مددت محكمة الصلح في تل أبيب، اليوم الاثنين، احتجاز المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر-يروشالمي لمدة ثلاثة أيام، على خلفية التحقيق في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والمتعلقة بتسريب مقطع مصوّر يُظهر جنود احتياط يعتدون بعنف على معتقل فلسطيني مكبّل اليدين داخل منشأة "سديه تيمان" في صحراء النقب جنوبي البلاد.
وقالت القاضية شيلي كوتين إن هناك شبهات بعرقلة سير التحقيق ووجود دافع للمساس بالأمن العام، مشيرة إلى أن تومر-يروشالمي تواجه تهماً بالاحتيال وإساءة استخدام المنصب وعرقلة العدالة وتسريب معلومات من قبل موظف عام. كما اعتُقل المدّعي العسكري العام السابق العقيد متان سولومش للاشتباه بمشاركته في التستر على التسريب أو تأخير كشفه.
وجاءت هذه التطورات بعد يوم دراماتيكي شهد اختفاء تومر-يروشالمي لساعات طويلة وسط مخاوف من إقدامها على الانتحار، قبل العثور عليها في أحد شواطئ تل أبيب. وتشير تقارير إعلامية إلى أنها حاولت التخلص من هاتفها المحمول الذي يُعتقد أنه يحتوي على أدلة مرتبطة بالقضية، ما دفع الشرطة لطلب تمديد احتجازها خشية عرقلة التحقيق.
وخلال جلسة المحكمة، أكد محاميها أن موكلته لم تحاول عرقلة التحقيق، مشيرًا إلى أن جميع المواد المصادَرة في حوزة الشرطة منذ أيام، ولا مبرر لاستمرار احتجازها. بينما شددت الشرطة على أن التحقيق ما زال في مرحلة حساسة، وأن هناك خمسة مشتبهين آخرين في القضية.
القضية التي وُصفت في الإعلام الإسرائيلي بأنها "أخطر فضيحة داخل النيابة العسكرية" بدأت قبل عام، حين تم تسريب الفيديو المثير للجدل من كاميرات المراقبة في القاعدة العسكرية، ما أثار موجة غضب داخلية وانتقادات واسعة للجيش والنيابة. وواجهت تومر-يروشالمي حينها ضغوطًا سياسية وإعلامية كبيرة، خصوصًا من اليمين المتشدد الذي اعتبر التحقيق في انتهاكات الجنود "طعنة في الظهر".
وبعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصاعدت الدعوات داخل الأوساط اليمينية لوقف ملاحقة الجنود قضائيًا، فيما اتُهمت المدعية العامة بتقويض الروح المعنوية للجيش. وتحت هذا الضغط، أقرت تومر-يروشالمي لاحقًا بأنها سمحت بتسريب الفيديو لتوضيح أن التحقيقات ضد الجنود تستند إلى أدلة حقيقية، مؤكدة أن "التعامل الوحشي مع أي معتقل، حتى لو كان إرهابيًا، غير قانوني وغير أخلاقي".
واختفت تومر-يروشالمي مؤخرًا في ظروف غامضة، حيث عُثر على سيارتها قرب أحد شواطئ تل أبيب والمحرك لا يزال يعمل، بينما وُجدت رسالة غامضة في منزلها كتب فيها: "لا تنظروا إلى الوراء". وبعد ساعات من عمليات البحث المكثفة، عُثر عليها سالمة لكنها كانت في حالة نفسية صعبة، فيما لم يُعثر حتى الآن على هاتفها المحمول الذي يُعتقد أنه يحتوي على معلومات حساسة.
القضية كشفت أيضًا انقسامًا حادًا داخل المجتمع الإسرائيلي بين من يرى في تسريب الفيديو خرقًا خطيرًا للسرية العسكرية، ومن يعتبره عملاً شجاعًا فضح الانتهاكات. وقد اتهمت صحيفة هآرتس المدعية السابقة بالكذب أمام المحكمة وإنكار مسؤوليتها، معتبرة أن ما حدث يعكس أزمة عميقة داخل النيابة العسكرية وثقافة تضليل متجذرة في مؤسسات الدولة.
في المقابل، حذّرت يديعوت أحرونوت من "ثقافة الكراهية الرقمية" التي رافقت القضية، مشيرة إلى أن موجة التحريض ضد تومر-يروشالمي على وسائل التواصل الاجتماعي بلغت حدّ الدعوات لإعدامها علنًا، ووصفت ذلك بأنه "سمّ يومي ينهش المجتمع الإسرائيلي".
ورغم الزخم الإعلامي والسياسي الذي أثارته القضية، لم يُكشف بعد عن نتائج التحقيق مع الجنود المتورطين في الحادثة، كما لا تزال مصائر المعتقل الفلسطيني وعدد من الملفات الأخرى المرتبطة بانتهاكات مزعومة ضد الفلسطينيين غامضة حتى الآن.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن مقتل السنوار ويصفه بالاستراتيجي المحنك الذي أنزل بهم الضربة الأكبر في تاريخها
وفاة سابع معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ بدء الحرب
 
 
 
 
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر