ماذا بعد غزو أوكرانيا

ماذا بعد غزو أوكرانيا؟

المغرب اليوم -

ماذا بعد غزو أوكرانيا

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

لن تقوم حرب عالمية ثالثة تقضي سريعاً على معظم ما هو حي على كوكب الأرض. قد يكون الأسوأ منها، حروباً طويلة متعددة الجبهات، بالأسلحة التقليدية، تديرها دول تملك القوة النووية. حتى من دون حرب عالمية، تظل الأزمة الحالية أبعد مدى من أوكرانيا، وأعمق وأخطر مما تبدو. حلف الناتو متوجس من أنها البداية، لا يدري ماذا يخطط له الرئيس فلاديمير بوتين بعد أوكرانيا. هل ينوي الروس الاستيلاء، أو استعادة، عدد من دول الاتحاد السوفياتي السابقة، وبنفس المسوّغات التي استُخدمت هذا الأسبوع، باسم التاريخ، والجغرافيا، والتراب، والدين، والديون المالية، وحماية الأمن القومي، والرد على تمدد الناتو، أو استجابةً لاستغاثة من إقليم انفصالي أو جماعة معارضة...؟
النشاط العسكري الروسي في بيلاروسيا وطاجيكستان يعزز فكرة أننا في بداية مشروع روسيا البوتينية. وبوتين هو من روسيا الإمبريالية القيصرية، وضد البلاشفة الروس، وإن كان يتحدث عن الاتحاد السوفياتي كمرجعه التاريخي في استعادة ما هو «حق» لروسيا.

بضم أوكرانيا أو معظمها، نكون قد شهدنا دورة متكاملة لحدث عالمي 360 درجة، حيث عادت الحرب الباردة، على الأقل في حياة مَن هم مثلي.ما الخطوة الروسية المحتملة التالية؟ هل تكون لاتفيا وليتوانيا وإستونيا الوجبة الثانية؟ هناك 15 دولة انفصلت عن الاتحاد السوفياتي يعدّها القوميون الروس لهم، ويعدّون الغرب مذنباً فيما حدث. الرئيس بوتين هو المنظّر لهذا الطرح، ورسم في خطابه الماضي خريطة سياسية مهمة لفهم الوضع الحالي والمستقبلي. قال: «قيادة الحزب الشيوعي ارتكبت الكثير من الأخطاء التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي، وإن حق الجمهوريات في مغادرة الاتحاد كان بمثابة (القنبلة الموقوتة) تحت الدولة الروسية التي كانت تسمى الاتحاد السوفياتي آنذاك». الأعمق والأبعد أن روسيا البوتينية تبدو عازمة على التمدد، وحلف الناتو ودول الغرب يواجهان وضعاً صعباً، حيث إن الدخول في مواجهة مباشرة مع دولة نووية أمر خارج الاحتمالات. دخول أوكرانيا هو بيان سياسي يؤذن بعالم مختلف لا يمكن أن نعرف أبعاده حتى في مناطق النزاعات الأخرى في العالم.

الحل السياسي بعيد الاحتمال، أن تدفع أزمة أوكرانيا القوى الكبرى إلى البحث عن صيغة تعايش جديدة مبنية على عدم استخدام القوة لحسم الخلافات، آخذة في الاعتبار تقديم الضمانات الأمنية، وهي المبرر الذي تكرر موسكو الحديث عنه في اعتراضها على حلف الناتو. ولا شك أن العالم، منذ نهاية الحرب الباردة افتقد نظام القطبين، الذي كان رغم سيئاته يضمن استقراراً على الجبهات الكبرى. لم يأتِ الغزو مفاجأة، بل كان من الاحتمالات المتوقعة، واستخدام الغاز ضد أوروبا أيضاً كان أمراً متوقعاً، مع هذا لا يوجد حل عسكري على مستوى الدول الكبرى، والخشية أن يكون الخيار العسكري عند الغرب هو فتح جبهات أخرى من خلال دول أخرى لمنع موسكو من الاعتقاد أن أوكرانيا يمكن تكرارها مرة أخرى. أما العقوبات الاقتصادية فإنها، كما نعلم جيداً، سلاح فاشل، خصوصاً مع أنظمة مستعدة لتحمل الثمن مهما كان قاسياً. المفارقة هي أن الذي يدفع ثمن عقوبات غزو أوكرانيا هو الغرب ودول العالم، مع التضخم وارتفاع الأسعار لسلع حيوية مثل الطاقة والقمح.

قد يهمك أيضاً :

 الدعاية سلاح طهران المكسور

 هل هو انتصار لإيران؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد غزو أوكرانيا ماذا بعد غزو أوكرانيا



GMT 10:39 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 06:56 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

حل اللغز ورفض الاعتذار

GMT 06:54 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

بين إدارة بايدن وإدارة بوش الابن

GMT 06:53 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

ما بعد أوكرانيا... هل من ستار حديدي جديد؟

GMT 06:51 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

المخاوف من انفلات نووي
المغرب اليوم - نانسي عجرم تكشف موعد طرح ألبومها الجديد Nancy 11

GMT 21:04 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هيرفي رونار يقلل من قيمة الدوري المغربي للمحترفين

GMT 10:02 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منزلك أكثر تميّزًا مع الديكورات اليابانية العصرية

GMT 19:00 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطور ملحوظ وفرص سعيدة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:52 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء الكيلاني تثير الرأي العام بقصة إنسانية في "تخاريف"

GMT 11:00 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

"بوما" تطرح أحذية رياضية جديدة ومميزة

GMT 10:39 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

تعرفي على إتيكيت أكل "الاستاكوزا"

GMT 12:35 2013 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

البدء فى البرنامج التوعوي التثقيفى لمرضى داء السكر في سبها

GMT 02:20 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة بالمركز القومي للترجمة حول أعمال نوال السعداوي

GMT 18:34 2017 الجمعة ,25 آب / أغسطس

فوائد نبات الحلتيت لصحة الإنسان

GMT 00:18 2014 السبت ,07 حزيران / يونيو

ضروريَّات من أجل عودة السياحة إلى مصر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib