صلة رحم فتيل لا يزال مشتعلا

(صلة رحم).. فتيل لا يزال مشتعلا!!

المغرب اليوم -

صلة رحم فتيل لا يزال مشتعلا

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

ما هي مشاعر السفاح بعد ارتكاب جريمته، هل يصحو ضميره فجأة، ولا تغمض عيناه أبدا؟، الحقيقة أن السفاح ينام قرير العين، فهو يلتمس لنفسه مبررات ويجد أعذارا، وإذا أزعجته الحيلة، سيعتبر نفسه منفذا لإرادة الله، ويواصل في اليوم التالى القتل، وليلا يحلم مع الملائكة.

الإنسان صغرت أو كبرت أخطاؤه، يعثر في النهاية على مبرر، وهذا هو ما يمكن أن تلمحه مع أبطال مسلسل (صلة رحم)، في تعايشهم السلمى مع كل ما ارتكبوه من أخطاء وخطايا.

الصراع بين الدين والعلم والعرف الاجتماعى، نقطة الانطلاق الأولى، إلا أنك تكتشف مع استمرار الحلقات بعدا أعمق من كل ذلك، وهو الإنسان في صراعه النفسى عندما يحاول أن يبرئ نفسه من ارتكاب المعصية.

كل الشخصيات حتى ما يبدو أنها مدانة دينيا وأخلاقيا واجتماعيا، تبحث عن بقعة ضوء، الطبيب محمد جمعة الذي يمارس الإجهاض في عيادته الخاصة ويتكسب بالحرام، يبرر تلك الأفعال بأنه ينقذ حياة امرأة ربما دفعتها حاجتها للأموال لهذا الطريق، أو لعلها سوف تتعظ في المرة القادمة ولا تمارس مجددا الخطيئة، كما أنه قد يجد راحة في إنقاذها من القتل على يد زوجها أو أهلها، إذا اكتشفوا حملها، وهكذا يتحول أمام نفسه إلى فاعل خير، الممرضة هبه عبدالغنى التي تعقد الصفقات مع النساء، اللاتى يرغبن في الإجهاض، تجد هي أيضا في إجراء هذه الصفقات المشبوهة، مبررا للإنفاق على أسرتها، بينما زوجها شيخ الجامع، وكأنه آخر من يعلم، فهو كما يبدو من البيت للجامع.

أكثر الشخصيات تبريرا لهذا الفعل هو إياد نصار الذي يؤدى دور طبيب تخدير في مستشفى خاص، الذي رأيناه في البداية وكأنه صوت الضمير، ثم يتحول 180 درجة، عندما يستغل حاجة أسماء أبواليزيد الشابة الفقيرة للمال، ليؤجر رحمها، لأنه يؤرقه إحساسه بالذنب تجاه زوجته يسرا اللوزى التي فقدت جنينها، وفقدت معه أيضا الرحم، لتصبح عاجزة نهائيا عن الإنجاب.

الكاتب محمد هشام عبيه، شاهدت له قبل عامين مسلسل (بطلوع الروح) إخراج كاملة أبوذكرى، القائم على حالة استقصاء لكل تفاصيل داعش ثم نسجها في إطار درامى جذاب وهو ما كرره هذه المرة مع المخرج تامر نادى في (صلة رحم)، أجاد المخرج تقديم الممثلين في أدوار مغايرة، ونجح بالفعل في اقتناص أكثر اللحظات صدقا.

القضية حتى يتم تمريرها دراميا كان ينبغى تقديم هذا المشهد المباشر في دلالته، حوار بين إياد نصار والشيخ خالد الجندى وحديث عن تأجير الأرحام، وفى النهاية أكد الشيخ خالد أنه محرم شرعا، ورد عليه إياد بأن أطفال الأنابيب في الماضى أيضا كانوا محرمين، قبل أن يباح ذلك وأضاف (الضرورات تبيح المحظورات)، بينما الشيخ خالد ظل معبرا عن رأى المؤسسة الدينية بأنه حرام.

لجأ الكاتب في النهاية إلى عقاب البطل بقتله، بينما أسماء أبواليزيد أنجبت طفلا، بعد أن قام بتزوير حتى اسمها، ليصبح الجنين يحمل اسم يسرا اللوزى وهى جريمة تنضم إلى عشرات ارتكبها.

قبل الرحيل مباشرة نراه في المستشفى ممسكا بطفله ومرددا: (أنا ضحيت بكل حاجة في الدنيا عشان تكون موجود فيها)، اختيار الموت كحل هروب من الإجابة عن الأسئلة، اضعف الحلول الدرامية. ورغم ذلك سيظل (صلة رحم)، هو المسلسل الاستثناء في دراما النصف الأول من رمضان، جرأة في الاقتراب من فتيل مشتعل، ولا يزال مشتعلا!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلة رحم فتيل لا يزال مشتعلا صلة رحم فتيل لا يزال مشتعلا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 17:55 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي
المغرب اليوم - بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:46 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

القلق يسيطر علي إدارة اتحاد طنجة بسبب النتائج السلبية

GMT 09:54 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

ديكورات حدائق منزلية صغيرة خارجية مميزة

GMT 08:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرفي على كيفية صنع صبغات شعر طبيعية لتغيير لونه

GMT 07:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

"مرسيدس الفئة S" تمثل أفضل سيارة في العالم

GMT 09:53 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

AZZARO WANTED العطر المناسب للرجل الذي لا يعرف المستحيل

GMT 14:11 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أتلتيكو مدريد يلجأ إلى أسلوب ذكي ليحشد الجماهير في الملعب

GMT 07:50 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل المعاطف للشتاء بأسعار معقولة وألوان حيادية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib