فلسطين شكراً أبطال «مادلين»

فلسطين: شكراً أبطال «مادلين»

المغرب اليوم -

فلسطين شكراً أبطال «مادلين»

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

... إذن، نفَّذت تل أبيب وعيدها، فلم تتردد قواتها في تطويق قارب بسيط يحمل اسم «مادلين»، واعتقال النشطاء المنتمين إلى «تحالف أسطول الحرية»، الذين أبحروا من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية قبل بضعة أيام، قاصدين إطعام بعض أطفال قطاع غزة الجوعى، بما حملوا معهم مما تيسر لهم من مُعلبات غذاء، وغيرها من المساعدات الرمزية. غريتا ثونبرغ، ليست وحدها المعروفة على صعيد دولي بين أولئك الشبان والشابات، إنما يمكن القول إنها الأبرز، بُحكم أن اسمها ذاع عالمياً بعدما ارتبط بما تمارس من نشاط متميز في مجال الحفاظ على البيئة. ولعل من الجائز القول أيضاً إن غريتا، وكل رفاقها على متن القارب «مادلين»، كانوا ذوي حظ سعيد لسببين، أولهما أنهم وصلوا إلى المياه الدولية قبالة ساحل أشدود سالمين، بعدما تحلَّوا بشجاعة الإقدام على ركوب أمواج البحر الأبيض المتوسط، مغامرين بأرواحهم إزاء احتمال الغرق في الطريق إلى غزة. السبب الآخر أنهم منتمون إلى جيلٍ يُشعرني بالخجل لأنني عاجز عن تقديم عون مماثل لما يُقدم لفلسطين على الأرض، وليس من حرج في الإقرار بهكذا خجل أو عجز.

محاولة «تحالف أسطول الحرية» هذه، ليست الأولى من نوعها، بل هي المحاولة السادسة والثلاثون التي يُقْدِم عليها التحالف ذاته منذ إنشائه عام 2008. بيد أن لرحلة القارب «مادلين»، من وجهة نظر ذاتية، نكهة تتميز بها عن غيرها مما سبقها. أولى سمات خصوصية نكهتها أن الاسم المُعطى للقارب مأخوذ من اسم أول وأصغر امرأة غزَّاوية امتهنت صيد الأسماك سنة 2014، وتُدعى مادلين كَلاب، وفقاً لما ورد في تقرير ممتاز نُشر على موقع «بي بي سي» العربي، وكتبته إيثار شلبي. سمة الخصوصية الثانية يمكن ملاحظتها في تميز شخصيات المتطوعين الاثني عشر في هذه الرحلة، بدءاً بشخصية غريتا ثونبرغ، ثم ريما حسن مبارك، المولودة لاجئةً فلسطينيةً في مخيم النيرب على أطراف مدينة حلب السورية، قبل أن تشق طريقها بنجاح مبهر؛ فتدرس القانون في جامعة السوربون، وتصبح مواطنةً فرنسيةً، ثم تفوز في انتخابات البرلمان الأوروبي. بقية أعضاء الفريق العشرة متميزون هم أيضاً، كلٌّ في مجاله أو ميدانه. العبرة هنا واضحة كل الوضوح، فهؤلاء شبان وشابات تحرك ضمير كل منهم ومنهن، وقرر أن التعاطف مع شعب قطاع غزة المنكوب يستحق ركوب كل أنواع الخطر، بصرف النظر عن هول الثمن المُتَوَقع.

الواضح أيضاً أن عقلية غلاة التطرف في إسرائيل فشلت، والأرجح أنها سوف تواصل العِناد فتفشل في فهم إحدى أهم حقائق ما بعد زلزال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي تتمثل في أن شعوب العالم كافة وصلت إلى نقطة اللاعودة على طريق الفهم الصحيح لمأساة الشعب الفلسطيني. وفي ضوء ذلك، فإن هذه الشعوب لن تكفَّ عن ممارسة ضغوطها على حكوماتها كي تبدأ مسيرة إصلاح أخطاء سياساتها، التي أسهمت في إطلاق العنان للصلف الإسرائيلي طوال سنوات ما بعد نشوء إسرائيل الدولة. تُرى، أليس حَرِيّاً بكل فلسطيني أن يصدع بالشكر لأبطال «مادلين»، ولغيرهم من نشطاء الدفاع عن حق الفلسطينيين بالحرية؟ بلى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين شكراً أبطال «مادلين» فلسطين شكراً أبطال «مادلين»



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

ليلى أحمد زاهر تلهم الفتيات بإطلالاتها الراقية ولمساتها الأنثوية

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 23:23 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بوتين يبدي استعدادا للقاء زيلينسكي في موسكو
المغرب اليوم - بوتين يبدي استعدادا للقاء زيلينسكي في موسكو

GMT 12:38 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 22:26 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

عبيابة يشارك المغربية للإعلاميين الرياضيين أمسية العرفان

GMT 10:10 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

السرعة وغياب التشوير وراء حادث سير في تطوان

GMT 20:45 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام برنامج تعريفي لاستكمال الدراسات العليا في أميركا

GMT 02:07 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

انتهاء ريهام عبدالغفور من تصوير مشاهدها في "سوق الجمعة"

GMT 01:51 2017 الإثنين ,06 شباط / فبراير

الروائية إليف شفق تؤكّد أنها لا تؤمن بالأبطال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib