محاربة اليمين باليمين 6

محاربة اليمين باليمين؟ (6)

المغرب اليوم -

محاربة اليمين باليمين 6

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

فى مسألة التطرف والتعصب، خلصنا فى المقال السابق إلى ما كتبه الأستاذ الدكتور وائل لطفى فى رسالته، من أن محاولة تغيير أفعال التطرف وأفكاره دون التطرق إلى أصولها قلما تنجح، إذ تعاود الجذور الفكرية بث سمومها مع تواتر الأجيال. وبعد فهم آليات هذا الفكر وكيف يعمل، على المهتمين بمواجهة التطرف تفنيد وتفكيك هذه الأفكار والضلالات الفكرية، مع التركيز على مسؤولية الفرد الشخصية عن أفكاره ومعتقداته، بدلًا من حكاية «شيخي» أو «أميري» أو «قائدي» أو «زعيمي» هو المسؤول عنى، ثم دمج كل ما سبق ليكون جزءًا لا يتجزأ من المحتوى الدراسى والإعلامى باستمرار، وليس محتوى موسميًا، أو كرد فعل على حدث أو واقعة ما.

وبهذه المناسبة، أشير إلى أنه ليس من المعقول أو المنطقى أو المقبول أن أُوكل إلى من كان سببًا فى تطرف العقول، أو إلى ما كان سببًا فى ذلك، مهمةَ مواجهة التطرف ومحاربة التشدد. فهناك مثلًا بعض الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة بحكم أيديولوجيتها، أو الجماعات العنصرية القائمة على التطرف لصالح عرق بعينه، أو حتى مؤسسات أو مجموعات دينية تعتنق التطرف منهجًا دون أن تعلن عن ذلك، بل ربما تعتقد أو تروج أنها سيدة الوسطية ونبراس التسامح ونهر الانفتاح وقبول الآخر، لكنها جميعًا فاعل رئيسى، إن لم تكن المتهم الرئيسى المتسبب فى استدامة صناعة التطرف. فهل يُعقل أن يُطلب منها مواجهته ودحره فى منبته؟.

هل يمكن أن نتوقع من حزب يمينى قائم على رفض المهاجرين واللاجئين، وكراهية الأجانب، ويعتمد فى برنامجه على فوقية لون أو عرق بعينه، أو على الشعبوية القائمة على فكرة الارتداد إلى الداخل، مثلها مثل الفكر السلفى مثلًا، القائم على التشبث بالماضى واعتبار الحاضر كفرًا وانحلالًا، وأن المجتمع المسلم لا يستوى إلا إذا سار عكس اتجاه عقارب الساعة، بالإضافة إلى تنميط الآخر؟ فالأحزاب اليمينية المتطرفة غالبًا تتخذ موقفًا معاديًا من المسلمين، يقوم على تنميطهم باعتبارهم جميعًا إرهابيين أو رجعيين. فهل نتوقع من مثل هذا الفكر أن يواجه التطرف ويجابه التعصب ويحارب التشدد؟. وللعلم فقط والإحاطة، يعتقد البعض أن مصطلح «اليمين المتطرف» حكر على دول غربية صعد فيها هذا التيار القبيح المعادى للإسلام والمسلمين. هذا البعض غالبًا لا يعتبر جماعات الإسلام السياسى سواء الكامن منها تحت الأرض أو تلك التى صعدت إلى سدة الحكم، أو التى ما زالت فى مرحلة الانتشار الشعبى والجماهيرى عبر الدروس والمحاضرات، أو الجرعات المصورة عبر «تيك توك» و«إنستجرام» وغيرهما من منصات السوشيال ميديا، أو حتى تلك التى نجحت منذ سنوات فى التسلل إلى قطاعات المؤسسات الرسمية بهدوء، وآخذة فى التمدد والتوسع تحت راية «نشر الأخلاق» و«الدعوة بالحسنى»- يمينًا متشددًا، لكنها فعليًا كذلك. كل ما هو قائم على الفوقية واعتبار الذات وحدها الحق، وكل ما عداها عاصٍ وآثم أو درجة ثانية، هو يمين متطرف.

وللحديث بقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاربة اليمين باليمين 6 محاربة اليمين باليمين 6



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib