جريمة مكتملة الأركان

جريمة مكتملة الأركان

المغرب اليوم -

جريمة مكتملة الأركان

بقلم -عريب الرنتاوي

أن تكون عارفاً بإصابتك بفيروس كورونا الخبيث ... وأن تكون مدركاً لحقيقة أن مخالطتك لأشخاص آخرين قد يتسبب بنقل الفيروس الخطير إليهم ... وأن تكون عالماً، بأن انتقال العدوى إلى أشخاص غير محصنين مناعياً، قد يتسبب بموتهم ...و أن تخالط الناس عن سبق الترصد والإصرار، وأن تخفي عنهم حقيقة أنك مصاب ... أليست هذه هي عناصر الجريمة الموصوفة وأركانها؟
 
النيابة العامة في الأردن، حرّكت بالأمس، أول قضية ضد مصاب قرر عن سبق الترصد والإصرار مخالطة الناس، وهو يدرك سلفاً أنه مصاب، وأن العدوى قد تنتقل لمخالطيه ... فعل ذلك، عن قصد وعمد، بصرف النظر عن الحجج والذرائع ... هي جناية بكل معنى الكلمة، طالما أنها تستبطن أكثر الاحتمالات سوءاً: وفاة مواطنين أبرياء والمساهمة في نشر الوباء.
 
لا أعرف ما هو التكييف القانوني لحالات من هذا النوع، تكررت في الأردن، من موظف الصيدلية المشهورة، إلى بائع الخضار العابر للمحافظات... إلى طبيب الشمال ... آن أوان وضع حد لهذا الاستهتار، حان الوقت لتسمية الأشياء بأسمائها.
 
قبل ثلاثة أسابيع، استمعت لرجل دين إيراني يفتي بوجوب إلزام المتسبب عن معرفة مسبقة، بنقل الفيروس إلى آخرين، بدفع "الديّة" لذوي المتوفى أو المتوفين، في حال تسببت العدوى بإزهاق روح أو أرواح ... رأيت في الفتوى قدراً من المبالغة والتطيّر... لكن مع اتضاح صورة الخسائر الفادحة المترتبة على الاستهتار وثقافة "إذا بُليتم فاستتروا"، يبدو أن فتوى رجل الدين كانت في محلها، فما نحن بصدده هنا، هو "شروع في القتل"، على أقل تقدير.
 
دعونا من "حكاية" الغرامات التي يمكن فرضها على المخالف، تلكم عقوبة ليست من طبيعة الجرم ولا بمستوى الجريمة، وانظروا في حجم الجهد والمال والوقت الذي تبذله الدولة بمؤسساتها المختلفة، وهي تقوم بمطاردة "المُستهتر" بحياة الناس، وملاحقة مخالطيه، ومخالطي مخالطيه ... أي غرامة مالية يمكن أن تعوض هذه التبعات والنفقات، سيما إن انتهت هذه "المسرحية الهزلية" بالتسبب بوفيات أو نشر الوباء على نطاق واسع.
 
الرهان على "الوعي العام"، مهم وضروري، وقد أثبت الأردنيون بغالبيتهم الساحقة، أنهم جديّون وملتزمون ومسؤولون ... لكن "القلة غير القليلة"، يمكن أن تقلب المشهد والصورة رأساً على عقب ... لا يجب أن يُسمح لهؤلاء بـ"ثقب القارب" من حيث يجلسون، يجب ألا نسمح لهؤلاء بتهديد "الأمن الصحي" لعشرة ملايين مواطن ومقيم، يجب ألا تُعاقب الأغلبية بما تفعله الأقلية، ولا أن تؤخذ بجريرتها ... الطريق إلى ذلك واضح ومعروف: معاقبة المتسببين بهذه الثغرات والثقوب، معاقبتهم وحدهم دون سواهم، وتحميلهم وزر ما ارتكبوا وما قارفوا.
 
يكون ذلك بالحزم في إجراءات العزل، ومطاردة من يخفون إصابتهم أو مخالطتهم لمصاب، والملاحقة القانونية والجنائية لكل المخالفين والمتمردين على التعليمات ... يكون ذلك بالإسراع في إجراءات التقاضي، وإصدار الأحكام الرادعة، سجناً وغرامة ... بخلاف ذلك، سنبقى في هذه الدوامة، وسيخرج علينا كل يوم، أشخاص متمردون وعابثون، نعرفهم بوظائفهم وأماكن سكناهم: "طبيب الرمثا"، "خضري كريمة"، "موظف فارمسي ون"، وغير ذلك من أسماء ومسميات، باتت ترتبط في أذهاننا بكل مواطن الخلل في جدراننا الدفاعية والوقائية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة مكتملة الأركان جريمة مكتملة الأركان



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib