فجيعة نزار الثانية

فجيعة نزار الثانية

المغرب اليوم -

فجيعة نزار الثانية

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

من رحمة الله بالشاعر نزار قبانى أنه مات قبل أن يرى سوريا على ما هى عليه فى مرحلة ما بعد سقوط بشار الأسد، ولو عاش لكان قد وجد نفسه على موعد مع فجيعة ثانية فى حياته.. وهل هناك ما هو أفجع لنزار أو لأى سورى مما جرى ويجرى فى سوريا؟.. الفجيعة ليست طبعًا فى سقوط الأسد، فلقد ارتكب ما أدى إلى السقوط بطريقة مذهلة، ولكن الفجيعة هى أن يكون سقوطه طريقًا إلى سقوط سوريا نفسها.. والدلائل على ذلك أمامنا لا حصر لها.

كانت فجيعته الأولى فى زوجته بلقيس الراوى، التى لما غادرت الدنيا بطريقة درامية كتب عنها قصيدة طويلة، ثم أصدرها بعد ذلك فى ديوان صغير خصصه لها وحدها.. ومن بعد القصيدة كتب مقالاً عنوانه: «نحن الموقّعين بحوافرنا أدناه»!.

كانت بلقيس عراقية من حى الأعظمية فى بغداد، وكان هو قد ذهب إلى العاصمة العراقية يُلقى أشعاره فى أمسية، وكانت هى بين الحاضرين الذين توافدوا ليستمعوا إلى شىء من شعر نزار، فلما رآها أخذت قلبه معها إلى بيتها، ومن بعدها جاء يخطبها ويتزوجها.

وعندما أقام فى بيروت ذهبت هى معه طبعًا، وهناك عملت فى السفارة العراقية فى العاصمة اللبنانية، وفى يوم من أيام لبنان الصعبة جرى استهداف السفارة، وأفاق نزار ليجد أن بلقيس قد صعدت إلى السماء.

وحين جلس يكتب عنها قال:

بلقيس.. كانت أطول النخلات فى أرض العراق.

بلقيس.. كانت أجمل الملكات فى أرض بابل.

كانت إذا تمشى

ترافقها طواويس وتتبعها أيائل.

والصور التى تجمعهما معًا تقول إن بلقيس كانت آية بين النساء، وإن نزار لم يكن يرى سواها بين جميلات العالم.. وليس أبدع من القصيدة التى كتبها فى رثائها، ولا هناك ما هو أعذب من كلماته فيها، رغم كل ما كتب نزار عن حسناوات الأرض.

كان قد نشأ فى دمشق القديمة، وكان أبوه يعمل فى صناعة الحلوى، وكان يكتب المنشورات ضد الاحتلال الفرنسى.. وعندما كتب عنه قال: لم أكن أعرف أن أبى كان يصنع الثورة مع الحلوى!.. وعندما مات نزار كان موته فى لندن التى قضى فيها سنواته الأخيرة، فلما حملوا جثمانه إلى دمشق كان ذلك بناءً على وصية منه بأن يحملوه إلى العاصمة السورية إذا غادر الدنيا.. كان قد أوصى فقال: وهكذا يعود الطائر إلى عُشه، ويعود الطفل إلى حضن أمه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فجيعة نزار الثانية فجيعة نزار الثانية



GMT 18:24 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

الملكة تُلَقِّنُ العالَمَ دَرْسًا أخلاقيًا

GMT 18:15 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

لائحة الشرف

GMT 18:14 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

العلم هو الحل

GMT 18:12 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

لحم أحمر ولحم أبيض!

GMT 18:11 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

الدول الفاشلة

GMT 18:03 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

جي دي فانس... الخروج إلى دائرة النور

GMT 18:00 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

طبول الحرب تقرع في طرابلس

GMT 17:57 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

كنا نظنها حالة فريدة

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 22:46 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

إندريك يحصل على القميص رقم 9 في ريال مدريد

GMT 22:01 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد المغربي يسلم ملعب بن سليمان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib