مصري الهوى عرفاتي الرؤى
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 57 ألف شهيد والأمم المتحدة تحذر من انهيار غذائي شامل إرتفاع عدد ضحايا فيضانات تكساس إلى 82 شخصا واستمرار عمليات البحث والإنقاذ إنتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعد ساعات فقط من إقالته بقرار من الرئيس فلاديمير بوتين. الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات واسعة في غزة وتدمير مواقع لحركة حماس شمالاً وجنوباً مقتل أربعة أشخاص وإصابة 36 آخرين في هجمات روسية متفرقة على أوكرانيا إلغاء عشرات الرحلات الجوية من وإلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان ضخم في البلاد حركة حماس تصر على تعديلات الاتفاق والمفاوضات مع إسرائيل بلا تقدم في الدوحة انتشار مفاجئ لأعراض هضمية يثير القلق ومخاوف من موجة فيروسية جديدة ضواحي الناظور الحوثيون يعلنون استهداف مطارات وموانئ إسرائيلية ويؤكدون استمرار دعم غزة إرتفاع عدد قتلى الجيش التركي في العراق إلى اثني عشر جندياً بسبب استنشاق غاز الميثان أثناء مهمة عسكرية
أخر الأخبار

مصري الهوى... عرفاتي الرؤى

المغرب اليوم -

مصري الهوى عرفاتي الرؤى

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

الذين أتيح لهم معرفة ياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني غير العادي، وفق مقاييس يصعب عدها، فضلاً على إحصائها على نحو دقيق، الأرجح أنهم سمعوه يصدح بعبارات اعتاد ترديدها كلما استدعى الموقف استحضار أي منها. تلك عبارات كان لكل منها الموضع الخاص بها، إذ لكل مقام مقال، كما قيل منذ زمن سحيق. من جهته، كان أبو عمار، شأنه في ذلك شأن كل سياسي ماهر، يجيد تطبيق ذلك القول جيداً. أما نحن، جموع عشائر صحافة العرب وإعلامهم، فكان كل دقيق ملاحظة بيننا يلحظ كيف أن عرفات يفرق بحرص شديد بين مخاطبة جمهور عوام الناس، في المهرجانات الشعبية، مثلاً، أو عشية ختام جلسات المجالس الوطنية، عندما يصيح مؤكداً حتمية انتصار «ثورة بساط الريح»، وبين الإنصات بصبر لكل ما يُطرح من أسئلة خلال المؤتمرات الصحافية، ثم الرد عليها فيما تعلو وجهه ابتسامة الواثق، وإنْ ساوره شك أن صحافياً سيئ الحظ يوشك أن يلقي عليه تساؤلاً يحتمل شبهة تشكيك في ذلك الانتصار المؤكد، سارع أبو عمار يقاطع السائل، الذي لم يأخذ تأكيده ذاك مأخذ جد، فينهر السامعين جميعاً، بغضب ساطع عبر بريق عينيه: «يا جبل ما يهزك ريح».
ذلكم ياسر عرفات، الذي لو قدر له العمر بلوغ يومنا هذا، لكان اليوم (24 - 8 - 2022) هو يوم بلوغه العام الثالث بعد التسعين. تجدر الإشارة هنا إلى وجود تباين في دقة المعلومات حول يوم ومكان ولادة محمد عبد الرحمن نجل عبد الرؤوف القدوة الحسيني. أبو عمار نفسه لم يكن يرغب في الكلام المسهب عن هذا الجانب. ذات مرة، تضايق كثيراً من مستشار له لامع إعلامياً على صعيد دولي، لأنه أكد لمجلة «تايم» الأميركية أن القاهرة هي مكان ولادته. روى لي المستشار - أحجب اسمه لأنني لم أستشره - كيف أن غضب عرفات منه أثار دهشته، بحكم أن ذلك هو الشائع والمتداول بشأن مقر ولادته. إنما، هكذا كان الرجل، ساير من صعب الشروط قدر ما استطاع، جامل بقدر ما تحمل، لكنه وإنْ ردد في سياق الرد على مستغرب اعتياده الحكي بلهجة أهل مصر أنه «مصري الهوى»، كان عرفاتي الرؤى من الألف إلى الياء، من خلايا الدماغ، إلى عصب النخاع، خصوصاً حين كان الأمر يتعلق بفلسطين ذاتها، أولاً، أو بأي مستوى من جوانب علاقات «ثورة بساط الريح» بدوائرها كافة، عربياً، وإسلامياً، ودولياً.
بحكم ظروف العمل الصحافي، أتيح لي أن أتابع عن قرب كيف كان أبو عمار يفرق بين الذي يُقال في لقاءات لها طابع عام، مثل اللقاء مع أعضاء هيئات إدارية للنقابات، أو الاتحادات التي تتبع منظمة التحرير الفلسطينية، ومنها، مثلاً، اتحاد الكتاب والصحافيين، وما كان يقول في خاص المجالس، أو مع أناس كانوا، بالنسبة إليه تحديداً، يتمتعون بوضع الخواص جداً، سواء كانوا من رجالات تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، أو شبان الجيل الثاني للحركة، ممن وثق بهم فأسند إليهم مسؤوليات حساسة، وذات خصوصية تختلف عن غيرها.
إلى ذلك، لن يستحيل على عقل يجيد التعامل مع كل التناقضات التي كانت تحيط به، بدءاً بما كان يموج من تفاعلات داخل حركة «فتح» ذاتها، مروراً بتعقيدات علاقاتها مع باقي التنظيمات الفلسطينية بكل أطيافها، أن يجد النهج المناسب لكيفية استمرار تحليق «ثورة بساط الريح»، بدءاً بما يخص علاقاته الشخصية كقائد مع القادة العرب وغيرهم، وصولاً إلى العلاقة مع شخصيات متنفذة على المسرح العالمي. أما المستحيل فعلاً فكان، بكل وضوح، هو أن تمر علاقات ياسر عرفات الذاتية مع الزعامات كافة، بلا خضات كاد بعضها أن يودي به شخصياً، وبالجبل الذي ليس يهتز أمام عواصف الريح، مهاوي الردى. مع ذلك، ليس ثمة مبالغة في تكرار القول إن أبا عمار، ولو لم يكن فريد عصره السياسي، أو وحيد زمانه الثوري، لكنه واحد من قلائل القياديين الثوار، حيثما وُجدت مقاومة وثورات، الذين أجادوا القفز بين حبال التناقضات، وتفننوا في تجاوز حفر الألغام، بل إن الأقدار لم تتخل عنه حتى حين هوت به الطائرة في رمال صحراء ليبيا (7 - 4 - 1992) ثم مبتسماً غادر جوفها، رافعاً شارة النصر بإصبعيه لكاميرات صحافة وتلفزيونات العالم أجمع. زعيم متميز. نعم، حتى خصومه يقرون له بذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصري الهوى عرفاتي الرؤى مصري الهوى عرفاتي الرؤى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib