شرم الشيخ - المغرب اليوم
في حدث سياسي بارز يتجه أنظار العالم إليه، تستعد مدينة شرم الشيخ المصرية، اليوم الإثنين، لاستضافة قمة دولية استثنائية تجمع قادة وزعماء أكثر من عشرين دولة، بهدف التوقيع على اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبدء المرحلة التالية من خطة السلام الأميركية التي تحظى بدعم إقليمي ودولي واسع.
تأتي هذه القمة بدعوة من مصر والولايات المتحدة، وسط جهود متسارعة لإعادة الاستقرار إلى قطاع غزة بعد حرب دامية استمرت لعامين، وأودت بحياة عشرات الآلاف، وأدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية في القطاع. وتنطلق أعمال القمة برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترامب، الذي يصل إلى مصر ظهر اليوم قادماً من إسرائيل، حيث ألقى خطاباً في الكنيست، والتقى عدداً من المسؤولين الإسرائيليين وعائلات الرهائن الذين أُفرج عنهم مؤخراً من غزة.
تنعقد القمة وسط استعدادات لوجستية وأمنية مكثفة في المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، التي شهدت على مدار السنوات الماضية عدداً من المؤتمرات الدولية الكبرى، فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن ترامب سيعرض خلال القمة المرحلة الثانية من مبادرته للسلام، والتي تشمل ترتيبات ما بعد الحرب، ومن ضمنها خطة لإعادة إعمار غزة، وضمان أمن إسرائيل، ونشر قوة دولية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار.
وقد أكدت العديد من الدول مشاركتها في القمة، من بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا وإيطاليا وإسبانيا وباكستان، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
في المقابل، يبرز غياب كل من إسرائيل وحركة حماس عن مراسم التوقيع. فقد أكدت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل "لن ترسل أي ممثل لها" إلى قمة شرم الشيخ، فيما صرحت حركة حماس أنها لن تشارك في مراسم التوقيع رغم موافقتها على الصفقة.
ويُتوقع أن تُوقّع في القمة وثيقة رسمية تضمن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، من قبل الدول الضامنة، وعلى رأسها الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا. وتهدف الوثيقة إلى ضمان دخول الاتفاق حيّز التنفيذ الكامل، مع ترتيبات أمنية تضمن منع تجدد القتال، وتأمين المساعدات الإنسانية، وبدء مرحلة إعادة الإعمار.
وفي سياق متصل، تتهيأ المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس، حيث سيتم الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين، مقابل إطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين. ووفقاً لمصادر دبلوماسية تحدثت لوسائل إعلام دولية، تشمل الصفقة الإفراج عن نحو 250 سجيناً من ذوي الأحكام العالية، بالإضافة إلى 1700 معتقل تم احتجازهم بعد اندلاع الحرب.
وقد أكدت حركة حماس أنها ستبدأ بالإفراج عن 20 من الرهائن الأحياء المحتجزين في غزة، بالتزامن مع الإفراج الإسرائيلي، فيما تُقدّر السلطات الإسرائيلية أن هناك 48 محتجزاً ما زالوا في غزة، من بينهم 20 على الأقل تؤكد تل أبيب أنهم أحياء.
الرئيس ترامب، الذي وصف زيارته إلى المنطقة بـ"التاريخية"، قال في تصريحات صحفية إنه يعتبر اتفاق غزة "أعظم إنجازاته السياسية"، معتبراً أن مشاركة هذا العدد الكبير من قادة العالم في القمة "تأكيد على أن العالم موحد حول رؤية السلام".
ومن المقرر أن يتم خلال القمة تكريم ترامب بمنحه "قلادة النيل"، أرفع وسام مصري، تقديراً لجهوده في وقف الحرب ودفع مسار السلام، وفق ما أعلنه السفير محمد الشناوي المتحدث باسم الرئاسة المصرية.
بينما تستعد شاحنات المساعدات الإنسانية للمغادرة من العريش باتجاه معبر رفح، تتجه الأنظار إلى شرم الشيخ، حيث يأمل ملايين الفلسطينيين أن تكون هذه القمة بداية حقيقية لمرحلة جديدة تنهي الحرب، وتفتح الطريق أمام إعادة الإعمار، واستعادة الحياة الطبيعية في غزة.
وفي ظل الزخم السياسي الدولي غير المسبوق، يبقى التحدي الأبرز في مدى التزام جميع الأطراف بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه، وتحقيق تسوية سياسية مستدامة تضمن أمن الجميع، وتضع حداً لمعاناة سكان غزة التي استمرت لسنوات طويلة.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
مكتب نتنياهو يعلن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يحضر قمة شرم الشيخ بسبب العيد