وإنه سيكون فى مكتبه، وإنه تواصل مع الجماعات المسلحة ومستعد لتسليمهم السلطة، وكان ملفتًا للنظر أيضًا ما أعلنه أبومحمد الجولانى أو أحمد الشرع زعيم ميليشيا هيئة تحرير الشام عن وجود تواصل مع الجلالى وبعض كبار مسئولى النظام لاستلام السلطة.
ما حدث فى سوريا فى الفترة من 27 نوفمبر حتى أمس هو مفاجأة بكل المقاييس للجميع، العدو والصديق، لم يكن أشد المعارضين للأسد تفاؤلًا يتوقع مثل هذه النهاية السريعة. وربما يكون ما حدث هو أسرع سقوط لنظام عربى فى العقود الأخيرة.
نعرف أن زين العابدين بن على قاوم فى تونس، وعلى عبدالله صالح ظل يناور ويقاتل حتى قتله أصدقاؤه، وحسن البشير استغرق سنوات حتى تم إسقاطه بعد مظاهرات واعتصامات، بل إن حسنى مبارك نفسه استغرق معه الأمر 18 يومًا حتى تنازل عن الحكم بطريقة حضارية جدًا.
ما الذى حدث؟ وربما يكون السؤال الأهم: ما الذى سيحدث؟!
الذى حدث سيدخل فى كتب التاريخ والمذكرات الشخصية للمسئولين المؤثرين، وقد نعرف بعض أو معظم التفاصيل والأسرار فى الأيام أو الأسابيع أو الشهور المقبلة، لكن السؤال الذى ينبغى أن يشغل بال الجميع هو: ما الذى سيحدث؟
الإجابة الدقيقة عن هذا السؤال فى علم الغيب، لكن هناك مؤشرات أولية يمكن رؤيتها بوضوح.
أولها أن سوريا التى نعرفها منذ عام 1949، والتى شهدت العديد من الانقلابات، ثم سوريا التى كانت تحت حكم أسرة آل الأسد منذ عام 1971، ستتغير تمامًا. لن تكون هى سوريا البعثية اسمًا، أو العلوية أو المتحالفة مع إيران أو المتخاصمة معظم الوقت مع دول الخليج.
السيناريو المثالى أن يحاول «المشغلون» للميليشيات المسلحة التى استولت على آلحكم أن يوحدوا البلاد تحت حكم مدنى منتخب حقيقى.
والسيناريو الأسوأ أن تدخل سوريا فترة حالكة السواد تحت حكم ميليشيات مسلحة، لا تعرف عن أصول الحكم شيئًا، وتقود سوريا إلى «قفزة إلى المجهول». وما بين هذين السيناريوهين هناك سيناريوهات كثيرة سأحاول مناقشتها غدًا، وأهمها أن حزب الله فى لبنان قد يتعرض للاختناق بعد سد جبهة السورية، وأن إيران هى الخاسر الأكبر ومعها روسيا، وأن تركيا هى الكاسب الأكبر ومعها إسرائيل وأمريكا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا هل قفزت إلى المجهول سوريا هل قفزت إلى المجهول



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib