روبيو وزير خارجية إسرائيل

روبيو وزير خارجية إسرائيل!

المغرب اليوم -

روبيو وزير خارجية إسرائيل

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

«جزء مما يحدث بشأن المستوطنات هو رد فعل إسرائيلى على اعتراف دول بالدولة الفلسطينية، وقد حذرنا دولا كثيرة اعترفت بالدولة الفلسطينية من رد فعل إسرائيل على ذلك».
الكلمات السابقة قالها مارك روبيو، وزير الخارجية الأمريكى، لوسائل إعلام أمريكية مساء السبت الماضى، قبل توجهه لزيارة إسرائيل لكى يعرف ماذا ستنوى أن تفعل وما استراتيجيتها بشأن المستقبل.
لا أعرف ما الوصف الفعلى لكلمات روبيو، وما الفرق بين هذا الكلام، وما يقوله غلاة المتطرفين فى حكومة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى.
 لنفهم كلمات روبيو أكثر علينا أن نتذكر أن وزراء كثيرين فى حكومة نتنياهو، خصوصا سموتريتش وبن غفير، كانا يهددان دائما بأنه كلما اعترفت دولة بفلسطين، كلما أقامت إسرائيل مستوطنة جديدة.
وحينما دققت فى تصريحات غالبية وزراء وكبار مسئولى الحكومة الإسرائيلية، فلم أرَ فارقا يذكر بين ما قالوه وما قاله روبيو، لدرجة أن من لا يعرف اسمه قد يتصور للحظة أنه وزير خارجية إسرائيل وليس الولايات المتحدة.
وقد اختار روبيو ورئيسه وإدارته أن يكون موعد زيارته متزامنا مع انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة فى الدوحة ردًا على العدوان الإسرائيلى على قطر.
وقد زار روبيو بصحبة نتنياهو ما يُسمى بحائط المبكى فى المسجد الأقصى وأيّد وبارك بدء العدوان الإسرائيلى لتدمير مدينة غزة وتهجير أهلها.
بطبيعة الحال كلمات وأفعال روبيو لا تحتاج لردود منطقية عقلانية، وببساطة شديدة نقول لروبيو: إذا كان كلامك صحيحا بأن التوسعات الإسرائيلية فى إقامة المستوطنات يعود إلى قيام بعض الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فما سبب إنشاء إسرائيل أساسا للمستوطنات منذ احتلالها للضفة الغربية فى ٥ يونيو ١٩٦٧ وحتى هذه اللحظة؟
غالبية الدول الكبرى، خصوصا فى أوروبا مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإسبانيا وأيرلندا، لم تفكر إطلاقا فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلا هذه الأيام، بعد أن اكتشفوا أن ما تفعله إسرائيل هو حرب إبادة مكتملة الأركان، ليس فقط لتدمير قطاع غزة وتهويد الضفة وتصفية القضية الفلسطينية، بل لإقامة «إسرائيل الكبرى» التى تحدث عنها نتنياهو بكل صراحة  قبل أقل من شهر.
ويبدو أن روبيو لا ينظر للقضية بأكملها إلا بعيون إسرائيلية بل بعيون صهيونية، لأن هناك قلة من الإسرائيليين استيقظ ضميرهم وأدركوا أن ما تفعله حكومتهم محض إبادة جماعية فعلا.
إسرائيل احتلت فى ٥ يونيو ١٩٦٧ الضفة وغزة والجولان وسيناء وأراضى أردنية ومزارع شبعا اللبنانية. لا يدرك روبيو، وربما لا يعرف أساسا، أن إسرائيل أقامت مستوطنات فى سيناء المصرية خصوصا ياميت، وراوغت كثيرا قبل أن تضطر إلى تفكيكها عام ١٩٨٢ تنفيذا لاتفاق السلام مع مصر عام ١٩٧٩، فهل حينما أقامتها كانت تفعل ذلك بسبب اعتراف دول أجنبية بالدولة الفلسطينية.
لا يعرف روبيو أن أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم الأعضاء فى الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترفوا بالدولة الفلسطينية عام ١٩٨٨.
ومنذ يونيو 1967 أيضا شرعت إسرائيل فى إقامة مستوطنات بالجولان السورى ما تزال قائمة حتى الآن، بل وتمددت إسرائيل واحتلت المزيد من الأراضى السورية، خصوصا جبل الشيخ، فهل فعلت ذلك أيضا بسبب اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية، أم أن السبب الرئيسى هو رغبتها فى التوسع والهيمنة وإقامة إسرائيل الكبرى؟!
إسرائيل هوّدت معظم الضفة، وأقامت العديد من المستوطنات فى قطاع غزة، خصوصا جوش قطيف ونتساريم، واضطرت للانسحاب وتفكيك هذه المستوطنات عام ٢٠٠٥ ، والآن تعلن على لسان أكثر من مسئول أنها تنوى إقامة مستوطنات جديدة، أو تسليم القطاع لأمريكا لإقامة ريفيرا جديدة!!
لا يعلم روبيو أو ربما يتجاهل، أن هناك ٤٤ مستوطنة إسرائيلية رسمية فى الضفة، إضافة إلى مئات المستوطنات غير الرسمية، وإذا أضفنا عدد المستوطنين فى القدس المحتلة فإن عددهم يصل إلى مليون مستوطن تقريبا. والأخطر أن المشروع الذى أعلن عنه سموتريتش قبل أسابيع تحت مسمى «E1» بإقامة ٣٥٠٠ وحدة ستفصل القدس عن الضفة وشمال الضفة عن جنوبها، والهدف الجوهرى محو أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية.
ما يفعله المستوطنون الإسرائيليون فى الضفة يفوق الخيال لدرجة أن إدارة جو بايدن السابقة فرضت عقوبات على بعض قادتهم، لكن إدارة ترامب ألغت هذه العقوبات وعينت غلاة الصهاينة فى الإدارة، وبعضهم أكثر تطرفا من مسئولين إسرائيليين، خصوصا سفير أمريكا فى إسرائيل مايك هاكابى، ورئيس مجلس النواب مايك جونسون، والاثنان يحرصان على حضور العديد من الأنشطة فى المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، وأخيرا روبيو الذى صار يتحدث باعتباره وزير خارجية إسرائيل.
أظن أن أهم ما كشف عنه العدوان الإسرائيلى طوال العامين الماضيين على غزة وعموم المنطقة، أن مشكلة العرب ليست مع إسرائيل فقط، بل أساسا مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ومن دون إدراك ذلك والتفكير فى كيفية التعامل معه، سوف تتفاقم المشكلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روبيو وزير خارجية إسرائيل روبيو وزير خارجية إسرائيل



GMT 17:00 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

يوم فلسطيني بامتياز..ماذا بعد

GMT 16:59 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

تَوَهان المشتغلين في الإعلام

GMT 16:58 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

هل تغير الزمن فعلا ؟!

GMT 15:35 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الاعتراف بفلسطينَ اعتراف بإسرائيل

GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

دراميات صانعي السلام

GMT 15:27 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

تحقيقٌ صحافي عن عبد العزيز ومن عبد العزيز

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

من يسار الصحوة الأميركية إلى يمين الترمبية

GMT 15:15 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

حكاية الطبيب والأميرة ديانا!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib