طريق ترامب الثالث للتعامل مع الصين

طريق ترامب "الثالث" للتعامل مع الصين

المغرب اليوم -

طريق ترامب الثالث للتعامل مع الصين

بقلم -عريب الرنتاوي

طريقان مسدودان أمام إدارة ترامب في تعاملها مع الصين: الأول؛ طريق الحرب على الصين بوصفه خياراً انتحارياً مع دولة بحجم الصين واقتدارها البشري والاقتصادي والعسكري...والثاني؛ طريق "كسب المباراة الاقتصادية" معها، بوصفها ثاني قوة اقتصادية في العالم، تتجه بثبات وسرعة نحو الموقع الأول، وربما في غضون عقد أو عقدين من الزمان.
 
لم يبق أمام الرجل المهجوس بذاته، صاحب شعار “America Great Again”، سوى "طريق ثالث: استخدام الوسائل "الغليظة" لكسب معركة السوق والتفوق الاقتصادي...هذا بالضبط ما يفعله عبر سيل لا ينقطع من السياسات والمبادرات الهجومية.
 
بدأت الحكاية بفرض رسوم على الصادرات الصينية للسوق الأمريكية، بحجة تصحيح الاختلال في الميزان التجاري، تزامناً مع حملة انتقادات للأداء الصيني، بدءاً بملف "حقوق الملكية الفكرية"، وخوض منافسة غير شريفة، مروراً بتسعير "اليوان الصيني"، عطفاً على فرض جملة من العقوبات على شركات صينية، ولأسباب جاهزة، لا تحتاج إلى دلائل وبراهين، وصولاً إلى "الحملة المكارثية الشعواء" على شركة "هواوي" و”5G”، مشفوعة بأساطير وخرافات حول "الأدوار التجسسية للتكنولوجيا الصينية، وتدخل الصين في انتخابات الدول، وتسلل الفيروس من "يوهان" إلى العالم تحت سمع وبصر الحزب الشيوعي، بل وبتخطيط منه.
 
لم تقتصر العقوبات على الصين وشركاتها وحدها، بل تعداه إلى كل من يتعامل الصين في شتى حقول التكنولوجيا...حملات ضغوط على أوروبا لمنعها من استخدام التقنية الصينية...ضغط مماثل على إسرائيل للحد من علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين، دول عربية و"عالمثالثية" تلقت رسائل أمريكية مماثلة: حذار الاقتراب من التنين الصيني.
 
عمليات التحرش بالصين، لم تتوقف عند هذه الحدود...الأساطيل الأمريكية تجوب المياه القريبة من الصين، وتتحرش بها في بحرها الجنوبي، وعلى مقربة من برها وبحرها وفضائها، تنتشر القواعد والأساطيل والقطع الحربية الأمريكية، في أكبر استعراض للقوة على هذا البلد، منذ نهاية الحرب الباردة.
اليوم، تنتقل الحرب الأمريكية على الصين إلى ميادين جديدة، أكثر إيلاماً وحساسية للصين...قرار بوقف التعامل مع هونغ كونغ بوصفها "حكماّ ذاتياً" له مكانة خاصة في القانون الأمريكي...تطوير العلاقات مع تايوان وتشجيعها على منافسة "البر الصيني" حول شرعية تمثيل الصين...تلويح بإثارة نزعات انفصالية واحتجاجية في أقاليم أخرى "مكاو مثلاُ"، وتحريك لملف "الإيغور" المسلمين...نظرية "صين واحدة ونظامان" التي اعتمدتها بكين في التعامل مع أقاليمها "المنشقة" تتعرض اليوم لأشد الهجمات الأمريكية، وتحظى بتركيز كبير من قبل إدارة ترامب، التي وجدت نفسها فجأة تستذكر ملفات حقوق الانسان، وهي التي رمت بها في سلة النفايات في تعاملاتها مع مختلف الدكتاتوريات في العالم، حتى وفي ذروة مقارفتها لجرائم مروّعة ضد حقوق الانسان الفردية منها والجمعية.
 
تكتيك "حافة الهاوية" الذي تعتمده إدارة ترامب، استدعى إعلان أعلى درجات الاستنفار في بكين: فرض قانون الأمن الصيني على هونغ كونغ، لوقف تداعيات الانفصال...زيادة الموازنات الحربية ودعوة الجيش الصيني لإبداء أعلى درجات الاستعداد والجاهزية لمواجهة الأخطار...تلويح الأركان الصينية بالحرب على تايوان إن هي قررت الذهاب بعيداً عن نظرية "صين واحدة بنظامين".
 
لا تريد واشنطن حرباً مع الصين، ولكنها لا تمانع في دفع الصين إلى حروب على أراضيها وضد أبناء جلدتها في تايوان وهونغ كونغ...لا تريد واشنطن حرباً مع بكين، بيد أنها تريد توريطها في أولويات أخرى، علّها بذلك، تطيل أمد "المنافسة" وترجئ لحظة تصدّر الاقتصاد الصيني لقائمة أقوى الاقتصادات العالمية...هي نظرية "المنافسة" ولكن ليست "الحرة"، وساحتها ليست "السوق"، بل مختلف الميادين والأدوات الخشنة الأخرى، من العسكرة إلى العقوبات مروراً بملف حقوق الانسان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق ترامب الثالث للتعامل مع الصين طريق ترامب الثالث للتعامل مع الصين



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib