كفانا عنترية وعواطف

كفانا عنترية وعواطف

المغرب اليوم -

كفانا عنترية وعواطف

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

مقدم برنامج سياسى على قناة إخبارية عربية مهمة سأل ضيفه الباحث والكاتب العربى سؤالًا منطقيًا واضحًا هو: ما خيارات حركة حماس فى الرد على المطالب الإسرائيلية والأمريكية بنزع سلاحها وإنهاء حكمها ونفى قادتها خارج القطاع؟
الضيف رد على سؤال مقدم البرنامج، بقوله: لا ينبغى نزع سلاح حماس والمقاومة والمطلوب هو أن يضغط العالم على إسرائيل لنزع سلاحها، لأنها الطرف المعتدى والمحتل.
حرصت على ألا أذكر اسم الباحث الضيف أو القناة أو الإعلامى المعروف عربيًا على نطاق واسع، لأن الهدف من هذه الكلمات ليس الشخصنة والدخول فى حروب كلامية، لكن مناقشة بعض الأفكار، التى أرى أنها تشكل خطرًا حقيقيًا على القضية الفلسطينية والمصالح العربية حتى لو كانت ترضى جمهور «الترسو» أى ذلك الجمهور الذى يطرب للأعلى صوتًا أو صراخًا ولا يفكر إلا بمشاعره وعواطفه.
وبالطبع كنت أتمنى أن تتحقق أمنية الضيف الكريم، فلا يوجد عربى أو حتى غير عربى إلا ويتمنى ليس فقط نهاية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة ولبنان وسوريا واليمن وإيران، لكن اندحاره تمامًا، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
لكن ونحن نخاطب جمهور المشاهدين، فالأمانة تقتضى منا أن نكون واقعيين حتى لا نسهم فى تخديرهم.
علينا أن نفرق بين ما نؤمن به وما نريده ونرغبه ونتمناه، وبين كيفية تحقيقه وتطبيقه، على أرض الواقع.
نعم من حق حماس وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية أن تقاوم الاحتلال بكل السبل التى يكفلها القانون والتشريعات والقرارات الدولية، ومن الطبيعى أن ندعو طوال الوقت إلى إنهاء العدوان والاحتلال الإسرائيلى.
وحينما يدعو البعض إلى نزع سلاح إسرائيل باعتبارها المعتدية، فإننى أؤيده تمامًا فى ذلك، لكن المنطقى أن نسأله ونسأل كل من يفكر مثله: كيف سننفذ هذا المطلب؟
هل عبر الأمم المتحدة التى تحتقرها إسرائيل وتتهم أمينها العام أنطونيو جوتيرش بمعاداة السامية؟
أم عبر مجلس الأمن الذى تستخدم فيه الولايات المتحدة حق الفيتو دائمًا لمنع أى انتقاد لإسرائيل حتى لو كان خفيفًا؟
هل سننزع سلاح إسرائيل بقرارات جامعة الدول العربية التى تدعم فلسطين شجبًا واستنكارًا، لكنها لا تمتلك أكثر من ذلك؟!
الواقع يقول إن إسرائيل تمارس الآن فى غزة ما هو أكثر من الإبادة بل صارت تقتل علنًا الفلسطينيين، الذين يصطفون فى طوابير للحصول على المساعدات الإنسانية، فى منطقة هى نفسها من خصصتها، بل يتم ذلك عبر منظمة أمريكية.
فكيف سننزع سلاحها والولايات المتحدة الدولة الأقوى فى العالم تدعمها طوال الوقت بل هى شريك أصيل فى العدوان؟!
الذين يتحدثون بهذه الطريقة العاطفية لا يدركون أن ما يسمى بالمجتمع الدولى إما عاجز وإما متواطئ مع إسرائيل وإما لديه مصالح مع الولايات المتحدة تمنعه من التصدى لإسرائيل أو يدعم الفلسطينيين لكن عبر البيانات فقط.
ما تفعله إسرائيل الآن هو تطبيق فعلى لخطة التهجير القسرى وتصفية القضية الفلسطينية، ويوميًا تقتل ما بين ٥٠ و١٠٠ فلسطينى، وتهدم المزيد من البيوت والمنشآت ليس فقط فى غزة بل فى الضفة.
على من يخاطب الرأى العام العربى عمومًا والفلسطينى خصوصًا أن يصارح الناس بالحقائق قدر المستطاع.
طبعًا مطلوب تمامًا رفع الروح المعنوية بكل الصور الممكنة لكن من دون أكاذيب، حتى لا نفيق على كارثة جديدة.
الخطاب العنترى أوصلنا إلى خسائر متتالية، وسمعنا دولًا فى المنطقة تتوعد إسرائيل طوال السنوات الماضية بأنها سوف تمحوها من الوجود خلال دقائق إذا فكرت فى مهاجمتها، وحينما حدث الهجوم بالفعل، لم نرَ هذا الكلام مطبقًا!
إسرائيل المعتدية صورت نفسها للعالم بأنها مظلومة ومحاطة بأعداء يريدون إزالتها من الوجود، وحينما وقعت الواقعة، تبين أن معظم هذه التهديدات كانت جوفاء.
نريد لغة واقعية تقرأ الواقع جيدًا، لا تستسلم إطلاقًا، لكنها تعرف كيف تحافظ على الناس والأرض.
المطلوب ليس اللغة العنترية والشعارات الجوفاء بل البحث فى كل السبل التى توقف العدوان الإسرائيلى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفانا عنترية وعواطف كفانا عنترية وعواطف



GMT 15:42 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

سيارات على طريق القدس

GMT 15:40 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

اختفاء موسى الصدر... المجد للصحافة

GMT 15:38 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

قمة شنغهاي وإقامة نظام عالمي جديد

GMT 15:36 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

القرار والأخطار والمستشار

GMT 15:35 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

بيولوجيا السياسة... شي وبوتين

GMT 15:32 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

معادلة برّي: تطبيع ما هو غير طبيعي

GMT 15:30 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

طب الفاتيكان كمان وكمان

GMT 15:28 2025 الإثنين ,08 أيلول / سبتمبر

القضية فى ست كلمات

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:30 2025 الأحد ,07 أيلول / سبتمبر

مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية
المغرب اليوم - مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية

GMT 21:57 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

سيبايوس يرفض الرحيل عن ريال مدريد

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib