حيدر العبادي والخيارات الصعبة

حيدر العبادي والخيارات الصعبة

المغرب اليوم -

حيدر العبادي والخيارات الصعبة

بقلم : مصطفى فحص

العودة الفعلية إلى العراق قد اتخذ٬ حيث بدت خطوات واشنطن واضحة في هذا أميركياً كشفت زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى واشنطن عن أن قراراً في تقديم الدعم الجوي

الاتجاه٬ ففي ظل إدارة ترمب تجاوز الانخراط الأميركي في الحرب على الإرهاب المستوى الذي كان قائماً منذ سنتين٬ الذي كان محصوراً للعراق في حربه على تنظيم داعش٬ إضافة إلى إرسال الخبراء العسكريين لمساعدة القوات المسلحة العراقية في معركة تحرير الموصل٬ لينتقل الآن إلى مرحلة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين٬ ورغبة أميركية بالعودة

الانخراط الميداني الكامل في هذه المواجهة التي تخوضها بغداد ضد هذا التنظيم٬ وهو ما يمكن اعتباره تفعيلاً بعدما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام رئيس الوزراء حيدر العبادي على التزام واشنطن باتفاق الإطار الاستراتيجي٬ السريعة والقوية إلى العراق٬ خصوصاً

الذي ينظم العلاقة مع العراق في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية٬ وهي الفرصة التي استغلها ترمب من أجل توجيه اللوم إلى سلفه باراك أوباما على مغادرته العراق حيث قال: «بالتأكيد لم يكن لنا أن نرحل٬ ما كان يجب أبدا أن نرحل لأن ذلك خلق فراغاً كبيراً سمح لـ(داعش) بالتمدد».

لم يكن «داعش» الحاضر الوحيد على طاولة المباحثات الأميركية العراقية٬ فقد حذر ترمب العبادي من الخطر الذي تشكله طهران على استقرار المنطقة٬ ورعايتها لميليشيات طائفية في كثير من دول المنطقة وفي مقدمتها العراق٬ حيث تسيطر طهران على القرارين السياسي والعسكري لكثير من الفصائل العراقية المسلحة التي تنضوي تحت راية الحشد الشعبي٬ وقد نبهت واشنطن من التداعيات السلبية للتجاوزات التي تقوم بها هذه الفصائل والتي من شأنها أن تضعف موقف الحكومة العراقية٬ إضافة إلى تأثيرها على سمعة الجيش العراقي الذي بات يحظى في الفترة الأخيرة باحترام أغلبية العراقيين٬ باعتباره آخر المؤسسات التي يوجد حولها إجماع وطني٬ وهو ما لا يناسب طهران ولا وكلاءها في بغداد الذين يعرقلون أغلب مشاريع الحكومة العراقية للسيطرة الرسمية على فصائل الحشد الشعبي كافة وربطها بالقوات المسلحة تدريبا وتمويلا٬ تجنباً من أن ينتقل قرارها إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة٬ وهو أمر من المستحيل أن توافق عليه طهران٬ ما دفع بقادة هذه الفصائل إلى الاستعداد لما بعد الموصل٬ حيث سيعود الجيش العراقي إلى بغداد منتصراً٬ انتصاراً سيساعد العبادي في فرض شروطه على القوى السياسية كافة من منطلق حماية الدولة والحفاظ على مصالح المواطنين٬ وهو ما سيحقق له التفافة شعبية تعوض له ما خسره منذ سنتين٬ عندما تردد في تنفيذ مطالب المتظاهرين والقيام بخطوات إصلاحية ومعاقبة الفاسدين٬ مما أدى حينها إلى حالة من الإحباط وسط الشارع العراقي الذي فقد الثقة بحكومته٬ التي لم تكن تملك أوراق قوة تساعدها على الوقوف .

بوجه الأحزاب السياسة الإسلامية الشيعية المدعومة من طهران٬ التي ما زالت تستقوي على الدولة والمواطنين بالميليشيات الطائفية وتهدد استقرار البلاد الهش أصلاً أن ترفض كثير من فصائل الحشد الشعبي الاندماج ضمن مؤسسات الدولة العسكرية وأجهزتها تحديات صعبة سيواجهها حيدر العبادي ما بعد الموصل٬ لم يعد مستبعداً

الأمنية٬ مما يؤدي إلى نشوء كيانات عسكرية ­ سياسية موازية للدولة تقوم مقامها وتنافسها٬ متذرعة بعدم جاهزيتها ­ أي الدولة ­ للقيام بواجباتها في حماية الاستقرار ومكافحة الإرهاب٬ ما سيضعها في مواجهة الجيش العراقي والأجهزة الأمنية٬ التي ستحاول فرض سيطرتها على المناطق العراقية كافة٬ خصوصا تلك التي سيتم استعادتها من يد «داعش»٬ وبحال حاولت تلك الفصائل فرض واقع أمر عسكري وأمني في المدن العراقية٬ خصوصا في العاصمة التي تشهد أحياؤها كثيراً من التجاوزات٬ يصبح احتمال المواجهة بين الطرفين (الجيش والحشد) قائماً ولا مفر منه٬ وهو الأمر الذي سيهدد بصراع شيعي ­ شيعي مسلح بين الجيش الذي يقوده العبادي ويؤيده معظم الشعب العراقي٬ بوجه فصائل من الحشد الشعبي التي ستحاول الدفاع عن امتيازاتها.

ما سيفتح باب التكهنات على مستقبل العلاقات داخل البيت السياسي الشيعي٬ حيث يحظى العبادي بدعم شعبي وغطاء من المرجعية الدينية في النجف وبتأييد أميركي٬ يمكنه من مواجهة خصومه الذين لم يعد أمامهم إلا خياران؛ الأول تسليم السلاح وهو ما تنبه إليه زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر٬ الذي دعا إلى حل جميع الميليشيات٬ وأما الخيار الثاني فهو حمل السلاح بوجه الدولة الذي من المرجح أن يكون دعاته جزءا من أدوات الصراع التي ستستخدمها طهران في مواجهة الضغوط الأميركية عليها في العراق.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حيدر العبادي والخيارات الصعبة حيدر العبادي والخيارات الصعبة



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 11:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

قاليباف... عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان

GMT 17:50 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

ذاكرة لأسفارنا الأليمة

GMT 18:41 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

GMT 17:46 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

طهران ــ تل أبيب... مسار التصعيد

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 21:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تركيا تُعلن استعداد حماس لتسليم حكم غزة إلى لجنة فلسطينية
المغرب اليوم - تركيا تُعلن استعداد حماس لتسليم حكم غزة إلى لجنة فلسطينية

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:46 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

القلق يسيطر علي إدارة اتحاد طنجة بسبب النتائج السلبية

GMT 09:54 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

ديكورات حدائق منزلية صغيرة خارجية مميزة

GMT 08:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرفي على كيفية صنع صبغات شعر طبيعية لتغيير لونه

GMT 07:36 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

"مرسيدس الفئة S" تمثل أفضل سيارة في العالم

GMT 09:53 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

AZZARO WANTED العطر المناسب للرجل الذي لا يعرف المستحيل

GMT 14:11 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أتلتيكو مدريد يلجأ إلى أسلوب ذكي ليحشد الجماهير في الملعب

GMT 07:50 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل المعاطف للشتاء بأسعار معقولة وألوان حيادية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib