العلاقات الأردنية –الفلسطينية و«مخــاوف النـســـور»

العلاقات الأردنية –الفلسطينية و«مخــاوف النـســـور»

المغرب اليوم -

العلاقات الأردنية –الفلسطينية و«مخــاوف النـســـور»

عريب الرنتاوي

 لافت وغير مسبوق، أقله منذ عقد من الزمان، ذاك التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور للإذاعة الإسرائيلية، وعبر من خلاله عن “خشية” الأردن من مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، تنتهي إلى “اتفاق هزيل” مثل اتفاق أوسلو ... أما مصدر “الغرابة” و”الإثارة” في التصريح، فيكمن فيما يستبطنه من دلالات عن العلاقة بين عمان ورام الله، وأشياء أخرى سنأتي على ذكرها. التصريح يعكس أولاً، حالة من “انعدام الثقة” بين الجانبين، فرئيس الوزراء ليس واثقاً تماماً من أن الجانب الفلسطيني يطلع الأردن على ما يدور في أروقة التفاوض وقنواته، خصوصاً الخلفية منها ... السلطة تنفي وجود مثل هذه القنوات أصلاً، وتصريح النسور يشف عن “عدم يقين” أردني من صدقية “النفي” الفلسطيني المتكرر ... هل هناك قناة أو قنوات خلفية للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، سؤال برسم السلطة، التي لم تغادر مربع الرهان على خيار المفاوضات، برغم كل الضجيج المحيط بالمسألة. والتصريح ينم ثانياً، عن “عدم ثقة” بالمفاوض الفلسطيني، ومدى التزامه بهدف الوصول إلى “اتفاقٍ مرضٍ” لجميع الأطراف، وبالأخص الجانب الأردني، الذي يرى أن له مصالح استراتيجية وعميقة في مختلف ملفات الحل النهائي للفلسطينية من الحدود والقدس والمقدسات، مروراً بالمياه وليس انتهاء بملف اللاجئين الشائك ... الخشية من الوصول إلى “اتفاق هزيل” تعني أردنياً، اتفاق يتنكر لمصالح الأردن في الحل النهائي أو لا يحترمها كما ينبغي، اللهم إلا إذا كانت ثقة الرئيس بمدى التزام المفاوض الفلسطيني بالسعي لانتزاع حقوق شعبه الوطنية، مهتزّة إلى هذا الحد. والتصريح يعرض ثالثاً، لوجهة نظر أردنية رسمية غير رائجة، ترى أن اتفاق أوسلو، حجر الزاوية في عملية السلام وقيام السلطة وما أعقبها وترتب عليها من مؤسسات وسياسات واتفاقات، هو “اتفاق هزيل”، نخشى أن يتكرر ثانية ... نعرف أن الأردن فوجئ بأوسلو، وانتقده في بادئ الأمر، لكننا لم نعرف أن الأردن لديه هذه النظرة المكتومة للاتفاق... نعرف أن أكثر ما أزعج الأردن، هو إدارة كل هذه المفاوضات والتوقيع على الاتفاق، من دون علمه أو استشارته، حتى فيما يعنيه من قضايا وملفات ... بيد أن الأردن، عاد وسارع إلى دعم الاتفاق وما ترتب عليه وأعقبه، وتعامل مع السلطة المنبثقة عنه، ووطد معها علاقات وثيقة، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة. والتصريح يكشف رابعاً، عمّا سبق لمصادر عديدة أن تحدثت به، ألا وهو أن العلاقات الأردنية – الفلسطينية ليست في أحسن أحوالها، وأنها تمر بمرحلة من “الفتور” حتى لا نزيد أو نتزيّد ... أهم الدلائل والمؤشرات على هذه الحالة، غياب “القمم” الأردنية – الفلسطينية، التي لم يكن يمضي شهر واحد، دون انعقاد واحدةٍ منها ... المصادر تتحدث عن تباين أردني – فلسطيني في شأن إدارة الملف الفلسطيني في الأمم المتحدة، وتحديداً في مجلس الأمن. تصريحات رئيس الوزراء، لا تعني للحظة، ولا يجب أن تُقرأ على أن الأردن قد أسقط من حساباته “خيار التفاوض” بين الجانبين، أو أنه “نفض يديه” من طريق المفاوضات ومساعي عملية السلام ... هنا يبدو الأردن أكثر إصراراً من السلطة ذاتها، على الاستمساك بهذا الطريق واعتماد هذا الخيار، حتى وإن تبلورت قناعة راسخة لدى شرائح واسعة من المسؤولين وصنّاع القرار، بأن حظوظ المفاوضات والتسوية السياسية، باتت ضئيلة للغاية، إن لم نقل معدومة تماماً ... الأردن، مثل السلطة الفلسطينية، لا يملك “خطة ب” للتعامل مع سيناريو انهيار عملية السلام وانتفاء خيار “حل الدولتين” وتآكل فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، تشكل خط الدفاع الأول عن الأردن، أمناً واستقراراً وهوية وطنية وكياناً مستقلاً. بهذا المعنى، لا يمكن النظر إلى الخلاف الأردني – الفلسطيني، بوصفه ذي طبيعة استراتيجية، نحن نتحدث عن خلاف في التكتيك لا أكثر ولا أقل ... فالعلاقة بين الجانبين، انتعشت بعد إقرار كل منهما بأن “الأردن أردن، وفلسطين فلسطين”، وهذه العلاقة توطدت على أرضية التقاء واسع وعميق في المواقف من ملف المفاوضات وعملية السلام، فضلاً عن مروحة واسعة من المواقف المشتركة حيال أزمات الإقليم وتحالفاته ومحاوره. وأحسب أن “سيناريو المفاوضات المكتومة في أوسلو” ليس مرجحاً للتكرار من جديد، الرئيس محمود عباس، أكثر من الرئيس الراحل ياسر عرفات، يولي العلاقة مع عمّان أهمية استراتيجية مُقررة، وهو متحرر بخلاف سلفه، من “مخاوف” الصراع على التمثيل الفلسطيني، يساعده على ذلك، أن الملك عبد الله الثاني، أظهر منذ اليوم لتوليه مقاليد العرش، التزاماً كبيراً بنظرية “الأردن أردن وفلسطين فلسطين”، الأمر الذي تسبب في “إراحة” العلاقة بين الجانبين، وعلى نحو غير مسبوق كذلك. لا يعني ذلك، أن السلطة لن تطرق كل باب أو “تنبش” تحت كل حجر بحثاً عن فرصة تفاوضية جديدة، لكنها على الأرجح، لن تفعل ذلك من وراء ظهر الأردن، فهي لا تمتلك ترف المقامرة بعلاقاتها مع عمان، رئتها ومنفذها الوحيدين، وهي التي تشهد عن كثب، المصائر البائسة لإقدام حماس على المقامرة بعلاقاتها مع القاهرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاقات الأردنية –الفلسطينية و«مخــاوف النـســـور» العلاقات الأردنية –الفلسطينية و«مخــاوف النـســـور»



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 08:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
المغرب اليوم - الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib