الأفضل أن يُقال «تسرعنا» على أن يُقال «تأخرنا»

الأفضل أن يُقال «تسرعنا» على أن يُقال «تأخرنا»

المغرب اليوم -

الأفضل أن يُقال «تسرعنا» على أن يُقال «تأخرنا»

بقلم -عريب الرنتاوي

ما من شيء بقي على حاله بعد الانتشار المروّع لفايروس كورونا، وإعلانه رسمياً «جائحة» أو «وباءً عالمياً» ... قادة دول كبرى، لا يمكن أخذ كلماتهم باستخفاف، يتحدثون عن «الآتي الأعظم» ... ملايين الألمان سيصابون وفقاً لأنجيلا ميركل ... ستفقدون أحباء لكم، وفقاً لبوريس جونس مخاطباً الانجليز ... الكارثة الصحية الأسوأ منذ قرن، بحسب تشخيص إيمانويل ماكرون متحدثاُ إلى الفرنسيين.

اقتران «الجائحة» بأسوأ أزمة نفطية منذ سنوات، وثمة علاقة سببية بين الأمرين على أية حال، أفضى لحدوث تطور ثالث، لا يقل «كارثية» على الاقتصاد العالمي: انهيار الأسواق، المرشحة لمزيد من الانهيارات ... العالم يقف على عتبات أكبر الخسائر البشرية والمالية والاقتصادية التي تلقاها منذ سنوات وعقود.

«القرية الكونية الواحدة» تواجه أكبر عمليات العزل والإغلاق والانغلاق ... بتنا نفضل «التسكير على أنفسنا»... لا رغبة لأحد بالمجازفة بالسفر والتنقل ... الحكومات تغلق حدودها، وتمنع السفر منها وإليها، والأحداث الكبرى، رياضية وفنية واجتماعية، تُلغى تباعاً ... قوانين الطوارئ تفرض هنا وهناك، وسط ترحيب الأهالي والسكان، مع أن أحداً لا يرغب بها، ولا يشتهي العيش في ظلالها.

أمام هذا «الوحش غير المرئي»، تتضاءل كافة الأولويات، وتتراجع أهم «البنود» على جداول أعمال الدول والحكومات والتكتلات الدولية ... قمم إقليمية ودولية تلغى ... برلمانات تغلق أبوابها، وزيارات وفود تؤجل حتى إشعار آخر ... المزيد من القادة من ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات ووزراء ونواب وقادة عسكريين، في العزل و»الإقامة الجبرية» التي فرضها عليهم هذا الفايروس الذكي والفتّاك.

تتبدل الأولويات على جداول الأعمال ... لا أحد يأتي على ذكر «صفقة القرن»، وبدل تدشين مقاومة شعبية جماهيرية حاشد لإحباطها، يتنادى الفلسطينيون لالتزام منازلهم، وتتعاون السلطة مع الاحتلال على كبح جماح المرض اللعين الذي لا يميز بين مواطن ومستوطن ... إيران تمد يدها للعالم طلباً للمساعدة، وتتصل بصندوق النقد الدولي، مع أن رجالاتها في لبنان، شنّوا ويشنون حملات لا هوادة فيها ضد الصندوق و»الصندوقيين» ... المهم الخلاص من هذا الشبح القاتل، والتوقف عن إرسال الناس إلى المقابر، أو حتى حفر «المقابر الجماعية».

القمة العربية تأجلت، والفايروس لها بالمرصاد ... ومعرض «أكسبو 2020» التي انتظرته الإمارات بفارغ الصبر، مهدد بالتأجيل حتى إشعار آخر، وعشرات الاستحقاقات والنشاطات من اقتصادية وثقافية تنسحب بهدوء أمام ضجيج الكورونا الذي يحبس الأنفاس.

أما نحن في الأردن، فنشاطر العالم قلقه وفزعه ... مطمئنين إلى انحصار الإصابات بحالة واحدة، وافدة من الخارج، ومرتاحون «نسبياً» لفاعلية الأداء الحكومي وشفافيته، لا نُخفي قلقنا من قادمات الأيام، ونحث الحكومة على اتخاذ الإجراءات الاستباقية حتى لا ننتقل من مرحلة الاحتواء إلى مرحلة الانتشار ... بما في ذلك، إغلاق الحدود والمعابر، وتعطيل المدارس والجامعات، وتقليص الدوام وتشجيعه عن بعد، وإرجاء الاستحقاق الانتخابي الصيف المقبل، فالأمر لا يستحق مجازفة بهذا الحجم.

دعونا «لا ننام بين القبور ولا نرى منامات رديئة»، ودعونا نعمل بالحكمة القائلة «درهم وقاية ...»، من الأفضل أن يُقال إننا تسرعنا، على أن يقال «تأخرنا» ... لدينا قدرة – جدية نسبيا ً- على منع انتشار المرض ولكننا لا نتوفر على الموارد والإمكانات للتعامل مع «جائحة» إن ضربتنا في الداخل، وبأعداد كبيرة لا سمح الله، سنكون أمام وضع لا تحمد عقباه ... لا داعي لإثارة الفزع والهلع والتطير، ولكن لا بأس من إجراءات احتياطية جذرية، تشتمل على القرارات الأكثر صعوبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأفضل أن يُقال «تسرعنا» على أن يُقال «تأخرنا» الأفضل أن يُقال «تسرعنا» على أن يُقال «تأخرنا»



GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 23:13 2025 الأربعاء ,16 تموز / يوليو

جيش الاحتلال الإسرائيلي: نسيطر على 75% من قطاع غزة
المغرب اليوم - جيش الاحتلال الإسرائيلي: نسيطر على 75% من قطاع غزة

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib