بعد انسداد أفق الحرب هل تنتصر الدبلوماسية في اليمن

بعد انسداد أفق الحرب.. هل تنتصر الدبلوماسية في اليمن؟

المغرب اليوم -

بعد انسداد أفق الحرب هل تنتصر الدبلوماسية في اليمن

عريب الرنتاوي


لم تشأ سلطنة عمان الانضواء تحت راية “عاصفة الحزم”، مع أنها دولة خليجية أساسية، ودولة جارة لكل من السعودية واليمن والإمارات ... آثرت كدأبها في السياسة الخارجية على ترك مسافة واضحة عن المتحاربين على ضفتي الصراع ... هذا الموقف لم يثر ارتياح السعودية، قائدة التحالف العربي – السنّي في هذه الحرب، بيد أنه لم يستدع غضباً سعودياً أو خليجياً صاخباً على الدولة العضو في مجلس التعاون الخليجي، فما هي الأسباب الكامنة وراء ردة الفعل الهادئة الخليجية على الموقف العُماني؟
في ظني أن دول الخليج، اعتادت في حقل السياسة الخارجية، أن ترى موقفاً عُمانياً مغايراً ... السلطنة لم تقطع مع مصر ولم تقاطعها زمن كامب ديفيد، وهي لم تذهب إلى قطيعة مع نظام صدام حسين حين قاتله كثيرٌ من العرب، والسلطنة لم تقطع مع النظام السوري برغم قرارات مجلس التعاون والجامعة وحتى مجلس الأمن ... علاقات مسقط مع إيران ظلت “فوق طبيعية” حتى في زمن احتدام حروب المذاهب والأدوار والزعامة التي تشهدها المنطقة ... هي إذن، سياسة ثابتة، تقترب من أن تكون مبدأ راسخاً في السياسة الخارجية.
وفي ظني أيضاً، وهنا يتعين التذكير بأن ليس كل الظن إثم... أن السعودية، ومن ورائها دول خليجية عدة، لا تسقط من حساباتها احتمال “احتياجها” لوساطة عُمانية في “مرحلة ما” من مراحل تطور حربها على خصومها اليمنيين ... مسقط أكثر من أي عاصمة أخرى، يمكن أن تكون ساحة تلاقي لـ “الإخوة الأعداء” في اليمن، فهي على علاقة جيدة مع الجميع، ولم تظهر موقفاً عدائياً لأي فريق لصالح فريق آخر.
المغرد السعودي الأشهر “مجتهد”، الذي اكتسبت تغريداته درجة كبيرة من الصدقية، كشف في آخر تغريداته عن “وساطة عُمانية” بين الرياض والحوثيين ... وذهب بعيداً في الحديث عن بعض تفاصيله، منها:
(1) أن المملكة لا تمانع في مشاركة الحوثيين في مجلس رئاسي انتقالي لليمن، برئاسة شخصية مقبولة من معظم الأطراف، هنا يوكد “مجتهد” على أن خالد البحاح الذي عُين مؤخراً نائباً للرئيس، ربما يكون هذه الشخصية، وهو لم يعرف عنه عدائه الشديد أو صداقته اللصيقة بالحوثيين، بل أن المغرد السعودي، رأى أن قرار تعيينه، إنما يمهد لصفقة محتملة قادمة.
(2) أسفرت الوساطة العُمانية عن توافق على احتفاظ الحوثيين بأماكن انتشارهم العسكري، والكف عن مطالبتهم بالعودة إلى جبال صعدة الجرداء وتسليم أسلحتهم ... كل ما الأمر، أن السعودية تطلب إليهم إخلاء مراكز المدن الجنوبية فقط، وهم ما زالوا على رفضهم لهذا الاقتراح ... المسألة قيد البحث كما يقول صديقنا الـ “المجتهد”.
(3) يعتقد “مجتهد” أن الصفقة تتضمن تمويلاً سعودياً سخياً للتنمية في مناطق الحوثيين، تندرج في سياق “إعادة إعمار اليمن”، شريطة أن يلتزم الحوثيون بالاتفاق قيد البحث، والذي من المتوقع في حال إنجازه، أن يتحول إلى مجلس الأمن، ليصدر بشأنه قراراً ملزماً لكافة الأطراف، يعتبر مخرجاً للجميع .
واحدة من مشكلات هذا التصور حول المخرج السياسي للاستعصاء اليمني، أن بنوده إن صحت، تصب جميعها تقريباً في صالح الحوثيين ... أي أننا نتحدث عن صفقة غير متوازنة على الإطلاق ... مصدر المعلومات يعتقد أن انسحاب الحوثيين من مراكز المدن الجنوبية، خصوصاً عدن، يمكن أن يصور على أنه نصرٌ للسعودية و”عاصفة الحزم”، فيما يصر الحوثيون من جانبهم على الخروج من الحرب بمظهر المنتصر كذلك، أو أقله غير المهزوم .... الدبلوماسية لن تعجز عن اجتراح صيغة، يفسرها كل طرف بوصفها إنجازاً صافياً ونصراً مبيناً له بعد كل هذه المعارك والتضحيات.
خلف اللغة الصارمة الرائجة، لا تتوقف الدبلوماسية” عن فعل فعلها ... وخلف صيحات الحرب وقرع طبولها، ثمة ضغوط سياسية ودبلوماسية وإنسانية كثيفة لإنهاء هذه الحرب المفتوحة بلا طائل ... وثمة حدود لما يمكن أن تصل إليه صيحات التجييش ودعوات القتال، سيما في ضوء انفضاض كثير من الحلفاء عن الفعل الميداني الملموس، واكتفائهم بعبارات التعاضد والتضامن عن بعد، والتي لا تساوي شيئاً في ميادين القتال ولا تؤثر على سير المعارك ومالاتها.
لا حل عسكرياً لأزمة اليمن، هذا ما تؤكد عليه مختلف القوى الوازنة ... والأولوية في الإقليم والعالم هي للحرب على الإرهاب والقاعدة، وليس للحرب على الحوثيين، هذا ما يتجه إليه إجماع العالم والإقليم ... والحرب في اليمن، ألحقت ضرراً بيّناّ بالحرب على الإرهاب، هذا ما تستشعره الدوائر الأمنية والسياسية والدبلوماسية ذات الصلة ... فهل يعقل أن تستمر هذه الحرب الممتدة للأسبوع الرابع، بلا أفق ولا خط نهاية واضح ومحدد؟!
“عاصفة الحزم” تكاد تستنفذ طاقاتها، وأثرها على الأرض ما زال محدوداً بل ومحدوداً للغاية ... لكن في المقابل، لا يبدو أن شروط الحل السياسي قد نضجت تماماً بعد... ومع أن مرور الزمن، يعمل لصالح التسويات والحلول السياسية، وليس لصالح خيار المواجهة والتصعيد ... فإن السؤال الذي سيظل عالقاً إلى حين هو: ما هي شروط هذا الحل ومواصفاته؟ ... “مجتهد” اجتهد في تقديم قراءاته، وهي وإن كانت صعبة على الابتلاع، إلا أنها قد لا تكون بعيدة عن الحقيقة، فلننتظر لنرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد انسداد أفق الحرب هل تنتصر الدبلوماسية في اليمن بعد انسداد أفق الحرب هل تنتصر الدبلوماسية في اليمن



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 08:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
المغرب اليوم - الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib