زيارة ولي العهد التي لم تحدث

زيارة ولي العهد التي لم تحدث

المغرب اليوم -

زيارة ولي العهد التي لم تحدث

بقلم - عبد الرحمن الراشد

تمنيت لو أن إشاعة زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، إلى العراق صحيحة، وأن الزيارة تتم. مجرد إشاعة دفعت القوى التابعة لإيران تتجمهر وتعارضها، الذي يُبين أهميتها وتعكس مخاوف طهران من استقلال القرار العراقي.
ستكون الأولى على مستوى القيادة السعودية منذ زمن بعيد، منذ 1990 عندما عقدت القمة العربية قبيل غزو الكويت. عسى أن نرى كبار المسؤولين السعوديين، وبقية قادة دول المنطقة، يبثون الروح والحياة السياسية الإقليمية في قلب هذه المدينة التاريخية. لا بد أن يرى العالم بغداد عاصمة العراق وليست طهران، وأن العبادي رأس الحكومة، ورئيس الدولة التنفيذي، وليس الجنرال قاسم سليماني الذي يتسابق زعماء الميليشيات لإرضائه. زيارة القيادة السعودية من مقتضيات العلاقات، واستجابة لدعوة رئيس الوزراء العبادي، الذي على تواصل مع الرياض بشكل إيجابي. العبادي يحاول جاهداً أن يخرج العراق من صندوق النزاعات الذي ورثه من فترة حكم صدام حسين، وخلال الاحتلال الأميركي، وسنوات حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي عاش فترة توازن صعبة ونجح في إقامة قمة عربية صغيرة عام 2012 لم تفلح في دعم العراق سياسيا.
العبادي يريد تحييد العراق من التقاتل الدولي والإقليمي على أرضه ومقدراته وسلطاته. يريد تنظيف بلاده من المتطرفين السنة والشيعة، وإخراجها من دائرة النزاعات يعني له استقرار العراق الذي لم يحدث بعد بشكل شامل منذ غزو صدام للكويت. انتقال العراق إلى بلد مستقر مزدهر يشبه جاراته من دول الخليج يتطلب قيادة متماسكة وقوية في بغداد، تركز على إنقاذ قرار العراق وسلطاته من التدخلات الخارجية والتشرذم الفئوي والطائفي والزعامات الفردية التي لا تحترم قرارات المركز.
المالكي كان يملك شخصية قوية، وخلال حكمه صارع فئات مختلفة رافضاً التقسيم السياسي والجغرافي في الجنوب والغرب والشمال، وخاض حروباً عسكرية ضد عمليات التمرد على الدولة، لكنه وقع في مشروعه الشخصي؛ الحكم الدائم بأي ثمن سياسي، الذي تطلب منه تحالفات خارجية وداخلية باهظة الثمن.
السعودية تستطيع أن تدعم السلطة المركزية في بغداد في أن تكون أكثر استقلالاً، تمنحها التوازن الجيوسياسي، خاصة أن الرياض لا تحمل دوافع عدوانية، ليست على خلاف مع جارها العراق على الحدود أو الموارد الطبيعية. التقارب السعودي - العراقي بدأ مع وصول العبادي إلى رئاسة الوزراء، وتحسن كثيراً لاحقاً مع تعديل الرياض مفهوم علاقاتها من مجرد التبادل الدبلوماسي إلى العمل المشترك.
ومن الواضح أن النظام الإيراني وراء حالة الاستنفار ضد فكرة زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى العراق، ودفع جماعاته المسلحة لتحذير الحكومة العراقية من أي تقارب. وهو دليل صريح على خوف نظام طهران من استقلال العراق.
في بغداد الحكومة، وقيادات الدولة، من تشريعيين وتنفيذيين، هم معنيون بحماية بلدهم من التدخلات من إيران، وحتى من السعودية وتركيا وغيرها من القوى الإقليمية. عودة العراق دولة مستقلة، قراراتها تخدم مصالحها، هي في صالح المنطقة كلها. أما ارتهان العراق للنفوذ الإيراني فإنه يهدد العراقيين أولاً، ودول المنطقة بدرجة ثانية. نظام ولاية الفقيه يعتبر العراق ممراً وملحقاً ومصدراً لتمويل حروبه بالرجال والأموال. والآلاف من الشباب العراقي وغيرهم يقاتلون في سوريا تحت راية قاسم سليماني، الجنرال المكلف بالهيمنة على المناطق المجاورة لإيران غرباً بما فيها العراق وسوريا، التي خلفت الفوضى في المنطقة، وقبلها الفوضى في العراق. ودعم الجماعات أسلوب طهران في الحؤول دون قيام دولة عراقية حرة بمؤسساتها الرئاسية والبرلمانية والتنفيذية والعسكرية والأمنية. النموذج الذي تحارب إيران من أجل زراعته في اليمن، بإلغاء الحكومة المركزية في صنعاء وخلق ميليشيات موازية للجيش. تماماً كما فعلوا في لبنان وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويسعون لتثبيته في سوريا.
هل للسعودية مصلحة في عراق مستقر ومستقل القرار؟ بالتأكيد. هي مصلحة كل دول المنطقة ومصلحة الشعب العراقي أولاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة ولي العهد التي لم تحدث زيارة ولي العهد التي لم تحدث



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى

GMT 06:36 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

كاتي هولمز تتألق في فستان رقيق بلون البرقوق

GMT 22:37 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الهنود يستهلكون كميات أقل بكثير من الكالسيوم

GMT 20:28 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ماسبيرو زمان" تعيد عرض برنامج جولة الكاميرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib