التوعية بعد أن طال الفشل

التوعية بعد أن طال الفشل

المغرب اليوم -

التوعية بعد أن طال الفشل

عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد

لو أن فيروسات كورونا تظهر للرائي، مثل الذباب أو الصراصير أو العقارب، لربما استطعنا التعامل والتعايش مع الخطر، حتى وإن تعذر اللقاح أو التداوي منه. لو أن محلاً دخلته عقرب واحدة لهرب الناس منه، وتحاشوا كل مكان يحتمل أن تختبئ فيه، لكن لأن الفيروس لا يرى بالعين المجردة، فإن الاستهانة به تتماشى مع غريزة الإنسان وتربيته، نحن لا نخشى إلا من الخطر الذي نراه فقط.

ولأنه لا توجد جنازات في الشوارع، ومعظم من أصيب منه خرج «معافى» فمن الطبيعي التهوين به، وهناك من يشك في وجوده أصلاً. الكورونا ليست حالة غريبة من حيث اللامبالاة، مثلاً، يمكن تخفيض مخاطر الإصابة بسرطان الثدي بشكل كبير لو أن كل النساء المعرضات له يلتزمن إجراء الفحص المبكر. إذن الوعي بالشيء يساعد على التعامل معه. وفي رأيي أن التوعية الصحية أهم من الحجر، يمكن أن تلعب دوراً أكبر في تقليل الإصابات وتسهل عودة الحياة الطبيعية بحذر. هنا على مسؤولي الصحة رفع درجة التحذير والتخويف من فيروس كورونا وفي الوقت نفسه تخفيف قيود الحركة الاجتماعية. فالمجتمع الواعي بالمشكلة مسؤول عن ممارساته. وطالما أنه ليس بمقدور الحكومات الحجر على السكان إلى الأبد، فقد وصلنا إلى مرحلة تتطلب حسم هذه المعادلة، بنقل كل المسؤولية على أكتاف الناس، بعد رفع درجة الوعي بالخطر المحتمل.

عليهم أن يدركوا أن الإصابة بالمرض محتملة في كل خطوة وكل زاوية، ويمكن تقليص الاحتمالات بزيادة الوقاية والحذر وليس بالضرورة بالجلوس في المنزل. وأن يعوا كون الوفيات نسبتها ضئيلة لا يعني أن المرض والتعافي منه أمر يسير، فبعض الآثار الجانبية ربما قاتلة، وفقاً للدكتور كريستوفر كيلنر، أستاذ جراحة المخ والأعصاب في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك. يقول من الحالات «الخفيفة» من كورونا التي لم تستوجب إدخال المرضى فيها إلى المستشفى تسببت لهم في تجلط الدم والسكتات الدماغية الشديدة، بمن فيهم الأشخاص الصغار عمراً.
فشلت المؤسسات الصحية في تنبيه الرأي العام إلى أن الوباء وإن لم يكن قاتلاً بشكل كبير، فإن المرض مؤذ جداً، قد «يصيب الرئتين والدم، ويؤثر أيضاً على الكلى والكبد والدماغ. حتى بعض الذين تعافوا منه أصيبوا في الكلى والمخ والقلب وظهرت أعراض خطرة من أمراض السكري والضغط لم تكن عندهم من قبل»، كما يقول تقرير في صحيفة «الغارديان».

كانت الآمال معقودة على العثور على لقاح أو علاج في الصيف الماضي، غادرنا الشتاء والربيع والصيف وسيرحل قريباً الخريف. العالم أمام واقع صعب، إلى أن يظهر اللقاح المعجزة، قد يطول مقام الوباء بيننا. السؤال، وحتى ذلك الحين، شهر أو عام أو أعوام، ما الذي يمكن فعله؟

لا يمكن الحجر على المجتمع طويلاً، فملامح انهيار الاقتصادات في أنحاء العالم، ولا يمكن الإنكار أن الإصابات تزداد كلما قل الحجر. الحل المر في العودة للحياة الطبيعية مع الاعتماد على التوعية المكثفة والصادمة، بالصراحة العلمية. فالمرض لا يهدد فئة واحدة، وكونه يقتل ثلاثة في المائة من المصابين به، فإن المتعافين قد لا يكونون في أفضل حال. هناك منتدى يضم 5600 شخص كانوا مصابين، معظمهم لم يتم إدخاله إلى المستشفى. ووفقاً لمسح داخلي، تقول الغالبية منهم، وهم دون سن الخمسين، إنهم يعانون من أعراض بما في ذلك شلل الوجه، والنوبات، وفقدان السمع والبصر، والصداع، وفقدان الذاكرة، والإسهال ونقص الوزن وغيره. هذا غير الذين خرجوا على أقدامهم ويعانون أسوأ من ذلك. المهم الحجر على الفيروس وليس على البشر بالتعقيم والتباعد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوعية بعد أن طال الفشل التوعية بعد أن طال الفشل



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 00:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد
المغرب اليوم - هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib