بين إنقاذ النّظام العلويّ… وإنقاذ سوريا

بين إنقاذ النّظام العلويّ… وإنقاذ سوريا

المغرب اليوم -

بين إنقاذ النّظام العلويّ… وإنقاذ سوريا

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لا توجد في السياسة هدايا مجّانية. من الآن، يُفترض التفكير في الثمن المطلوب من سوريا دفعه لقاء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الرياض، رفع العقوبات المفروضة على البلد، وهي العقوبات التي تسبّب بها النظام العلوي. ترافق ذلك مع صدور بيان عن البيت الأبيض يشير إلى أنّ الرئيس الأميركي “حضّ” الرئيس السوري أحمد الشرع على الانضمام إلى الاتّفاقات الإبراهيميّة. أشار البيان ذاته إلى أنّ الشرع اكتفى بتأكيد التزام سوريا اتّفاق فكّ الاشتباك مع إسرائيل، وهو اتّفاق يعود إلى أواخر عام 1974.

لم يرِد النظام العلويّ، الذي سقط مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو في الثامن من كانون الأوّل 2024، استعادة الجولان يوماً. كان الاحتلال الإسرائيلي للجولان منذ عام 1967، ضمانة لبقاء النظام الذي وقّع مع هنري كسينجر وزير الخارجية الأميركي ورقة تفاهمات مع إسرائيل. تتضمّن ورقة التفاهمات، التي نُقلت “شفهيّاً” إلى إسرائيل، نقاط الالتقاء التي توصّل إليها كسينجر مع حافظ الأسد. تشمل النقاط  الضمانات الأمنيّة المطلوبة إسرائيليّاً، وذلك تمهيداً للتوصّل إلى اتّفاق لفكّ الاشتباك في الجولان.

نصّت ورقة التفاهمات على أنّ ما تضمّنته الورقة، ذات النقاط الستّ، جزء لا يتجزّأ من اتّفاق فكّ الاشتباك المنوي التوصّل إليه. تمّ التوصّل إلى مثل هذا الاتّفاق بالفعل في أواخر عام 1974.
من الآن، يُفترض التفكير في الثمن المطلوب من سوريا دفعه لقاء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الرياض، رفع العقوبات المفروضة على البلد

العلويّ يتفاهم والسُّنّيّ يوقّع

حملت التفاهمات بين الأسد الأب ووزير الخارجية الأميركي، التي تاريخها 28 أيّار 1974، توقيعَي وزير الخارجية الأميركي ووزير الخارجية السوري عبد الحليم خدّام. هذا يعني بكلّ بساطة أنّ العلويّ كان يتفاهم مع إسرائيل، فيما السنّيّ من يوقّع على التفاهم… أو يلتقي بالإسرائيليين. لا يمكن للعلويّ ارتكاب “فعل خيانة” علناً. “علنيّة الخيانة” متروكة للسنّة من أمثال حكمت الشهابي أو فاروق الشرع اللذين التقيا مسؤولين عسكريّين ومدنيّين إسرائيليين.

تفاوض فاروق الشرع مع إيهود باراك (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وتفاوض حكمت الشهابي مع أمنون شاحاك (رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي) بغية التوصّل إلى اتّفاق يُفضي إلى انسحاب إسرائيلي من الجولان. كانت المفاوضات مجرّد مفاوضات من أجل المفاوضات. بقيت في الأساس التفاهمات التي توصّل إليها كسينجر مع حافظ الأسد، وهي في أساس اتّفاق فكّ الاشتباك السوري – الإسرائيلي الذي يعني قبل كلّ شيء ضمانة إسرائيلية لبقاء النظام العلويّ في سوريا مقابل ضمان هذا النظام للأمن الإسرائيلي في الجولان بموجب عبارات صريحة لا لبس فيها.
كان الاحتلال الإسرائيلي للجولان منذ عام 1967، ضمانة لبقاء النظام الذي وقّع مع هنري كسينجر وزير الخارجية الأميركي ورقة تفاهمات مع إسرائيل

لقاء ترامب – الشّرع مفصليّ

تغيّرت اللعبة في سوريا حاليّاً بعدما دخلت تركيا على الخطّ بقوّة. عاد السُّنّة إلى حكم سوريا، للمرّة الأولى منذ عام 1966، بعدما رفعت إسرائيل الغطاء الذي كانت توفّره لبشّار الأسد والنظام العلويّ. لا شكّ أنّ اللقاء الذي حصل بين الرئيس ترامب والرئيس الشرع، برعاية الأمير محمّد بن سلمان وليّ العهد السعودي، يشكّل منعطفاً في غاية الأهمّية على الصعيد الإقليمي.

يعود ذلك إلى أنّه سبقت اللقاء الذي استضافته الرياض اتّصالات سوريّة ـ إسرائيليّة وأخرى بين وفود أميركيّة زارت دمشق حديثاً. كان أبرز هذه الوفود وفد من زعماء المنظّمات اليهوديّة الأميركيّة على رأسه جوناتان باس الذي يمتلك شركة نفطية أميركيّة. لم يخفِ باس، الذي التقى الرئيس السوري الجديد، في أثناء وجوده في دمشق، أنّ المطلوب انضمام سوريا إلى الاتّفاقات الإبراهيميّة. وُقّعت هذه الاتّفاقات في عام 2020 وكانت بين دولة الإمارات العربيّة المتّحدة والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. أدّت إلى تطبيع كامل للعلاقات الإماراتية الإسرائيلية والبحرينية – الإسرائيليّة.

في وقت لاحق حصل أيضاً تطوير للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهي علاقة من نوع خاصّ في ضوء وجود جالية يهودية مغربيّة كبيرة في إسرائيل. لا يزال يهود المغرب الذين انتقلوا إلى إسرائيل يمتلكون علاقة خاصّة ببلدهم الأصليّ، بما في ذلك الولاء للعرش المغربي كمؤسّسة لم تفرّق يوماً بين مواطن مغربي وآخر.

في استطاعة أحمد الشرع، الذي يتمتّع حاليّاً بشعبيّة كبيرة بين السوريين في ضوء الدور الذي لعبه وليّ العهد السعودي في جعل ترامب يتّخذ قراراً برفع العقوبات، الذهاب بعيداً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. يعود ذلك إلى عوامل عدّة من بينها أنّه زعيم سنّيّ سوري استطاع هزيمة النظام العلويّ المرفوض كلّياً من أكثريّة السوريّين.
عاد السُّنّة إلى حكم سوريا، للمرّة الأولى منذ عام 1966، بعدما رفعت إسرائيل الغطاء الذي كانت توفّره لبشّار الأسد والنظام العلويّ

الأكيد أنّ الوساطة التي تقوم بها دولة الإمارات مع الإسرائيليين ستلعب دوراً مهمّاً في تحديد توجّه الرئيس السوري. يساعد في ذلك أيضاً أنّ تركيا تعرف قبل غيرها أنّ دورها في مجال استفادة شركاتها من إعادة إعمار سوريا رهن رضى إدارة ترامب وما تريده هذه الإدارة التي لم تتردّد في دعوة سوريا إلى الانضمام إلى الاتّفاقات الإبراهيميّة، إضافة إلى تقديم طلبات أخرى.

كما أنور السّادات…

يشبه وضع الرئيس السوري الجديد وضع أنور السادات الذي قرّر في عام 1977 إلقاء خطابه في الكنيست الإسرائيلية تمهيداً لتوقيع معاهدة سلام بين البلدين في آذار 1979. كان السادات يتمتّع وقتذاك بشعبيّة كبيرة في ضوء خوض حرب تشرين أو حرب أكتوبر، وأمّا مصر فكانت تعاني في تلك المرحلة من أزمة اقتصادية عميقة الجذور. بين امتلاك الشعبيّة الكبيرة في ظلّ أزمة اقتصادية عميقة ورفض السنّة في سوريا فكرة عودة العلويّين إلى حكم البلد، توجد مبرّرات كافية لذهاب أحمد الشرع إلى الاتّفاقات الإبراهيمية التي تبدو إدارة ترامب مصرّة عليها.

استخدم بشّار وحافظ الأسد الضمانات التي قدّماها لإسرائيل من أجل المحافظة على النظام العلويّ طوال ما يزيد على نصف قرن. هل يستخدم السنّيّ أحمد الشرع التوصّل إلى اتّفاق مع إسرائيل، بموجب الشروط الأميركيّة الواضحة كلّ الوضوح، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا… وبناء نظام جديد وتثبيت حكمه سنوات طويلة أخرى؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين إنقاذ النّظام العلويّ… وإنقاذ سوريا بين إنقاذ النّظام العلويّ… وإنقاذ سوريا



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib