طهران وتعدد الوسطاء

طهران وتعدد الوسطاء

المغرب اليوم -

طهران وتعدد الوسطاء

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

في «معجم المعاني»، الفعل «يُمانع» أو «تَمانع» مصدره «مانَع»، أما اسمه فهو «ممانعة». ويفسر المعجم معنى «ممانعة» بأنها «منازعة»، وهي بين طرفين أو أكثر، حيث تنشأ ممانعة بينهما. في الظاهر، الإيرانيون حالياً، أي في تصريحات مسؤوليهم، يُظهرون نزاعاً أو تنازعاً مع واشنطن، ولكن بين السطور، أو في الباطن، لا يوجد تنازع ولا تمانع. فعلياً، تتجنب إيران أي نزاع مباشر أو حتى غير مباشر مع جميع أعدائها، ولا تمانع في الوصول إلى تفاهم، أي تفاوض مباشر أو غير مباشر عبر الوسطاء.

التفاوض هو المَدْخل إلى حل النزاعات، وحل النزاعات يحتاج إلى وسيط أو أكثر. وفي المسألة الإيرانية، وبسبب كثرة القضايا العالقة أو المعلَّقة بين إيران وجوارها، وبينها وبين الإقليم والعالم، فهي تحتاج إلى وسطاء كُثُر. حتى الطرف المعنيّ بحل النزاع معها قد تكون لديه قناعة بعدم وضع أوراقه التفاوضية في سلة وسيط واحد. وقد يكون هذا هو السبب وراء المبادرات والتصريحات المتعددة من جهات دولية مختلفة، سواء بدافع ذاتي أو في شكل مبادرات لحل النزاع القائم بين واشنطن وطهران، حيث تبدو الأخيرة غير ممانعة في حلّه، لكنها تستدرج العروض.

في عروض التوسط مع إيران ولأجلها، تبرز تعددية الوسطاء نتيجة كثرة الشروط التي تطالب واشنطن بحلها معها. فعرض الإدارة الأميركية الجديدة واضح وقاسٍ: إما التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وإما الحرب. مما يعني نهاية المرحلة السابقة، أي إنه لا اتفاق بلا مخالب، حيث استطاع الاتفاق السابق تأخير برنامجها النووي، لكنه أطلق يدها استراتيجياً وتوسعياً. وعلى ما يبدو، فإن الاتفاق الجديد قد يحمل سلة شروط لا يمكن فصل بعضها عن بعض إلا من خلال الوسطاء.

في الذهنية التفاوضية الإيرانية، تعدد الوسطاء قد يكون فرصة لفك الارتباط بين الملفات، وقد يساعد على تشتيت الطرف المعنيّ بالنتائج أو المستعجل للوصول إلى نتيجة، أي الرئيس الأميركي دونالد ترمب. لذلك، من المتوقع أن تفصل إيران عبر الوسطاء بين ملفها النووي، ومشروعها الباليستي، ومناطق نفوذها. فالطرف الذي بيده الملف النووي -والأغلب أنه موسكو وفقاً لتصريحات مسؤوليها- قد ينحصر دوره في هذا الملف، بينما قد تدخل دولة عربية أو خليجية على خط مشروع الصواريخ الباليستية لما له من حساسية إقليمية. وقد تكون هذه الدولة على علاقة جيدة بتل أبيب، التي تُعَد المعنية الأولى والأخيرة بهذه الصواريخ. كما قد يدخل طرف ثالث لديه نفوذ في قضايا الجماعات المسلحة الموالية لإيران، لضبطها وإنهاء تهديدها للاستقرار المحلي والإقليمي. ولا يُستبعد أن يتدخل طرف إقليمي وازن يمارس دوراً أكبر من وسيط، بحيث تكون له القدرة على مصالحة إيران نهائياً مع جوارها العربي والإقليمي، وقد ينتزع منها موقفاً ما بشأن حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وقبولها بحل الدولتين.

التفسير المحتمل لرغبة طهران في تعدد الوسطاء هو تعدد مسارات الأهداف، أي تشتيتها، وهذا ما سيُرهق الجميع. تراهن إيران على أنها الوحيدة التي تملك قرار التقدم في ملفٍّ وتأجيل آخر. وهنا قد تنجح خطتها في فرض مرونة تفاوضية مع واشنطن، حيث يدخل عامل كسب الوقت وتقطيع المهل حتى تحصل على بعض التنازلات والأرباح. خصوصاً أنها تدرك جيداً أن الطرف المقابل هو رجل أعمال يبحث عن عقد مربح، بينما هي تحاول التوصل إلى عقود مربحة لها وله أيضاً، ولكن بنسب متفاوتة. أي إن ما يريده الرئيس ترمب بالجملة، قد تعطيه إيران بالمفرّق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران وتعدد الوسطاء طهران وتعدد الوسطاء



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib