مـشــروع القــرار الفـرنســي

مـشــروع القــرار الفـرنســي

المغرب اليوم -

مـشــروع القــرار الفـرنســي

عريب الرنتاوي


تمتنع الولايات المتحدة عن التعليق على مشروع القرار الفرنسي بخصوص القضية الفلسطينية الذي يجري تداوله في أروقة مجلس الأمن، أما الذريعة الأمريكية فهي إعطاء نتنياهو الفرصة لتشكيل حكومته الرابعة، والإعلان عن برنامجها في هذا الصدد، وبعد ذلك لكل حادث حديث.
فإن جددت الحكومة الإسرائيلية التزامها اللفظي، بالخيار التفاوضي و»حل الدولتين»، فإن من المستبعد أن تذهب الإدارة الأمريكية حتى نهاية الطريق في تأييد مشروع القرار الفرنسي الذي يتحدث عن تجسيد رؤية حل الدولتين والقدس عاصمة مشتركة وخط 1967 أساساً لترسيم الحدود مع تبادل متفق عليه ومحدود للأراضي، على أن تنتهي المفاوضات بخصوص هذه العناوين في غضون عامين اثنين فقط.
أما إن أعاد رئيس الحكومة الإسرائيلية تصريحاته الانتخابية التي تعهد فيها بمنع قيام دولة فلسطينية في عهده، فإن واشنطن ستكون - على الأرجح –على استعداد للقبول بعرض مشروع القرار على مجلس الأمن، ولن تعمل على كبح حليفها الفرنسي، ولكنها على الأرجح، ستسعى في تضمينه كثير من المواقف والاشتراطات الإسرائيلية، أي بمعنى آخر، إفراغها للمشروع من أي مضمون ... الرئيس الأمريكي يدرك أن هناك حدوداً لممارسة الضغط على إسرائيل وحلفائها ... هو بالكاد ينجح في تمرير الاتفاق النووي مع إيران، والمؤكد أنه لن يقامر بجولة أخرى من الاشتباك مع إسرائيل وحلفائها الكثر في الكونغرس، وربما سيكون عليه أن يختار بين المضي في محاولات تسويغ وتسويق الاتفاق النووي، أو الذهاب إلى مرحلة جديدة من الضغوط لتمرير اتفاق إسرائيلي مع الفلسطينيين.
المؤكد أن نتنياهو لن يعاود تكرار تصريحاته الانتخابية مرة ثانية، في غضون المرحلة القريبة القادمة على أقل تقدير ... هو حاول التراجع عنها، وأحاط مسألة الدولة بجملة من الشروط التعجيزية، والمؤكد أنه سيواصل ضخ التصريحات التي تؤيد دولة منزوعة السلاح، بعد اعتراف الفلسطينيين بـ «يهودية الدولة» وفك ارتباط السلطة بحماس، ومن دون اضطرار لوقف الأنشطة الاستيطانية أو التوسع فيها ... وهو أمرٌ، إن دلّ على شيء، فإنما يدل على رفض صريح لفكرة «حل الدولتين» ولكن بصيغ دبلوماسية تسعى في درء الضغوط عن تل أبيب.
بعد اتفاق المبادئ مع إيران، وبالأخص بعد «عاصفة الحزم» السعودية ضد اليمن، قلنا في هذه الزاوية أن «بابا نويل» الأمريكي شرع في توزيع جوائز الترضية على حلفائه لتمرير الاتفاق عليهم ... السعودية نالت حصتها: دعم أمريكي متصاعد لعملية «عاصفة الحزم»، وتساءلنا عمّا ستكون عليه الجائزة الممنوحة لنتنياهو، ورجحنا أن تكون «طي ملف حل الدولتين»، أقله حتى إشعار آخر ... المناخات في نيويورك وواشنطن لا تبتعد كثيراً عن هذا السيناريو.
لذلك من السابق لأوانه التكهن بمصائر ومآلات مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن ... هل ستخضع باريس لضغوط واشنطن بسحب المشروع وعدم تقديمه رسمياً إلى المجلس، خصوصاً إذا ما أظهر نتنياهو استعداداً لفظياً مناوراً لاستئناف خيار التفاوض حول حل الدولتين .... أم أن واشنطن ستعمل على الزج بكافة المطالب والاشتراطات الإسرائيلية للحل النهائي، من نوع الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، لجعل القبول به مهمة مستحيلة على الفلسطينيين وحلفائهم؟
مشروع القرار الفرنسي، ليس مثالياً بالنسبة للفلسطينيين، فهو مفخخ بالكثير من الجمل والعبارات والإشارات إلى بعض المرجعيات، لـ «تسريب» يهودية الدولة – من نوع الإشارة إلى قرار التقسيم على سبيل المثال ... والأهم أن مشروع القرار، ربما يُراد به «تقطيع الوقت» وإبقاء المنطقة عالقة في صنارة المفاوضات العبثية لعامين قادمين، تكون خلالها الولايات المتحدة قد تجاوزت الاستحقاق الانتخابي، وإدارة أوباما غادرت المسرح السياسي، وبعدها لكل حادث حديث.
لكن مع ذلك، لا تبدو حظوظ القرار الفرنسي كبيرة جداً في مجلس الأمن ... ولا أدري ما الذي سيدفع إدارة أوباما للدخول في مغامرة جديدة لحل القضية الفلسطينية، في الوقت الذي لا يتحدث فيه الزعماء العرب عن الحاجة لحل هذه القضية، وهم المنشغلين في الحرب على الحوثيين واحتواء التمدد الإيراني ووقف زحف داعش، دع عنك الحروب الأهلية المتنقلة، حروب القبائل والطوائف والمذاهب والإيديولوجيات.
مشروع القرار الفرنسي لا ينبغي أن يقطع الطريق على محاولات الفلسطينيين إعادة قضيتهم إلى المنتظم الدولي، ومن بوابة مجلس الأمن، وبمشاريع قرارات تلحظ الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ... فتدويل القضية الفلسطينية وإخراجها من قبضة التفرد الأمريكي أمرٌ مطلوب، ولكنه ليس مطلوباً بأي ثمن ... والثمن هنا يمكن أن يكون تخلياً عن بعض الحقوق أو تبديداً للوقت والجهد في مفاوضات عبثية لا طائل من ورائها ... المطلوب فلسطينياً استمرار السعي في ترجمة استراتيجية «رفع كلفة الاحتلال» بكل الوسائل المشروعة المتاحة، وبعد ذلك لكل حادث حديث.

 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مـشــروع القــرار الفـرنســي مـشــروع القــرار الفـرنســي



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib