مرة أخرى عن الانتخابات الإسرائيلية

مرة أخرى عن الانتخابات الإسرائيلية

المغرب اليوم -

مرة أخرى عن الانتخابات الإسرائيلية

عريب الرنتاوي

يصر الصديق عزمي الشعيبي على القول بأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، كانت مفاجئة لكل الأطراف المخاطبة بها، بمن في ذلك نتنياهو نفسه، ويؤكد أنه من “غير الجائز لأحد ادعاء العلم بأثر رجعي” ... كاتب هذه السطور قال في مقال نشر قبل مقال الشعيبي بيوم واحد أن نتائج انتخابات الكنيست العشرين “لم تخرج عن السياق العام لتطور اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي خلال العقدين الفائتين وانزياحه المتواصل نحو اليمين القومي والديني”.
لست أقصد أن الشعيبي كان يقصدني بعباراته تلك، ولست أنفي ذلك ... فالنقاش هنا ربما يدور حول موضوعين مختلفين وإن كانا مترابطين ومتداخلين، وهو أبداً ليس من صنف “الجدل البيزنطي” أو من طراز السجالات التي تستهدف تسجيل النقاط أو ادعاء التفوق، هو سجال سياسي بامتياز، وينطوي على أهمية سياسية مستقبلية بالأساس.
نعم، كان نتنياهو على الرأس الليكود، يواجه تحديات جمّة عشية الانتخابات، الاستطلاعات أعطته أربعة أو خمسة مقاعد أقل من منافسيه في “المعسكر الصهيوني”، وثمة في إسرائيل من يقول إنه لولا خطاب اليوم الأخير في حملته الانتخابية، الذي تعهد فيه بمنع قيام دولة فلسطينية طالما ظل على رأس الحكومة، لربما كان حلّ ثانياً على قائمة اللوائح الحزبية الفائزة بعد منافسه اسحق هيرتسوغ، هنا نفتح قوساً لنقول إنه يكفي أن تكون مجاراة أقصى اليمين في خطابه والمزايدة عليه، هي “تذكرة” نتنياهو للصعود إلى القمة، حتى تنتفي نظرية “المفاجأة” وعنصر “الانقلاب”.
لكن من قال إن حلول نتنياهو ثانياً في الانتخابات، كانت ستعني انتصار “اليسار والوسط” في الانتخابات الإسرائيلية؟ ... من قال إن نتيجة من هذا النوع، كانت لتعني تراجع نفوذ معسكر اليمين لصالح معسكر اليسار والوسط؟ ... ما حصل أن نتنياهو باختياره “أقصى التطرف” في آخر أيام حملته الانتخابية، استطاع أن يسترد أصواتاً ومقاعدة، كانت لتحصل عليها حركة شاس والبيت اليهودي وإسرائيل بيتنا وحزب “كولانو”، ولم يكن ليأخذ من “حصة” العمل أو الحركة أو ميريتس من باب أولى.
خلاصة هذا الأمر، أن هزيمة نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، ما كانت لتسجل في خانة الانتصارات لمعسكر اليسار والوسط، بقدر ما كانت تعني إعادة توزيع كتلة الأصوات والمقاعد، في إطار معسكر اليمن، وكان من الصعب تماماً، تصور سيناريو يستطيع فيه هيرتسوغتشكيل حكومة وائتلاف، ما لم يتخل عن برنامجه ويزحف على بطنه لاسترضاء لوبي الاستيطان وأحزاب التطرف الديني ومعسكر اليمين القومي العنصري، وعندها سنكون أمام واحد من خيارين: إما حكومة شلل تتنازعها مراكز قوى متضاربة حول كل شيء، تمهد لانتخابات مبكرة ثانية، أو أن حزب العمل سيواصل انزياحه صوب يمين الخارطة السياسية والحزبية، وهو على أية حال، سبق وأن قطع شوطاً كبيراً على هذا الطريق، جعله حليفاً موثوقاً لتسيبي ليفني، الليكودية السابقة، قبل أن تعمل تحت إبط شارون لتشكيل كاديما.
كافة التقديرات السابقة للانتخابات، كانت تتحدث عن مصاعب ستواجه هيرتسوغ في تشكيل حكومة في حال أعطته صناديق الاقتراع مكانة الفائز الأول ... كثير من التقديرات ذهبت لترجيح حظوظ نتنياهو في تشكيل الحكومة، حتى بفرض التعادل مع هيرتسوغ أو الاصطفاف خلفه ... هنا يفقد نصر نتنياهو “أثره الحاسم”، ولا يمكن أن ينظر إليه بوصفه انقلاب أو مفاجأة، مع أنه من الناحية المعنوية، أكسب الرجل مكانة “ملك إسرائيل” الذي لا تشق له غبار انتخابية.
معسكر اليمين في إسرائيل حصل على 67 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، توزعت على النحو التالي: الليكود 29، كولانو 10 مقاعد، البيت اليهودي 8 مقاعد وشاس ويهوديتهاتوراة 7 مقاعد لكل منهما، إسرائيل بيتنا 6 مقاعد ... عنصر المفاجأة الوحيدة في هذه الانتخابات، تمكن في نجاح نتنياهو (في اللحظة الأخيرة) في الاستحواذ على مقاعد من شاس وإسرائيل بيتا والبيت اليهودي، وهي أصوات ومقاعد، ما كانت لتذهب في غير هذه الوجهة، ولصالح هذه الأحزاب.
في المقابل، حصل معسكر اليسار والوسط على 39 مقعداً فقط لا غير، من دون احتساب مقاعد القائمة العربية التي لا يجوز بحال إدراجها في تصنيفات وتدرجات المعسكرات الصهيونية المختلفة، 24 العمل – الحركة، هناك مستقبل 11 وميريتس 4 مقاعد، لا أكثر، وهذه نسبة متدنية لتشكيل حكومة حتى بفرض تأييد القائمة العربية لهذا المعسكر، من داخل الحكومة أو من خارجها، دع عنك “حساسية” تشكيل حكومة مستندة للصوت العربي.
وبالمقارنة مع الكنيست السابقة، عزز معسكر اليمين من حصته في الكنيست بأربعة مقاعد، وخسر اليسار ستة مقاعد، نصفها للقائمة العربية والنصف الآخر لمعسكر اليمين، وهذا ما بنينا عليها استنتاجنا بأن نتائج الانتخابات لم تخرج عن السياق المألوف في السنوات الأخيرة، لانزياح المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني والقومي، ما يُسقط عنصر المفاجأة أو الانقلاب عنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة أخرى عن الانتخابات الإسرائيلية مرة أخرى عن الانتخابات الإسرائيلية



GMT 15:42 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيارات على طريق القدس

GMT 15:40 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

اختفاء موسى الصدر... المجد للصحافة

GMT 15:38 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

قمة شنغهاي وإقامة نظام عالمي جديد

GMT 15:36 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

القرار والأخطار والمستشار

GMT 15:35 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

بيولوجيا السياسة... شي وبوتين

GMT 15:32 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

معادلة برّي: تطبيع ما هو غير طبيعي

GMT 15:30 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

طب الفاتيكان كمان وكمان

GMT 15:28 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

القضية فى ست كلمات

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:09 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival
المغرب اليوم - سيلينا غوميز تحتفل بمرور عشر سنوات على ألبوم Revival

GMT 15:40 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

جمهور "الرجاء" ضمن أفضل عشرة مشجعين في العالم

GMT 02:22 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "DFSK" تطرح السيارة "K01" في مصر بـ46 ألف جنيه

GMT 10:13 2023 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يُؤكد أنه يقف بنسبة 100 بالمئة إلى جانب إسرائيل

GMT 16:52 2022 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منتخب البرازيل يعلن مدة غياب نيمار عن الملاعب

GMT 18:23 2022 الإثنين ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يعلن اكتشاف كمية مهمة من الغاز قبالة سواحل العرائش

GMT 06:33 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تضاعف الاستثمارات الخارجية للمغرب 5 مرات مع نمو الصادرات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib