بقلم : محمد أمين
كتبت مقالات كثيرة عن أعلام مصر ليس فيهم امرأة واحدة.. لا أدرى أهو انحياز فطرى للرجل أم هى ثقافة ذكورية؟.. أحاول اليوم تصحيح الأوضاع بالحديث عن سيدة بألف رجل، هى الدكتورة عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ (١٣٣١ هـ/ ٦ نوفمبر، ١٩١٣ - ١٤١٩ هـ/ ١ ديسمبر، ١٩٩٨)، وهى مُفكرة وكاتبة مصرية، وأستاذة جامعية وباحثة، وهى أول امرأة تُحاضر بالأزهر الشريف، ومن أوائل من اشتغلن بالصحافة فى مصر، وبالخُصوص فى جريدة الأهرام، وهى كذلك أول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل العالمية فى اللغة العربية والأدب سنة ١٩٩٤.
وهذه سطور عن مسيرة الدكتورة عائشة.. ولدت فى مدينة دمياط بشمال دلتا مصر، فى أوائل شهر نوفمبر عام ١٩١٣م. عائشة هى ابنة لعالم أزهرى، حيث كان والدها مُدرسا بالمعهد الدينى بدمياط، وهى أيضًا حفيدة لأجداد من علماء الأزهر، فقد كان جدها لأمها شيخا بالأزهر الشريف. تلقت تعليمها الأولى فى كُتّاب القرية، حيث حفظت القرآن الكريم المبارك كاملا، ثم أرادت بعدها الالتحاق بالمدرسة عندما كانت فى السابعة من العمر، لكن والدها رفض ذلك، حيث كان من عادة الأسرة رفض خروج البنات من المنزل والذهاب إلى المدرسة!.
تلقت عائشة عبد الرحمن بدلا عن ذلك تعليمها بالمنزل، وقد بدأ يظهر تفوقها ونبوغها فى تلك المرحلة عندما كانت تتقدم للامتحان فتتفوق على قريناتها بالرغم من أنها كانت تدرس بالمنزل.. حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام ١٩٢٩ وقد كان ترتيبها الأولى على القطر المصرى، ثم حصلت على الشهادة الثانوية بعدها التحقت بجامعة القاهرة لتتخرج فى كلية الآداب قسم اللغة العربية ١٩٣٩ م وكان ذلك بمساعدة أمها، فأبوها كان يأبى ذهابها للجامعة!.
وقد ألّفت كتابا بعنوان الريف المصرى فى عامها الثانى بالجامعة، ثم نالت الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام ١٩٤١ م.. تزوجت أستاذها بالجامعة الأستاذ أمين الخولى صاحب الصالون الأدبى والفكرى الشهير بمدرسة الأمناء، وأنجبت منه ثلاثة أبناء وهى واصلت مسيرتها العلمية حتى نالت رسالة الدكتوراة عام ١٩٥٠م وناقشها عميد الأدب العربى د. طه حسين!.
كانت بنت الشاطئ كاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة ونموذجًا للمرأة المسلمة التى حررت نفسها بنفسها بالإسلام، فمن طفلة صغيرة على شاطئ النيل فى دمياط إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا فى كلية الشريعة بجامعة القرويين فى المغرب، وأستاذ كرسى اللغة العربية وآدابها فى جامعة عين شمس بمصر!.
تدرجت فى المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذاً للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عامًا، فكانت ثانى امرأة تكتب بالأهرام بعد الأديبة مى زيادة، وكان لها مقال طويل أسبوعى، وكان آخر مقالاتها ما نشر بالأهرام يوم ٢٦ نوفمبر ١٩٩٨، وكان لها مواقف فكرية شهيرة!.