بقلم - سليمان جودة
لا تخطئ العين المجرّدة انقسامًا حادًا بين المصريين حول قانون الإيجار القديم الذى مرّره البرلمان، ولا توجد سوى فرصة وحيدة لإنهاء هذا الانقسام، لأن بقاءه على ما هو عليه ليس فى صالح البلد، ولا فى صالح أحد.
ولا تعرف لماذا جرى تصوير المؤيدين للقانون على أنهم مع المالك ضد المستأجر على طول الخط؟ ولا لماذا، فى المقابل، جرى تصوير المعارضين له على أنهم مع المستأجر ضد المالك على طول الخط أيضًا؟.. ألا يوجد شىء وسط بين هذا الجنون على الجانبين؟
نعم، يوجد بالتأكيد.. فهناك وجهة نظر ثالثة لا تنحاز إلى المالك على حساب المستأجر، ولا تميل إلى المستأجر على حساب المالك.. هناك وجهة نظر ثالثة لا تنحاز إلى هذا، ولا تميل إلى ذاك، ولكنها تنحاز إلى الحقيقة، وتميل إلى الإنصاف، وتتحرى صالح الطرفين معًا، فلا تتطلع إلى الموضوع بعين واحدة.
هناك وجهة نظر ثالثة تقول: إن الهدف من وراء القانون، إذا كان يتركز فى إنصاف المالك، فلا أقل من أن ينتصر للمستأجر معه.
إن من حق المالك أن يحصل على إيجار عادل للوحدة السكنية من المستأجر، ولا يجوز الجدل حول حقه فى إيجار عادل، ولكن حقه هذا يقترن بواجب فى المقابل.. هذا الواجب هو ألا يغادر المستأجر شقته السكنية المؤجرة إلا برضاه، أو برضا الطرفين إذا شئنا الدقة فى الكلام.. ولكن أن يُقال إنه بعد مدى زمنى محدد، سيكون على المستأجر أن يغادر بقوة القانون، فهذه مسألة، أقل ما يمكن أن يقال فيها، إنها فى حاجة إلى مراجعة واجبة.
القضية لا يمكن اختزالها فى أن نكون مع طرف ضد طرف، ولكن القضية أن نكون فى المنطقة التى تنتصر للطرفين، أو تنتصر للحقيقة، أو تنتصر للإنصاف، لا لهذا ضد ذاك، ولا العكس.. وإذا كان هذا المعنى قد غاب طوال مناقشة مشروع القانون، ثم عند إقراره، فأمامه فرصة وحيدة يمكن أن يكون حاضرًا فيها.
هذه الفرصة هى أن يعيد الرئيس القانون إلى البرلمان من جديد، وأن يؤجل التوقيع عليه إلى أن يستوفى ما يمنع هذا الانقسام المخيف.. فالبرلمان سوف يرسل القانون الجديد إلى رئيس الدولة، وسوف يكون لرئيس الدولة أن يوقّع عليه أو لا يوقّع، وسوف يكون فى مقدوره أن يعيده من حيث جاء، وإذا حدث هذا، فسوف تكون الأمور قد عادت إلى حيث يتعيّن أن تعود.