إسرائيل والعلاقة مع الأردن

إسرائيل والعلاقة مع الأردن

المغرب اليوم -

إسرائيل والعلاقة مع الأردن

بقلم - عريب الرنتاوي

لم تكن العلاقات الأردنية – الإسرائيلية موضع خلاف داخلي في إسرائيل ... النخب الحاكمة في تل أبيب، على اختلاف ميولها واتجاهاتها، ظلت على إجماع نادرٍ، بوجوب الحفاظ على هذه العلاقات، قبل وبعد معاهدة وادي عربة (1994)، وبالأخص في البعدين الأمني والاستراتيجي ... انطلاقاً من فلسفة أمنية ترى في أمن الأردن جزءاً من «نظرية الأمن الإسرائيلية».
هذا الوضع لم يعد قائماً اليوم وإذ سقطت الذكرى الخامسة والعشرون لتوقيع المعاهدة، على هذه العلاقات وهي في لحظة تأزمٍ شديد، على خلفية الانتهاكات المتكررة لموجبات الرعاية الهاشمية للأقصى والمقدسات، فضلاً عن قضية المعتقلين الأردنيين (هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي وغيرهم)، وملف «الباقورة» و»الغمر» ... فقد توفرت مناسبة لإسرائيليين كثر، من شتى المرجعيات، للإدلاء بدلائهم في الجدل الدائر حول راهن العلاقات بين البلدين ومستقبلها... ولقد تكشف هذا الجدل عن وجود نظرتين لهذه العلاقات:
الأولى، وتتأسس غالباً، في المسألة الأمنية، التي ما زالت على نظرتها السابقة للأردن، بوصفها «ذخراً استراتيجيا» على حد وصف مسؤول الدائرة الأمنية – السياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد ... وهي نظرة تعززها مواقف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي ما زالت ترى أن مستويات التنسيق الأمني مع الجهات الأردنية، فاعلة ولم تتأثر بالإشكاليات التي تطرأ على سطح هذه العلاقة بين الفينة والأخرى.
والثانية، وتعبر عن توجهات معسكر اليمين بأحزابه ونوابه وكتابه وصحفه، وهو معسكر بات متفوقاً ونافذاً، وهو ما فتئ يوسع قاعدة انتشاره على الخريطة السياسية – الحزبية الإسرائيلية ... هذا المعسكر يقلل من شأن المعاهدة، بل ويطعن في جديتها وجدواها، وهو يرى أن الأردن «الناكر للجميل»، يحتفظ بمواقف عدائية لإسرائيل ويطاردها في كافة المحافل الدولية، مع أن إسرائيل أعادت له أرضاً، وقدمت له مياهاً، وأفردت له حيزاً لرعاية المقدسات ... هذا الفريق، يسخر من «الجدوى الاستراتيجية» لحكاية «التنسيق الأمني» و»قنواته السالكة» بين عمان وتل أبيب.
الفريق الأول، بدا مؤمنا بما كنا وصفناه في مقالة سابقة بـ»تلازم المسارين» الفلسطيني والأردني ... عاموس جلعاد يخشى على المعاهدة، ومستقبل سلام الأردن مع إسرائيل، إن أدت السياسات الإسرائيلية إلى انهيار السلطة الفلسطينية... وبهذا المعنى، فإن هذا الفريق، يبدو على خلاف مع نظرية رئيس الحكومة ومعسكر اليمين على اتساعه، والتي تراهن على «فصل المسارين»، وتروّج لإمكانية الاحتفاظ بالسلام مع الأردن ومصر، والتطبيع مع دول الخليج، بصرف النظر عن مجريات الوضع على المسار الفلسطيني.
فيما الفريق الثاني، يرى أن «الدرس المستفاد» من توقيع معاهدة سلام مع الأردن، و»تنكر الأردن لما قدمته له إسرائيل في المقابل»، هو أنه لا يتعين على الدولة العبرية، أن تعرض على دول الخليج العربية شيئاً مقابل تطبيعها معها أو سلامها معها ... فهذه الدول يتعين عليها أن تقبل بمعادلة «سلام مقابل السلام»، وأن إسرائيل وحدها من بمقدورها مدّ يد المساعدة لها في صراعها مع «العدو الإيراني المشترك».
إسرائيل تتغير، وكذلك نحن ... هم لا يريدون الأرض مقابل السلام، ونحن لن نقبل بما هو دون ذلك ... هم يريدون فصل المسارين الأردني والفلسطيني، ونحن نتحدث بترابطهما وتلازمهما ...هم يشهرون راية العداء لفلسطين والأردن سويةً، ونحن لن نتردد عن خوض المعركة حتى نهايتها، ولا يتعين على إسرائيل أن تنظر لمواقف «المرجفين» و»المرتجفين» منّا، فهؤلاء قلة من الناس، ليست لأفرادها القدرة حتى لإقناع زوجاتهم وأبنائهم بما هم فيه وعليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل والعلاقة مع الأردن إسرائيل والعلاقة مع الأردن



GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 15:46 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ترمب... وحالة الغموض

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

هند صبري.. «مصرية برشا»!

GMT 17:41 2025 الإثنين ,16 حزيران / يونيو

..وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى

GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث

GMT 13:00 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أحدث صيحات فساتين الزفاف لعام 2020

GMT 12:10 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي حقيقة صورة محمد هنيدي مع إعلامي إسرائيلي

GMT 00:44 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

بولهرود يغير وجهته صوب "ملقا الإسباني"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib