الرئيسية » تحقيقات

نيويورك ـ سناء المرّ

تعرض الآثار السورية التاريخية للدمار والخراب في الكثير من المواقع الأثرية السورية بفعل الحرب الأهلية، تتمثل تلك المخاطر في الدمار الصريح والواضح لتلك الآثار التاريخية القديمة بفعل القنابل والأعيرة النارية، بالإضافة إلى أعمال الحفر التي يقوم بها اللصوص والانتهازيون الذي يستغلون حالة الفراغ الأمني الذي تعاني منه البلاد، وبالتحديد في مدينة إبلا القديمة التي تقع جنوب مدينة حلب، في المناطق الشمالية الغربية من سورية، والمعروفة حاليًا باسم تل مارديخ.   ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تحقيقًا قالت إن إبلا أو تل مارديخ هو أحد أكثر المواقع الأثرية الشهيرة التي حظيت بالدراسات التاريخية. وأجرت الصحيفة خلال التحقيق مقابلة مع المواطن السوري علي شبلية، وهو أحد مقاتلي المقاومة التي تحارب نظام الرئيس السوري بشار الأسد. كان شبلية يمارس أعمال حفر وتنقيب في تل مارديخ، وأثناء إجراء المقابلة عثر أثناء الحفر على شيء ما أشبه بالعصا الجافة، والتي تحولت إلى تراب بمجرد الضغط عليها بأصابعه، ثم قال "إنها عظام بشرية". وقالت الصحيفة إن التراث الأثري في أنحاء سورية كافة بات معرضًا إلى أخطار جسيمة بسبب الحرب الأهلية. وأشارت الصحيفة إلى القتال الذي يدور عند الآثار الرومانية في مدينة تدمر القديمة التي تقع في وسط سورية، والتي كانت يومًا ما معروفة باسم عروس الصحراء، وكان الجيش السوري أقام سلسلة من الحاميات العسكرية في بعض من أبرز القلاع الأثرية في حلب وحماة وحمص. وأكدت الصحيفة أن مدينة إبلا أو تل مارديخ كانت من قبل بمثابة المكان الذي يقدم الكثير من الآثار الدالة على نشأة الحضارة  السورية الأولى، أما اليوم فقد باتت في خطر بسبب استخدامها كمنطقة حربية. وتطل إبلا على سهول محافظة إدلب، ونشأت قبل خمسة آلاف سنة، وهي محاطة بالجدران والأسوار المحصنة، وكان سكانها يتاجرون في زيت الزيتون والجعة في بلاد ما بين النهرين. ودمرت المدينة في العام 2200 قبل الميلاد قبل أن تعود لتزدهر من جديد بعد قرون عدة ثم عادت لتشهد دمارًا جديدًا. وشهدت المدينة أحدث دمار مع بداية الحرب الأهلية السورية في العام 2011 حيث يتبادل طرفا النزاع القتال بالقرب من الحاميات العسكرية فيها. وقال شبلية إنه يستغل الحاميات في رصد طائرات النظام السوري من الميغ والسوخوي. وأضاف أنه يقوم هو ورفاقه بحماية مدينة إبلا من اللصوص وأعمال نهب الآثار بحثًا عن التحف الفنية لبيعها في السوق السوداء، ومع ذلك فإنه وعلى الرغم من حماية المقاومة للمدينة من الجرافات إلا أن ذلك لم ينجها من الأضرار التي لحقت بها بسبب الحرب وبسبب اللصوص. بل قام شبلية نفسه بالحفر والتنقيب بحثًا عن كنوز الآثار، وتعرف على سراديب تحت الأرض، وعلق على ذلك بقوله "هناك بلد أخرى تحت الأرض"، وقال أيضًا إنه اكتشف الكثير من الجماجم البشرية. ومن المحتمل أن تضم هذه السراديب والقبور الأثرية مجوهرات وكنوزًا أو تحفًا، الأمر الذي جعل من إبلا مثلها مثل مئات المواقع الأثرية في سورية متحفًا أثريًا مفتوحًا في الهواء الطلق، كما جعل منها أيضًا مصدر إغراء للصوص الآثار. واشتهرت المدينة بسراديبها، وخلال فترة الستينات والسبعينات استعادت المدينة رونقها وشهرتها بعد نجاح عالم الآثار الإيطالي باولو ماتاي في الكشف عن أرشيف دولة المدينة الذي كان مدفونًا تحت الأرض، والذي يحتوى على 16 ألف لوح تذكاري من الألواح الحجرية، وكشفت تلك الألواح طبيعة الدولة إداريًا وتجاريًا ودينيًا والحياة اليومية العامة في المدينة. كانت إبلا أهم وأبرز مملكة في عصر 3000 سنة قبل الميلاد وذلك كما يقول عالم الآثار السوري والمؤسس لجميعة حماية آثار سورية شيخ علي، والذي يقوم حاليًا بحصر وتوثيق الآثار السورية التي تعرضت إلى السرقة والضرر، وحل محل التنقيب الدقيق والجيد أخيرًا الحفر غير البارع والسرقات، وهناك أطفال الآن يواصلون الحفر في الأماكن الهادئة في المدينة بحثًا عن التحف الفنية. وعندما شاهد شيخ علي الصورة التي التقطتها صحيفة "نيويورك تايمز" لأعمال الحفر والسراديب في إبلا قال إن بلاده تتعرض إلى عملية تخريب متعمد، من خلال الرمي بالهياكل العظمية عشوائيًا هنا وهناك، وقارن ذلك بمدى الدمار الذي لحق بالآثار في العراق بعد الغزو الأميركي العام 2003. وقال أيضًا "إن حضارة كاملة تنتمي إلى الإنسانية تشهد الآن تدميًرا. ويضيف هو ورئيس هيئة الآثار مأمون عبد الكريم أن "علماء الأثار في طرفي النزاع يناشدون المقاتلين تجنب استخدام المواقع الأثرية القديمة للأغراض العسكرية، وحمايتها من المخربين واللصوص، ومن أعمال السلب والنهب". وتوجد رسالة من 23 مليون مواطن سوري إلى الجنود والمقاتلين تطالبهم بعدم استخدام المواقع الأثرية التي هي تاريخ سورية وتراثها، والتي هي ملك لكل الشعب، بل ملك العالم. وقال مدير هيئة الآثار "إن المشكلة تكمن في أن بعض المناطق تشهد قتالاً عنيفًا، ولا يمكن فعل شيء سوى التوجه بهذه الرسالة إليهم".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وفاة 100 فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية خلال عامين
رحلات غامضة نقلت المئات من غزة إلى دول بعيدة…
أزمة غزة تعيد طرح الدولة الفلسطينية بين تشدد إسرائيلي…
إصلاحات لجوء جديدة في بريطانيا تُلزم اللاجئين بالانتظار 20…
نشر أكثر من عشرين ألف صفحة من ملفات إبستين…

اخر الاخبار

اجتماع ثلاثي في مصر لبحث المرحلة الثانية من اتفاق…
مسؤولة أوروبية تحذر من مصير 160 ألف شخص محاصرين…
إسرائيل تعلن مقتل 5 فلسطينيين في رفح بعد خروجهم…
نتنياهو يدرس إقالة كاتس وتعديل الحقائب الوزارية في إسرائيل

فن وموسيقى

تايلور سويفت تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تتجاوز تأثيرها…
تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في إفتتاح مهرجان أيام…
شيرين تؤكد عودتها إلى جمهورها رغم الطعنات تنفي إعتزال…
إلهام شاهين تتوَّج بجائزة The Best 2025 كأفضل ممثلة…

أخبار النجوم

أحمد سعد يتحدث عن أصعب اللحظات في حفله الأول…
محمد إمام يعلّق على مشاركة حنان مطاوع في مسلسله…
الفنانة ريهام حجاج تطالب بتعديل قانون الطفل لتحقيق العدالة
محمد هنيدي بعلن تأجيل لمسلسل عابدين إلى رمضان 2027…

رياضة

غوارديولا يدخل نادي المائة مع مانشستر سيتي في دوري…
ليونيل ميسي يصل إلى 404 تمريرات حاسمة في مسيرته…
وليد الركراكي يتجه إلى إجراء تغييرات مهمة قبل إعلان…
بوغبا يصف عودته للملاعب مع موناكو بالارتياح والامتنان بعد…

صحة وتغذية

حبوب الشعير الكاملة لتعزيز الصحة وخفض الكوليسترول
علماء معهد ماساتشوستس يبتكرون طريقة لإعادة البصر لمرضى كسل…
دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب
نجاح تجربة لعلاج سكر النوع الأول بزراعة الخلايا الجذعية

الأخبار الأكثر قراءة

وقف إطلاق النار يرسم مشهدا جديدا في المنطقة ومصر…
تحذير السيسي لإثيوبيا يعيد الخيار العسكري إلى الواجهة
فرحة ناقصة في الضفة الغربية بعد الإفراج عن الأسرى…
شرم الشيخ تستضيف قمة حاسمة للسلام ترامب والسيسي يقودان…
مركز طبي ليبي يعلن انتشال 61 جثة لمهاجرين غرب…