روح الدين وشيخ الأزهر

روح الدين وشيخ الأزهر

المغرب اليوم -

روح الدين وشيخ الأزهر

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

على هامش «قمة الإعلام العربى» التى أقيمت فى دبى، تشرفت بالمشاركة فى جلسة محدودة مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب. هذه هى المرة الأولى التى أستمع فيها للدكتور الطيب متحدثا ومتلقيا أسئلة فى جمع محدود العدد من الناس. بالطبع أحضر وأستمع وأتابع الفعاليات التى يشارك فيها شيخ الأزهر أمام الجموع الغفيرة، ولكن الاستماع إليه عن قرب، والتحدث معه، وسؤاله، وتلقى إجاباته عن قرب أمر مختلف.

هو شخصية استثنائية بكل المعايير. أسئلة عديدة ألحت على طيلة الجلسة: هذه هى مواصفات رجل الدين الذى كنت أعتقد، وأنا صغيرة، أنها المتوقعة والعادية. شخص هادئ، واثق من نفسه، يتحدث بصوت منخفض، ولكن بثقة، لا يقاطع السائل مهما بدا سؤاله بسيطا أو سخيفا أو معروفا، وحين يجيب لا يمعن فى استعراض قوته المعرفية والتباهى بفوقيته الدينية، بل يتحدث بمحبة ومودة، ويشرح ما يتيسر شرحه. والأهم من ذلك أن محتوى الحديث وإطاره بسيطان هادئان فيهما الكثير من المفردات التى تعمل على تهدئة النفوس وترضية القلوب وطمأنة العقول.

متى وأين وكيف إذن نشأ فى وادينا الطيب كل هؤلاء المشايخ والأئمة ورجال الدين الذين يصرخون فى الميكروفونات، ويستخدمون كل الأساليب الكلامية والنفسية التى تجعل السائل يشعر بالدونية أو التقصير أو الجهل أو كل ما سبق؟ والأخطر من ذلك، متى وأين وكيف ولماذا ترك هذا هؤلاء يعتمدون فى كلامهم وخطابهم وخطبهم على أسلوب الترويع والتخويف، فلا إشارة إلى أهمية عبادة إلا بالتلويح إلى عذاب جهنم المنتظر من لا يمارسها، ولا كلام عن مكانة طقس من الطقوس إلا بالتهديد بعذاب القبر وانتقام الدنيا والاقتصاص من الجانى أى العبد؟، ومتى وأين وكيف ترك البعض منهم لا يتحدث إلا عن المرأة وشعر المرأة وفستان المرأة وصوت المرأة وضحكة المرأة والنفس الذى تتنفسه المرأة؟ وكيف تمددت قاعدة الفتاوى الشاذة، وتوسعت أعداد المنجرفين وراء الرجل التى ندخل بها الحمام، أو دعاء ركوب الأتوبيس، أو حكم اقتناء الكلب، أو الفرق بين التمثال والـ«بيبلو» وهل هى أصنام، وحكم غش إجابة سؤال فى الامتحان إن كان الغشاش من أسرة فقيرة لن تقوى على دفع مصروفات عام دراسى إضافى إن رسب، وغيرها من الأسئلة التى أعيت من يداويها، وأدخلت ملايين المصريين فى دوامة السطحية الفكرية وسلبت عقولهم وأصابت الفكر والثقافة والهوية المصرية فى مقتل.

لا أتصور أبدا الدكتور أحمد الطيب وهو يخطب فى المصلين فى صلاة الجمعة مثلا ممن يصيحون بأعلى صوت، أو يهددون بأبشع أنواع العقاب الإلهى، أو يغرقون فى حديث الأسلاف الأولين دون الالتفات إلى المعاصرين.

إذا كانت الجموع الغفيرة اعتادت الصياح والصراخ والتهديد والوعيد والعبوس والجمود والقسوة طريقا إلى التدين، فهذا أصبح منعكسا فى المجتمع كله، وليس على صعيد الدين فقط. هل فات وقت إعادة روح الدين إلى الدين؟.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح الدين وشيخ الأزهر روح الدين وشيخ الأزهر



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib