إردوغان الحالم بما يفوق قدرته
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

إردوغان... الحالم بما يفوق قدرته

المغرب اليوم -

إردوغان الحالم بما يفوق قدرته

نديم قطيش
نديم قطيش

خبر آخر عن إردوغان والشعر. هذه المرة أثار الرئيس التركي غضب إيران، بعد إلقائه بيت شعر من قصيدة للشاعر الأذربيجاني محمد إبراهيموف، تراها إيران دعوة انفصالية؛ لأنها تتحدث عن أهمية نهر «أرس» للشعب الأذربيجاني، وهو النهر الحدودي بين إيران وأذربيجان.رفضت إيران ما عدّتها «أطماعاً توسعية» تضمرها أنقرة، وأعلنت «الخارجية» الإيرانية استدعاء السفير التركي وتسليمه مذكرة احتجاج على تصريحات إردوغان «التدخلية وغير المقبولة» في شؤون إيران. وردت تركيا بإعلانها استدعاء السفير الإيراني في أنقرة، بعد ما عدّتها «ادعاءات لا أساس لها» وجهتها طهران بحق إردوغان.

الحقيقة أن الشعر اختلط بتجربة الرئيس التركي السياسية بشكل لافت. العام الماضي ألقى، في سياق واحدة من جولات التحضير للانتخابات البلدية في البلاد، قصيدة شعرية، قرأها قبل 20 عاماً عندما كان رئيساً لبلدية إسطنبول، وتسببت في حبه.

تقول قصيدة الشاعر التركي القومي، ضياء كوك ألب، التي مهدت لصعوده السياسي بعد السجن ثم تأسيس حزب العدالة والتنمية وتولي رئاسة الحكومة:
«المآذن رماحنا، وقببنا خوذاتنا، والمساجد ثكناتنا، والمؤمنون جنودنا»، وهو ما عدّته السلطات حينها تفريقاً بين الأديان ومعاداة للعلمانية.
ليس من باب الصدفة أن إردوغان يعدّ الشاعر نجيب فاضل قيصاكورك (1904 - 1983) «المعلم» الأعظم أثراً في تكوينه الشخصي والسياسي، ويشاركه في هذا التنويه عدد كبير من قادة الحركة الإسلامية في تركيا المعاصرة. قبل ثلاثة أعوام اختار إردوغان مناسبة تكريمية لشاعره «المعلم» لإلقاء خطاب مشحون بالعاطفة والتهويل اعتراضاً على نقل الرئيس الأميركي دونالد ترمب السفارة الأميركية إلى القدس... «إذا فقدنا القدس، فلن نتمكن من حماية المدينة المنورة، وإذا فقدنا المدينة، فلن نستطيع حماية مكة، وإذا سقطت مكة، فسنفقد الكعبة»؛ قال إردوغان يومها، بلغة تستعير من الشعر تهويماته وتحليقه في فضاء المجاز اللغوي.
ما يلفت في علاقة الرئيس التركي بالشعر تلك العلاقة العكسية التي يقيمها مع اللغة والمجاز. فالشعر كان دوماً ملاذ الاعتراض السياسي في الهامش على المتون التي تحتلها السلطة، وهي ليست حال إردوغان المتربع على عرش تركيا منذ نحو عقدين من الزمن! الشعر هو فضاء الممتنع. فالقصيدة لا تنتصر على المدفع، ولا تملك الطاقة على خلق الوظائف، أو تحسين الاقتصاد، ولا تقترح خطط طوارئ صحية، أو تعدل الدساتير. هي بهذا المعنى مصنع لإنتاج القيم، وغالباً في مواجهة السلطة السياسية وقصور السياسة والسياسيين.
والحال؛ لم تخلُ تجارب الأمم من الشعر السياسي الذي وفر منصة احتجاج تراوحت بين المباشرة والترميز. محمود درويش صار المعادل الشعري للوطن الفلسطيني المفقود، والرافد العاطفي للثورة، والقاموس الوجداني لجغرافيا فلسطين بحراً وهواءً وشجراً وتراباً. في تونس يكاد الشعر يكون بياناً سياسياً متصلاً؛ بل الأدب الذي أنتج أرقى جملة سياسية في تاريخ النضال العربي ضد الظلم مع أبو القاسم الشابي:

«إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي

ولا بد للقيد أن ينكسر
ولأن السياسة هي كل الشعر تقريباً في العراق، خلافاً لبقية الفنون التي أفردت فيها مساحات أرحب للحب والجمال، اتسع الحيز الشعري للجواهري، بعمارته اللغوية التي تحاكي عبقرية المتنبي، كما لأحمد مطر الذي اختار اللغة المباشرة كطلقة مسدس، أو مظفر النواب الذي يقارب القصيدة بذراع ملاكم.

عن هذا يقول أمين الريحاني فيما دوّنه عن رحلته إلى العراق وأصدره في كتابه «ملوك العرب»: «لولا الشعراء في العراق لسئمت السياسيين. ولولا السياسيون لفررت هارباً من الشعراء».
في مصر يقفز إلى الذهن مباشرة اسم أمل دنقل ورائعته الرومانسية «لا تصالح»، ثم أحمد فؤاد نجم الذي تحول إلى «مؤسسة شعرية سياسية» لا يوازيها، ربما، إلا الدمشقي نزار قباني، في القدرة على اختراق الجماهير غير التقليدية للشعر، وجعله مادة للتداول والاستهلاك خارج حدود النخبة.

ولما ضاقت السياسة بالسودانيين الثائرين على حكم البشير أبحروا في أبيات محمد مفتاح الفيتوري الذي اختصر شعبين (ليبيا والسودان) وقارة، وراحوا يتداولونها في الفضاءين الرقمي والساحاتي، منشدين معه:

أمس مر طاغية من هنا

نافخاً بوقه تحت أقواسها

وانتهى حيث مر...
ويحتل عالمياً الثلاثي الفرنسي لويس أراغون، والتشيلي بابلو نيرودا الذي ترشح لرئاسة بلاده، والإسباني الغرناطي المسرحي والشاعر فيديريكو غارثيا لوركا، ذلك الفضاء بين السياسة والشعر، حيث اللغة والمجاز موئل الإنسان الهش.
أعود إلى إردوغان معتذراً عن الإطالة فيما سبق. ماذا يفيد الشعر سياسياً مثله؟

في رده على الرئيس التركي، قال المستشار الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية، حسين أمير عبد اللهيان، في تدوينة، إن «تصريحات السيد رجب طيب إردوغان مدعاة للاستغراب والتعجب، فأعتقد أن الرئيس التركي نفسه لا يعرف ما قاله».

ما فات عبد اللهيان أن إردوغان على العكس تماماً، يعرف بالضبط المراد من قوله. وهو ككل الطغاة، وإردوغان بات طاغية، يمتلك كل مواصفات الطغيان، يجد في المجاز اللغوي حيزاً لتطويع القيم، ويركب اللغة وسيلةَ نقل وشحن عاطفي، تتجاوز الأعطال والقصور الناتجين عن فقدان القدرة على الفعل. اللغة هي ما يردم به إردوغان تلك الهوة هائلة الاتساع بين حيويته واندفاعه من جهة؛ وعدم قدرته على الإنجاز من جهة ثانية. فمشروعه التوسعي الممتنع بفعل الواقع السياسي وواقع قدراته العسكرية والاقتصادية والتوازنات العالمية، يجد له متنفساً في الشعر. حاجته الماسة للهروب من مشكلات داخلية اقتصادية وصحية وسياسية وحزبية، تلزمه اختراع أوهام خارج حدود بلاده، لا يملك لها أدوات عمل سوى سراب اللغة وفضاء العاطفة.
الشعر بوابته لإعلان الهوية الإسلامية لتركيا التي يريدها. والشعر للاعتراض على السياسة الأميركية التي يمتلك حدوداً ضيقة للاعتراض العملي عليها. والشعر بوابته للتحايل على التعايش الاضطراري بينه وبين إيران، في لحظة خلافه العميق مع كل جواره الجغرافي؛ العربي والأوروبي.

الشعر هنا كناية عن العجز. كأن إردوغان، ولو كان يقيم في المتن السياسي التركي، في هامش العالم. حالم بما يفوق قدرته. طامح فيما يتجاوز ما يمكن الحصول عليه. رومانسي يعيش محنة النوستالجيا...

وما النوستالجيا إلا غواية كاذبة، وما أعذب الشعر إلا أكذبه!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان الحالم بما يفوق قدرته إردوغان الحالم بما يفوق قدرته



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 12:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب
المغرب اليوم - دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib