أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة  المصــريـــة

أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة - المصــريـــة

المغرب اليوم -

أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة  المصــريـــة

عريب الرنتاوي

بخلاف “داعش” التي أخذت تنحو لاستهداف “العدو البعيد” بعد أن ضاقت عليها فرص استهداف “العدو القريب”، تبحث تركيا عن “صديق بعيد”، بعد أن أخفقت طوال سنوات خمس عجاف، بالاحتفاظ بـ”الصديق القريب” .... في هذا السياق يأتي الاتفاق التركي – القطري لإقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر إلى جوار قاعدتي “العديد” و”السيلية”، وفي السياق ذاته، تكشف صحف تل أبيب المقربة من نتنياهو والمحسوبة عليه، عن مسعى تركي للبحث عن “موطئ قدم” لأنقرة في إدارة قطاع غزة، لتكون على مقربة وجوار جغرافي مع “عدوها اللدود”: نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. ولكي لا يتكشف الاتفاق مع قطر، عن نزعة استعمارية – توسعية تركية (لا سمح الله)، حرص الجانبان على إضفاء أعلى درجات التوازن والندية بين الطرفين الساميين المتعاقدين (لا أدري لماذا توصف الأطراف بالسامية في الاتفاقات والمعاهدات الدولية)، فقد تقرر أنه يحق لقطر أن تقيم قواعد مماثلة على الأراضي التركية، وربما سيقوم وفد قطري قريباً بجولة استطلاعية على البحار الأربعة التي تحيط تركيا (الأسود، مرمرة، الأبيض وإيجة) لاختيار مكان القاعدة البحرية – الجوية القطرية التي ستشيدها هناك، فتشكل بذلك سدّا منيعاً ضد أية أحلام توسعية روسية – قيصرية من أي نوع أو طراز (؟!). 
حتى الآن، لا نعرف ما الذي تريده تركيا بالضبط في قطاع غزة، وما هو “موطئ القدم” الذي كشفت عنه صحيفة “إسرائيل اليوم”، هل تريد دوراً على معبر رفح على سبيل المثال؟ ... هل المسألة متصلة بالميناء البحري العائم الذي جرت بشأنه أحاديث وتكهنات كثيرة؟ ... هل تريد إخضاع القطاع “لإدارة تركية انتقالية”، إلى حين رفع الحصار وإرساء دعائم “التهدئة المستدامة” التي سعت انقرة والدوحة، وبوساطة طوني بلير، لإقناع حماس بها، وقد حققت العاصمتان الحليفتان لحماس، تقدماً ملموساً على هذا الصعيد، قبل أن يعطل نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف، هذه “الصفقة” ويرجئانها حتى إشعار آخر. 
لا أدري كيف تلقت الرياض خبر “القاعدة التركية” على مقربة من حدودها، فلم يصدر عنها، ولا عن الإعلام المحسوب عليها، على الرغم من اتساع مساحته، ما يفيد بشيء ... صحيح أن العلاقات بين تركيا والسعودية شهدت تقدماً ملموساً خلال العام الأخير، وتحديداً منذ انتقال السلطة في المملكة من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى أخيه الملك سلمان ... لكن هذه العلاقات، تحتمل التنافس على زعامة محور “الإسلام السنّي”، وتصطدم دائماً بعقدة “صراع الأدوار”، ثم أن تبني حكومة أنقرة التام، لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، أمرُ يزعج الرياض اليوم، بعد أن كان يثير أعصابها بالأمس، فهي وإن عدّلت من مقاربتها حيال الجماعة، إلا أنها تضمر بلا شك، اعمق مشاعر القلق والتحسب حيالها، ودائماً في سياق “صراع الشرعيات الدينية”، وحول سؤال: لمن ينعقد لواء “الإسلام الصحيح”، ومن هو المخوّل بقيادة المنطقة وتزعم “إسلامها السياسي السنّي”. 
كذلك، نحن لا نعرف حقيقة موقف حماس من حكاية “موطئ القدم” التركية تلك ... هل كانت الحركة على علم بهذه المحاولات التركية، سيما بوجود علاقات “خاصة ومتميزة” مع الحزب والرئيس الحاكمين؟ ... هل هي موافقة على الطلب التركي، وبأية حدود؟ ... هل أجرت الحركة حساباتها على نحو صحيح هذه المرة، حتى لا نعود بعد افتضاح خطأ هذه الحسابات وفشلها، إلى الندم، حيث لا ينفع الندم، تماماً مثلما حصل في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، وعلى مساري الأزمتين، السورية والمصرية؟ 
حماس لم تخرج بعد من مأزق الاستقواء بالإخوان على النظام على المصري الحالي، لتدخل في مأزق الاستقواء بتركيا على مصر ... المحاولة الأولى، انتهت وبالاً على الحركة وغزة وأهلها، والمحاولة الثانية، لن تأتي بأي خير لا للحركة ولا للغزيين ... فإذا كانت “العلاقة” مع الإخوان تدخلاً في شأن مصري داخلي، أمني بامتياز، من وجهة نظر النظام المصري، فإن استدعاء تركيا إلى ضفاف “الأمن القومي المصري”، سيُعد خطأ لا يغتفر من وجهة نظر القاهرة، سيما في هذه الظروف بالذات، التي تشتد فيها وتائر الخلاف والتوتر في العلاقات بين البلدين، وربما لهذا السبب بالذات، تورد الصحيفة الإسرائيلية ذاتها أن القاهرة أبلغت إسرائيل، بـ “الفيتو” مصري على أي دور تركي في القطاع أو محيطه، باعتبار أن غزة تاريخياً، تعد واحدة من “مندرجات” نظرية الأمن القومي لمصر، بصرف النظر عن تبدل صروف الدهر وتعاقب الأنظمة والحكومات. 
من مصلحة غزة، ومن مصلحة فلسطين، بل ومن مصلحة حماس ذاتها، على المدى المتوسط والبعيد، إخراج القطاع المحاصر من دائرة التجاذبات الإقليمية وحروب المحاور والمعسكرات المتقابلة، فيكفي القطاع وأهله، ما هم فيه وعليه، والمؤكد أنهم ليسوا بحاجة لأن يكونوا مادة في حرب التجاذبات وصراعات الأدوار ونزاعات الزعامة. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة  المصــريـــة أبعدوا غزة عن التجاذبات التـركـيــة  المصــريـــة



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 13:31 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تشارك في حفل افتتاح المتحف بعد غياب سنوات
المغرب اليوم - شريهان تشارك في حفل افتتاح المتحف بعد غياب سنوات

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib