علينا الاستعداد قبل سقوط البترول

علينا الاستعداد قبل سقوط البترول

المغرب اليوم -

علينا الاستعداد قبل سقوط البترول

بقلم - عبد الرحمن الراشد

كانت البحرين سوقاً ثرية من تجارة اللؤلؤ، وفي صباح يوم تغيرت أحوالها حيث اكتشف اليابانيون بدائل صناعية أرخص كلفة وأكثر إنتاجاً، فانهارت تجارتها الرئيسية من سوق اللؤلؤ، وتوقفت قوارب الصيد، وفقدت منطقة الخليج واحداً من أهم مواردها المالية. هذه القصة يمكن أن تتكرر مع النفط، حيث تطورت بدائله التي شجعت الحكومات في عدد من دول العالم على دعم السيارات الكهربائية، والتخطيط لإنهاء سيارات البنزين والديزل. بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، وكذلك الهند والصين، أعلنت عن عزمها على التخلص من الوقود البترولي للسيارات. وقد سبق أن رأينا كيف قضت السيارة على مواصلات الماضي من الخيول والحمير، واليوم يعيد التاريخ نفسه.

هذا ما يجعل اليوم، أفكاراً ومشروعاً مثل «رؤية 2030» السعودية مسألة وجودية، لأنها تقوم على إيجاد مداخيل بديلة للنفط، ومن دون ذلك سيكون وضعنا في حالة خطر حقيقية. وكله سيتطلب ترشيد الإنفاق الحكومي الهائل، وتوعية الناس في كيفية إدارة مدخراتهم، وتصحيح الأوضاع الخاطئة بإصلاح التعليم والتوظيف، وتمكين المرأة، ومن دون ذلك فإن المهمة ستكون أصعب لاحقاً.

ومع أنه بقي عقدان على وقف البنزين والديزل للسيارات في عدد من أسواق العالم الكبرى، فإن مداخيل البترول تعاني اليوم مع استمرار ترنح أسعاره، وتوسع سوق النفوط البديلة مثل الصخري. وهذا يزيد الضغط على المخططين للتسريع في البحث عن حلول أسرع. لن يمكن للاقتصاد أن يستمر مع هذه النسب العالية جداً من العمالة الأجنبية والبطالة المحلية، ولا بالدعم الحكومي للسلع والخدمات المختلفة، وهذا كله سيجعل الحمل صعباً على الحكومة والمواطنين خلال السنوات القليلة المقبلة. نحن سنرى نهاية زمن الخدم والسائقين، وصعوبة الحصول على وظائف مجزية أو مضمونة مثل الحكومية.

سيحتاج المخططون إلى التفكير مرات، كيف يمكن لأي دولة أن تميز نفسها صناعياً أو خدمياً؛ هل تنحو أكثر باتجاه السياحة الدينية أو التوسع في منتجات النفط الصناعية؟ هل التركيز الشديد في التعليم على العلوم من مراحل دراسية مبكرة أم التوجه نحو التخصص وإعلان البلد في حالة انتقال مستعجلة؟

لا أحد يعي ما يحدث في العالم ويشك في ضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة تعتمد أقل على النفط، لهذا جاء الإعلان عن الرؤية كقراءة واعية ومسؤولة قبل أن تقرر الدول الانتقال الكبير في صناعة السيارات، الذي سيكون الضربة الكبرى لسوق النفط. وسنرى سباقاً محموماً بين تقليص اعتمادنا على موارد البترول وتقليصهم الاعتماد على مشتقاته من وقود السيارات. ووقف سيارات البنزين والديزل لا يعني تماماً نهاية عصر النفط لكن تضربه في أهم منتجاته وأسواقه، أي مصدر مداخيلنا الرئيسية. مع هذا سيبقى النفط، إلى وقت طويل، مصدراً للحياة في مجالات أخرى، فهو وقود للطائرات والسفن، ويشغل مولدات الكهرباء، ويدير محطات تحلية المياه، ووقود للتدفئة، وفي سفلتة الطرق، ومكون أساسي في كثير من الصناعات من الحديد إلى الشامبو ومعجون الأسنان، وحتى القلوب الاصطناعية.

وقد استمعت إلى رأي بعض المشككين، من أن الموعد المضروب للتخلص من البنزين والديزل بعد عشرين عاماً غير واقعي وستستمر الحاجة إليه، بدعوى أن نسبة السيارات الكهربائية في بريطانيا لا تزيد على واحد في المائة فقط اليوم، إلا أننا رأينا كيف تغير العالم في أزمنة قصيرة واحتضن تقنيات حديثة. وقد يتكرر الأمر مع السيارات الكهربائية خاصة أن تقنيتها، وكذلك السيارة الإلكترونية، تتقدم إلى الأمام بسرعة مدهشة. علينا أن نتفاءل بأننا قادرون على التحدي وتخطي الأزمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علينا الاستعداد قبل سقوط البترول علينا الاستعداد قبل سقوط البترول



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى

GMT 06:36 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

كاتي هولمز تتألق في فستان رقيق بلون البرقوق

GMT 22:37 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الهنود يستهلكون كميات أقل بكثير من الكالسيوم

GMT 20:28 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ماسبيرو زمان" تعيد عرض برنامج جولة الكاميرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib