بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ

بارّاك للّبنانيّين: تعلّموا من الحدث السّوريّ!

المغرب اليوم -

بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

خلاصة كلام المبعوث الأميركي توم بارّاك أنّ “الحزب” مشكلة لبنانية وأنّ لبنان يستطيع، في حال امتلاكه ما يكفي من الإرادة، اللحاق بالقطار الذي اسمه التحوّلات التي تشهدها المنطقة، لأنّه يمتلك ما يسمح له بذلك. قدّم بارّاك هدايا عدّة لـ”الحزب” بدءاً بالتساؤل: “أليس حزباً سياسيّاً في لبنان؟ هل تعتقدون أنّ دولة أخرى ستقوم بحلّ حزب سياسي في دولة تتمتّع بالسيادة؟ هذه مشكلتكم عليكم حلّها”.

وضع بارّاك الكرة في الملعب اللبناني عن قصد. تجاهل، عن سابق تصوّر وتصميم، ما يعرفه أيّ طفل لبناني، أي أنّ “الحزب” ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني. اعترف بذلك الراحل حسن نصرالله الذي قال صراحة، قبل سنوات قليلة في تاريخ لم يمرّ عليه الزمن، إنّ كلّ ما لدى “الحزب”، بما في ذلك “معاشاتنا”، يأتي من “الجمهوريّة الإسلاميّة”.

ليست صدفة إشارة المبعوث الأميركي غير مرّة، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في القصر الجمهوري، إلى الوضع السوري. تحدّث عن عمق التغيير في سوريا من جهة، وعن أنّ على لبنان أخذ العلم بذلك من جهة أخرى. من الواضح أنّ بارّاك ينظر إلى لبنان من زاوية إقليمية. يرى أنّ اللعبة الدائرة في المنطقة تتجاوز لبنان. هذا على الأقلّ ما يبدو أنّه يراه من منظار وجوده في أنقرة سفيراً للولايات المتّحدة فيها، وأنّه مبعوث رئاسي إلى سوريا، وبالتالي إلى لبنان، في الوقت ذاته.

أزاح بارّاك مورغان أورتاغوس المبعوثة السابقة للإدارة الأميركية إلى لبنان. بات ملفّ لبنان في جيبه بعدما تولّى بنفسه رفع العلم الأميركي لدى إعادة فتح سفارة الولايات المتّحدة في دمشق. ترسم كلّ حركة من تحرّكات توم بارّاك رمزاً ما لا يمكن فكّه أو فهم أبعاده من دون النظر إلى اللعبة الإقليمية ككلّ.

لم يكن فرار بشّار الأسد إلى موسكو حدثاً عاديّاً بمقدار ما أنّه تحوّل تاريخي على مستوى المنطقة كلّها
بيانان سوريّ وإسرائيليّ

فيما كان المبعوث الأميركي في بيروت، كان الرئيس السوري أحمد الشرع في أبو ظبي، عرّابة الاتّفاقات الإبراهيمية في المنطقة. وكان هناك بيانان أحدهما إسرائيلي والآخر سوريّ. تحدّثت إسرائيل عن اعتقال مجموعات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني في جنوب سوريا على يد مجموعة كوماندوس تسلّلت إلى داخل سوريا. تحدّثت سوريا بدورها عن أسر مجموعة أخرى من العناصر التابعة لـ”الحرس الثوري” في البوكمال وهي نقطة حدودية سوريّة – عراقيّة.

سبق لجوناتان باس، رجل الأعمال الأميركي، الذي زار دمشق قبل فترة قصيرة على رأس وفد من زعماء المنظّمات اليهودية الأميركيّة، أن كتب في صحيفة تصدر في نيويورك اسمها “جويش كرونيكل”، أنّ أحمد الشرع قال له أثناء لقاء بينهما إنّ “لدى سوريا وإسرائيل أعداءً مشتركين”. لم يصدر عن دمشق ما ينفي هذا الكلام. كوفئ أحمد الشرع على سلوكه الذي وضع مصلحة بلده فوق أيّ مصلحة أخرى، برفع “هيئة تحرير الشام” من القائمة الأميركيّة لـ”المنظّمات الإرهابية الأجنبيّة”.

الحزب

لم يخفِ الشرع في لقاء مع مسؤول لبناني كبير نوعاً من الإعجاب بالسادات وتفهّمه لِما قام به بدءاً بزيارة القدس في تشرين الثاني 1977 وصولاً إلى توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في آذار 1979.

لا هدايا مجّانيّة

لا وجود لهدايا مجانيّة في عالم السياسة. صحيح أنّ توم بارّاك سعى إلى إعطاء تطمينات إلى “الحزب” في شأن مستقبله السياسي، مشيراً، بطريقة غير مباشرة، إلى أنّ تسليمه سلاحه لا يعني شطبه من المعادلة السياسيّة اللبنانيّة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المبعوث الأميركي بعث برسالة واضحة إلى لبنان واللبنانيّين جميع اللبنانيين. فحوى الرسالة أنّ عليكم النظر إلى ما يدور في سوريا وكيف تتطوّر الأوضاع فيها بغية تحقيق الهدف المطلوب، أي الوصول إلى تسوية على مراحل مع إسرائيل.

سيحتاج “الحزب”، من دون شكّ، إلى بعض الوقت لاستيعاب أبعاد الحدث السوري ومعنى سقوط الدولة العلويّة
عاجلاً أم آجلاً، ليس أمام “الحزب” سوى استيعاب رسالة بارّاك… إلّا إذا كان يبحث، بطلب إيراني، عن ضربة إسرائيلية له وللبنان. سيحتاج “الحزب”، من دون شكّ، إلى بعض الوقت لاستيعاب أبعاد الحدث السوري ومعنى سقوط الدولة العلويّة التي استمرت من 23  شباط 1966 (الانقلاب الذي قاده صلاح جديد وحافظ الأسد) إلى 8 كانون الأوّل 2024.

لم يكن فرار بشّار الأسد إلى موسكو، يومذاك، حدثاً عاديّاً بمقدار ما أنّه تحوّل تاريخي على مستوى المنطقة كلّها. ليس خروج إيران من سوريا مزحة. ولا يمكن الاستخفاف بالدور المحوريّ الذي لعبته تركيا على صعيد التعجيل في حصول التغيير السوري عن طريق “هيئة تحرير الشام”. لا يمكن أخيراً تجاهل الثقل السعودي، إقليميّاً، في مرحلة ما بعد رحيل إيران عن سوريا وما حصل داخل إيران نفسها، ولا الدورين الإماراتي والقطري في ما يخصّ التحوّلات التي تشهدها المنطقة كلّها… من المحيط إلى الخليج.

عصا غليظة للفهم

تبقى نقطة أخيرة من المفيد التوقّف عندها. تتعلّق هذه النقطة بما إذا كانت إسرائيل على استعداد لتفهّم موقف توم بارّاك من ضرورة إعطاء “الحزب” الوقت الكافي للتخلّي عن سلاحه في كلّ لبنان.

 

اللافت أنّ الضربات الإسرائيليّة زادت مع وجود توم بارّاك في بيروت. كانت هذه الضربات، التي شملت أهدافاً في البقاع، بمنزلة عصا غليظة قد تساعد “الحزب”، ومن خلفه إيران، على فهم رسالة المبعوث الأميركي. تعني الرسالة، بين ما تعنيه، أنّ لبنان لا يستطيع السماح لنفسه، في حال كان يريد استعادة أراضيه التي تحتلّها إسرائيل ومباشرة إعادة إعمار قرى الجنوب، البقاء خارج الخطّ السوري الذي أخذ أحمد الشرع إلى أبو ظبي يوم عودة توم بارّاك إلى بيروت لتسلّم الردّ اللبناني على ورقته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ بارّاك للّبنانيّين تعلّموا من الحدث السّوريّ



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib