فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عددًا من القرى والبلدات في محافظة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة برج كونتي التاريخي في العاصمة الإيطالية روما يتعرض لإنهيار جزئي ما أسفر عن إصابة عمال كانوا يعملون على ترميمه وزارة الدفاع الروسية تعلن إسقاط 26 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات فوق الأراضي الروسية مقتل سبعة متسلقين وفقدان أربعة في إنهيار جليدي غرب نيبال رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان أكثر من 3.2 مليون مسافر أميركي يتأثرون بتعطّل الرحلات بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية وسط تداعيات الإغلاق الحكومي منظمة الصحة العالمية تنشر فرق إنقاذ بعد وقوع بلغت قوته 6.3 درجة شمالي أفغانستان مقتل 7 بينهم أطفال وإصابة 5 آخرين جراء استهداف مسيرة لقوات الدعم السريع مستشفى كرنوي للأطفال الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل محمد علي حديد القيادي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله الهند تطلق أثقل قمر اصطناعي للاتصالات بنجاح إلى مداره الفضائي
أخر الأخبار

فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»!

المغرب اليوم -

فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»

حسين شبكشي
حسين شبكشي

كنت أتابع منذ أيام قليلة مضت برنامجاً حوارياً في إحدى القنوات الفضائية العربية، يدور الموضوع الرئيسي فيه ببساطة واختصار حول محاولة الإجابة عن سؤال واحد هو: «ما هي الحضارة الأفضل على مر التاريخ»؟ وبدأ كل ضيف من الضيوف في التسابق الشديد والحاد في تقديم الحجج والبراهين والأدلة على رجاحة اختياره، وتبادل السرد من الضيوف بإبراز أهمية أدوار الحضارة المصرية القديمة الفرعونية، وحضارة ما بين النهرين، وحضارة سوريا التاريخية القديمة، وحضارة فارس القديمة، وحضارة الصين، وحضارة الهند، مع عدم إغفال ما تم تقديمه من قبل الحضارة الأوروبية متمثلة في حضارتي أثينا وروما، بل حتى تم التطرق إلى دور حضارات الازتك والمايا والإنكا في مناطق أميركا اللاتينية.
والحقيقة أن النظرة المحدودة التي تصر على أن هناك حضارة أحسن من غيرها أو أن عرقاً أحسن من غيره أو أن شعباً أفضل من آخر، هي نتاج الجهل والجاهلية المتوارثة بأشكال متنوعة ومختلفة، ولكنها تصب جميعها في المصب الخبيث نفسه. فالحضارات الإنسانية عبر التاريخ مطلوب أن يتم التعامل معها على أساس أنه سباق تتابع من نوعية المسافات الطويلة جداً، كل حضارة تسلم نتاجها ومخرجاتها للحضارة التي تليها: الواحدة تلو الأخرى وكأنها تتسلم عصا التتابع.

إنها باختصار شديد حالة واضحة من التفاعل والتعاون البشري والتراكم المعرفي المتتابع. بناء معرفي على ما تم من قبل من دون الحاجة لإلغاء ما سبق أو إلى هدم ما تم بناؤه بشكل كامل. فالثراء العظيم الذي يعرف عن حضارة بلاد ما بين النهرين، كم أظهره خزعل الماجدي في كتبه القيمة أن هذه الحضارة كانت حضارة أممية شمولية تأسيسية، والشيء ذاته ممكن أن يقال عن حضارة سوريا التاريخية التي يقدمها لنا فراس السواح في كتبه المهمة واللافتة التي يظهر فيها عمق تلك الحضارة وعطاءاتها الثرية في مختلف المجالات.
عدا ذلك هناك حضارة فارس القديمة التي تألقت في الجوانب الروحية والفلسفية، فقدمت الديانتين الزادرتشتية والمانوية، بالإضافة لإبداعات عديدة في مجالات متنوعة. وهناك الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، التي لا تزال إبداعاتها في مجالات المعمار والطب والتصميم ومجالات أخرى عديدة ومختلفة محيرة وتثير دهشة واستغراب العديد من الخبراء والعلماء حتى اليوم، وهو ما أشار إليه الباحث المصري الكبير الدكتور جمال حمدان.

وهناك الكثير مما يمكن أن يقال بحق الحضارة الأوروبية وأثرها المهم على العالم في مجالات العلوم والفنون والآداب والعمارة والطب والهندسة والحقوق والقانون، وقبلها كان العالم قد استفاد من نتاج وعطايا ومنتجات حضارتي الصين والهند.
العالم بحضاراته ليس بجزر منعزلة مستقلة عن بعضها البعض، ولكنها مترابطة إنسانياً وبتبادل المعرفة، التي فتحت مهارات الترجمة شِفرات العلوم الخفية من قبل وكان ذلك أشبه باكتشاف الجاذبية أو اكتشاف الكهرباء في أهميته. واليوم تقوم الشبكة العنكبوتية المعروفة باسم الإنترنت، بدور مهول وعظيم لتوحيد الحضارات وتقريب الجزر المعزولة عن بعضها البعض، فالناس يشاهدون الأفلام والمسلسلات نفسها، ويقرأون الكتب نفسها، ويسمعون الأغاني نفسها، ويحترمون القوانين نفسها والقوانين التي تعترف بخصوصياتهم وخياراتهم المختلفة.
لا تتحمل البشرية ولا يمكن تحميل الإرث الإنساني هم وثقل وعبء ووزر تفضيل حضارة على أخرى بعد اليوم، فتاريخ الخلافات والحروب الدموي الذي أشعلته هكذا طروحات يبرهن لنا العبثية الكبرى التي لا يمكن أن تغتفر لتلك الطروحات الهزلية. لا يخاف من النظرة المتقاربة لحضارات العالم المختلفة إلا المضطربون والخائفون على هوية هشة اعتمدت على صناعة سردية معينة لتبرير الوجود. واليوم مع الانفتاح التاريخي على الآخر على صعيد العالم وتبني نظرة موحدة وقيم موحدة، يصبح الرافض لهذه المنظومة الجديدة أشبه بكوريا الشمالية، فالكل يعرف أين تقع، ولكن لا أحد يرغب في الذهاب إليها.

مشروع صدام الحضارات حذر منه المؤرخ الأميركي الراحل صمويل هانتنغتون في كتابه الذي أثار جدلاً كبيراً في وقته «صدام الحضارات» وشاهدناه بعد ذلك يأخذ أشكالاً مختلفة في مناطق مختلفة حول العالم، وذلك بوجود خطاب انعزالي عنصري همجي يزيد من حرارة الانشقاقات الفكرية المؤيدة لمشروع صدام الحضارات المدمر.
لا توجد حضارة أفضل من أخرى... هذه هي الخلاصة التي يمكن الخروج بها، فالكل نتاج من سبقه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة» فكرة الحضارة بين الحداثة و«الحداقة»



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 15:23 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة
المغرب اليوم - لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة

GMT 18:48 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار
المغرب اليوم - مايكروسوفت توقع صفقة حوسبة ضخمة بقيمة 9.7 مليار دولار

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib