الرئيسية » تحقيقات

طهران - المغرب اليوم

في ظل تزايد الشكوك المتبادلة، وتحركات ميدانية تعكس تصعيدا صامتا، تدخل العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن خلفها واشنطن، منعطفا حادًا، هو الأخطر منذ سنوات.

فبعد الضربات الأميركية والإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية في يونيو، يتأهب وفد من الوكالة لزيارة طهران خلال أسبوعين، وسط أجواء مشحونة تنذر بما هو أكثر من مجرد خلاف تقني حول التخصيب والمراقبة.

الزيارة المرتقبة تأتي بعد إعلان المدير العام للوكالة الدولية، رافاييل غروسي، عن استئناف المحادثات الفنية مع إيران. إلا أن الأخيرة، وفقًا لردود أفعالها السياسية والتشريعية، لا تعتبر ذلك "عودة طبيعية" للعلاقات، بل تراه خطوة مؤقتة في سياق أزمة أعمق.

ففي خطوة لافتة، أقر البرلمان الإيراني قانونًا يقيد صلاحيات الوكالة على الأراضي الإيرانية، ويشترط موافقة "المجلس الأعلى للأمن القومي" على أي عمليات تفتيش مستقبلية. وهو ما يشير إلى رغبة طهران في إعادة تعريف العلاقة مع الوكالة، ليس بصفتها هيئة رقابة فنية محايدة، بل طرفًا سياسيًا يجب التعامل معه بحذر.

وفي تطور موازٍ، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصعيد لهجته تجاه إيران، متهمًا إياها بإرسال "إشارات سيئة ومقلقة جدًا"، ومهددًا بأن أي تحرك نووي جديد "سيرد عليه بقوة وعلى الفور".

تصريحات ترامب، وفقًا لما أورده المحلل الخاص محمد صالح صدقيان في مقابلة مع برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية"، تعكس "عقلية مشروطة" تحاول فرض رؤى أحادية على طهران، وهو ما ترفضه الأخيرة رفضًا قاطعًا.

يقول صدقيان إن ترامب كان يأمل أن تستجيب إيران خلال المهلة غير المعلنة التي أعقبت ضرباتها، إلا أن طهران لا ترى نفسها "تحت الوصاية" ولا تعترف بشروط تفرض خارج إطار الاحترام المتبادل. ويضيف: "هناك أزمة ثقة عميقة بين الطرفين، تأصلت منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، ولا تزال تلقي بظلالها على أي محاولة تفاوض جديدة".

الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعربت مؤخرًا عن قلق بالغ حيال مصير نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، بعضها بنسبة 60%، ما يضعه ضمن "العتبة الفنية" لتطوير سلاح نووي، إن وُجدت النية لذلك.

إيران تنفي بشكل قاطع سعيها لحيازة قنبلة نووية، وتؤكد أن برنامجها محض سلمي، وتخضع منشآتها للتفتيش رغم القيود. وفي الوقت ذاته، تلوّح بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي في حال استُخدمت آليات مثل "الزناد" أو "سناب باك" لإعادة فرض عقوبات دولية، وهو ما قد يحدث الشهر المقبل إن مضت الأطراف الأوروبية نحو التصعيد.

الجمود الحالي لا يقتصر على العلاقة بين طهران والوكالة، بل يمتد إلى المسار التفاوضي الأوسع مع الولايات المتحدة. المفاوضات غير المباشرة توقفت منذ اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، ولا توجد خطط لاستئنافها، رغم تأكيد إيران على استعدادها لذلك إذا اقتضت المصلحة الوطنية.

ويؤكد صدقيان أن إيران لم تعد تثق في جدوى المفاوضات إن لم تُبنَ على قاعدة "رابح-رابح"، مع احترام المصالح والسيادة. ويضيف: "الجولات الخمس التي جرت مع مندوب ترامب للشرق الأوسط، سيبويه كوب، فشلت لأن طهران لم ترَ فيها لا المصالح المشتركة ولا الاحترام المتبادل".

أما فيما يتعلق بمخزون اليورانيوم، فتقول طهران إنها قدمت بالفعل مقترحات لتسوية موضوع التخصيب المرتفع، لكن ذلك مشروط برفع العقوبات، وهو ما تعتبره "عنصرًا جوهريًا في أي اتفاق ممكن".

الجانب الأوروبي، الذي لا يمتلك الكثير من هامش الحركة – وفقًا لصدقيان – قد يكون الوسيط الوحيد القادر على إعادة فتح القنوات بين طهران وواشنطن. لكن تفعيل آلية الزناد لفرض العقوبات قد يدفع إيران للانسحاب من معاهدة عدم الانتشار، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تصعيدا، وربما يهدد بسباق تسلح إقليمي.

ويضيف صدقيان: "إيران تعتبر أن الخسائر التي تعرضت لها منشآتها النووية لا تلغي جوهر البرنامج، بل تعزز من قناعته بأنه مشروع وطني لا يمكن التخلي عنه. وإذا استمر الضغط دون مخرج سياسي واضح، فإن احتمالات التصعيد سترتفع، وقد نكون أمام أزمة تتجاوز حدود البرنامج النووي".

في ظل هشاشة المشهد الإقليمي وتزايد التهديدات، تتجه أزمة البرنامج النووي الإيراني نحو منعطف مصيري. ما بين التفتيش المقيّد، والمخاوف من التخصيب المرتفع، والتصعيد السياسي من واشنطن، تظل فرص العودة إلى طاولة التفاوض رهينة معادلة دقيقة: ضمان المصالح الإيرانية مقابل رقابة فعالة، وضمانات غربية مقابل تهدئة حقيقية. وحتى ذلك الحين، تظل المنطقة فوق صفيح نووي ساخن.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

 عراقجي يروي تفاصيل محاولة اغتياله خلال حرب إيران وإسرائيل

 غزة على شفا المجاعة وثلث السكان بلا طعام لأيام والمفاوضات في طريق مسدود

 

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

استطلاع يظهر تزايد تأثير أفكار الإخوان بين مسلمي فرنسا
وفاة 100 فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية خلال عامين
رحلات غامضة نقلت المئات من غزة إلى دول بعيدة…
أزمة غزة تعيد طرح الدولة الفلسطينية بين تشدد إسرائيلي…
إصلاحات لجوء جديدة في بريطانيا تُلزم اللاجئين بالانتظار 20…

اخر الاخبار

الحكومة المغربية تدعو النقابات للحوار حول إصلاح أنظمة التقاعد
إجتماع الحكومة المغربية لبحث إصلاحات قانونية وإتفاقات عسكرية وتعيينات…
عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس شرطة الأمم المتحدة لبحث…
الملك محمد السادس يهنئ رئيسة سورينام بمناسبة العيد الوطني…

فن وموسيقى

تايلور سويفت تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تتجاوز تأثيرها…
تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في إفتتاح مهرجان أيام…
شيرين تؤكد عودتها إلى جمهورها رغم الطعنات تنفي إعتزال…
إلهام شاهين تتوَّج بجائزة The Best 2025 كأفضل ممثلة…

أخبار النجوم

بسنت شوقي تشيد بأداء محمد فراج في "ورد وشيكولاتة"…
أحمد سعد يتحدث عن أصعب اللحظات في حفله الأول…
محمد إمام يعلّق على مشاركة حنان مطاوع في مسلسله…
الفنانة ريهام حجاج تطالب بتعديل قانون الطفل لتحقيق العدالة

رياضة

كاراغر يهاجم محمد صلاح ويرى أنه يركز على العقود…
غوارديولا يدخل نادي المائة مع مانشستر سيتي في دوري…
ليونيل ميسي يصل إلى 404 تمريرات حاسمة في مسيرته…
وليد الركراكي يتجه إلى إجراء تغييرات مهمة قبل إعلان…

صحة وتغذية

أطعمة شائعة قد تصبح خطرة عند إعادة تسخينها
حبوب الشعير الكاملة لتعزيز الصحة وخفض الكوليسترول
علماء معهد ماساتشوستس يبتكرون طريقة لإعادة البصر لمرضى كسل…
دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب

الأخبار الأكثر قراءة

تقرير يشير إلى أن إسرائيل تأمل أن يمنحها وقف…
وقف إطلاق النار يرسم مشهدا جديدا في المنطقة ومصر…
تحذير السيسي لإثيوبيا يعيد الخيار العسكري إلى الواجهة
فرحة ناقصة في الضفة الغربية بعد الإفراج عن الأسرى…
شرم الشيخ تستضيف قمة حاسمة للسلام ترامب والسيسي يقودان…