لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

المغرب اليوم -

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا

بقلم : طلال سلمان

من كان يصّدق أن لبنان الطائفي سيموت، وأن لبنان اللبناني سيولد؟ من كان يتجرأ على التفاؤل؟ مئة عام من عمر لبنان دفنت احلامنا بوطن. هذا هو السيل اللبناني الجارف. لبنان الجديد. الحقيقي، “جايي”.

كم كان هذا الشعب يختزن من بؤس وغضب واحباط. انتفض وثار. حرر الساحات والشوارع والمدن من سطوة عصابات الطوائف وعصابات المال وقراصنة السياسة. هذا الشعب، بعد اليوم الأول من الطوفان الجميل، زرب اهل السياسة والسلطة في بيوتهم. لا يجرأون على الظهور. يخافون كأجبن الجبناء. أخلوا الامكنة كلها. انهم يختبئون كالحرامية المطاردين.

لبنان الماضي مضى. حاولت السلطة أن ترمي للناس فتات الوعود. خرجت بورقة اقتصادية كاذبة. صدقت مع نفسها. اقترحت بيع لبنان المعافى في بعض مؤسساته. حتى انها مستعدة لبيع النفط والغاز. هؤلاء الذين سرقوا ماضينا، مصرون على بيع مستقبلنا. كل مستقبلنا، كي تبقى طبقة الواحد بالمئة، الحاكم المطلق، والمسؤولة عن تجويع الناس وتشريدهم.

خلص. لبنان الماضي مضى، مصحوباً باللعنات التي تصيب كل من حكم وتحكم بلبنان. منذ نشوء الكيان، حتى الآن. الذين سرقوا ماضينا كله، يجب أن يُطردوا من حاضرنا ويُمنعوا من مستقبلنا.

لكنهم متشبثون ومصابون بالعمى. أكثر من نصف الشعب اللبناني حرر لبنان بالكامل، من سطوة السياسيين وثقلهم الطائفي والمالي. ومع ذلك يخرجون بورقة اصلاحية، تجوز عليها اللعنة… لم يتعلموا ولن يتعلموا. يلزم أن يحاسبوا غدا. يلزم تجريدهم من سرقاتهم. يلزم أن يمتثلوا لعدالة شعبية صارمة، بلا عفو ولا تبرير.

أما بعد…

الحكومة لن تستقيل غدا. ويجب الا تبقى. والسؤال الكبير الملقى على الحراك والانتفاضة والثورة هو ما العمل؟ ماذا غدا؟ احتلال الشارع والساحات وقطع الطرقات ليس كافيا. الحراك لم يفرز بعد جسماً يتولى الاجابة عن اسئلة المرحلة الصعبة ومنها: كيفية الحفاظ على وتيرة التصعيد في الشارع. ومنها: تشكيل هيئات معبرة عن هذه الجموع الغاضبة، لتتولى مسارات الحراك. ومنها:

خارطة طريق سياسية تتولى فيه قوى الحراك ونخبها وضعها قيد التداول لتنفيذها، ومنها، تطوير آليات الضغط السلمي على السلطة كي ترحل، ومنها، إعادة الامل إلى اللبنانيين، بأن لا حل إلا بدولة مدنية ديموقراطية وعادلة، وتستعيد كل ما سُرِق من الدولة والشعب.

حذار من الحساسيات. كل الخوف من تغليب نقاط التباين على ضرورة الاتفاق. حذار العناد والفوقية والانتهازية. الشعب بات يتطلع إلى سلطة نقية تشبهه، والى نظام عادل ينصفه، والى وطن ينتمي اليه بحب، والى اقتصاد ينمو، والى بطالة تنعدم، والى عمل شريف، حيث يأكل المواطن خبزه بعرق جبينه المرتفع عزة وكرامة… الآمال كبيرة ومطلوب تحقيقها. السلطة هذه لن تهزم الانتفاضة التي ستصبح ثورة. الخوف، أن تفوز التباينات. وهي موجودة، على التوحد، وهو المرتجى.

فابحثوا عمن يمثل هذا الحراك. اختاروا من بينكم، اصحاب العقول والمعارف. الحراك غني جداً. ويزخر بالرجال والنساء المميزين. لا تنسوا تمثيل الاطراف. عكار والشمال وطرابلس المدهشة حقاً. الهرمل وبعلبك والبقاع المنسي. الجنوب بقواه الخارجة على التقليد، جبل لبنان، الذي هب ضد من ظنوا أنفسهم بأنهم انصاف آلهة. بيروت. التي تشبه الحراك. بعدما احتضنته في ساحاتها وشوارعها. ابحثوا عمن يؤمن لكم وعليكم، ومن تؤمنون بأنه سيكون لكم ومعكم.

الخيارات صعبة وثقيلة. هذا هو الامتحان العسير. إن نجحتم في اختيار من يتولى السير في الطليعة ومعه اكثرية الحراك، فثقوا، بأن اهل السلطة سيهربون.

ضعوا نصب أعينكم اهدافاً ورجالاً ونساءً منكم. لا تختلفوا على من يكون أولاً. لا تكونوا كأهل السلطة ابداً. لا تنسوا أن امامكم مهمة استرداد لبنان، كل لبنان، من ناهبيه ومغتصبيه، واستعادة ما سرقوه ونهبوه. لا تنسوا أن المهمة صعبة جداً، ولكن الأمل أكبر.

إنها ساعة الحقيقة. هذا الليل سينجلي. فاصنعوا لهذا الوطن صبحاً جميلاً.

حذار الفشل. غير مسموح ذلك. فاسهروا على ما يجمع، ولا تتشبثوا بما يؤدي إلى الخلاف. القضايا السياسية المحلية والاقليمية والدولية، يمكن تأجيلها، للبت بها، في ما بعد، اتفقوا على المرحلة الانتقالية وبرنامجها. لبنان الجديد، الذي يولد على ايديكم، لا تكسروا ظهره بتحميله كل القضايا. ضعوا سلم اولويات عاقل وحاسم، تدرجوا في البناء، ابدأوا من الاساس.

نحن الجيل الذي فشل. لا تقلدونا. أنتم مدعوون للنجاح. انها الفرصة الاخيرة لبقاء لبنان وتحريره من الطغمة السياسية المتوارثة، ومن النظام الطائفي-المالي المتوحش، ومن التبعية العمياء للإقطاع المتخلف، ومن قبضة عصابات المال والنهب واللصوصية، وورثة الدم والحروب التي سفكوا فيها لبنان على مدى سنوات.

وأنت يا لبنان. لقد ثبت أن شعبك يحبك. إنك جدير بالبقاء والنجاح والعطاء. فيا أيها النبلاء والشعراء والمثقفون والمبدعون والعمال والفلاحون والطلاب و.. افرحوا، وان غداً مشرقاً يلوح في آخر الشارع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا لبنان الماضي مضى ولن يسرقوا مستقبلنا



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 17:55 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي
المغرب اليوم - بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:46 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

القلق يسيطر علي إدارة اتحاد طنجة بسبب النتائج السلبية

GMT 09:54 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

ديكورات حدائق منزلية صغيرة خارجية مميزة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib