حرب جونسون وترمب

حرب جونسون وترمب

المغرب اليوم -

حرب جونسون وترمب

بكر عويضة
بكر عويضة

بالتأكيد، ليس القصد أن بوريس جونسون، يخوض غمار حرب ضد الرئيس دونالد ترمب خلال آخر ما بقي له من أيام في البيت الأبيض. كَلا، إنما المقصود أن كُلاً من رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الأميركي، يرفض الاستسلام في مواجهة حرب سوف يزعم كلٌ منهما، لاحقاً، أن القدر فرض عليه، فرضاً، تحمّل مسؤولياتها، وتسديد فواتير تكلفتها، حتى لو دفع أثمانها غيرُهما من الناس. ذلك النوع من الزعم يحصل كثيراً، عند وضع كتب المذكرات. بيد أنني لستُ أدعي هنا أن جونسون أو ترمب سيُقدم على الفعل ذاته، إذ ليس لديّ ما أوثق به هكذا ادعاء، إنما الأرجح أن يتفق معي أكثر من مدقق متابع، أن معظم رواة الذكريات يختارون حكايات تظهر الواحد منهم بطلاً، وربما البطل الأوحد، فيما الآخرون حوله، إما أنهم «كومبارس» بلا فعل ذي قيمة تُذكر، أو هم أشباح وراء «كواليس» مسرح الراوي، وربما مجرد أقزام يتقافزون عن يمينه، وعن شماله، كأنهم مجرد طالبي أدوار. حصل هذا في أغلب ما نُشر من مذكرات، بكل اللغات، ومن مختلف الثقافات، وعبر القرون، ذلك أن الهدف، في معظم الحالات هو، أساساً، تلميع صورة الراوي، أولاً، ومن بعده الطوفان؛ وإلا ما تفسير سرد الوقائع، بين دفتي كُتب المذكرات، من وجهة نظر راويها وحده، ولماذا تتقدم، دائماً، رواية شخص على رؤى أشخاص، وما سر نهوض صنم الفرد على أنقاض جماجم الناس؟

تلك تساؤلات ستظل تبحث عن إجابات. ذلك أمر مشروع، بل هو واجب، إنما الأفضل أن أبقى ضمن الحدث المتسارع التطور هذه الأيام، فأرجع إلى مدخل المقالة. بكل تأكيد الفرق شاسع بين حرب بوريس جونسون، وتلك التي يشنها دونالد ترمب، بين قومه أنفسهم، في الضفة المقابلة من الأطلسي. الأول يقف إلى جانب الناس كافةً، في أرجاء الكوكب قاطبة. رؤساء الحكومات منهم والمواطنون. يشاركهم خوض غمار الحرب الكونية ضد فيروس «كورونا»، وما جرّ على البشر من ويلات، وما سيخلّف غبار تلك الحرب من آثار، يبدو واضحاً للخبراء في غير مجال، اقتصادي واجتماعي ونفساني، أن تأثيراتها باقية بضع سنوات آتية، وفي مختلف المجتمعات، بلا تفريق بينها. حقاً، يواجه بوريس جونسون كثيراً من انتقادات الخصوم، حتى داخل حزب «المحافظين» ذاته، بشأن كيفية إدارته المعركة ضد الوباء، إنما معظم ما يُوجه من نقد يظل أضعف من حجب حقيقة أن الرجل لم يقصّر في القيام بواجبه كرئيس حكومة، ولو من المنطلق الذي اقتنع به. في كلمة له لم تزد على تسع دقائق وجهها مساء الاثنين الماضي، صدم سيد القرار في «10 داوننغ ستريت» مواطنيه بإعلان مزيد من التشدد في إجراءات الإغلاق، بقصد التصدي للفيروس في نسخته الجديدة، التي يتسارع انتشارها بشكل مثير للقلق فعلاً. بعده مباشرة، خاطب زعيم حزب «العمال»، سير كير ستارمر، البريطانيين عبر «بي بي سي»، فأيد كلام رئيس الحكومة تماماً. تلك هي المعارضة المسؤولة، التي تتجنب المزايدة عندما تكون فائدة المجتمع ككل هي الهدف النهائي.

ماذا إذنْ فيما يخص حرب الرئيس دونالد ترمب؟ إنها، باختصار شديد، الحرب التي تضع الشخص في المقام الأول. ألم يرفع سيد البيت الأبيض - حتى اللحظة - منذ خاض معركة الانتخابات الرئاسية عام 2016 شعار «أميركا أولاً»؟ بلى. حسناً، ها هو يقدِّم ذاته على مصالح كل الأميركيين عندما يرفض التسليم بانتصار جو بايدن، المرشح الديمقراطي، في انتخابات 2020. لقد سارع فريق الرئيس ترمب فجمّع كل ما استطاع أن يحمل من أوراق تطعن في النتائج، إلى محاكم أكثر من ولاية، وواصل السير على نهج التخاصم القضائي رغم رفض دعاواه كلها، ثم استدار يجرّب محاولة انقلاب دستوري، فأوعز إلى عدد من مؤيديه الجمهوريين في مجلس الشيوخ لطلب تصويت مجلسي الشيوخ والنواب على الفائز، ترمب أم بايدن. هذه المحاولة، التي يُفترض أن يتضح مصيرها اليوم (الأربعاء)، تعبر عن يأس، بل تعكس كذلك مدى الشرخ الذي أصاب تفكير الرجل؛ إذ يصر على حرب بلا معنى على الإطلاق. إنما، يبقى الأخطر هو أن تضرب ذيول هكذا حرب عبثية بنيان السلام داخل المجتمع الأميركي ككل، فتقود إلى شرخ أعمق قد يحتاج سنين عدداً كي يلتئم. ننتظر لنرى، أما الاحتمال الأرجح فهو أن المقبل ليس هيّناً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب جونسون وترمب حرب جونسون وترمب



GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

GMT 19:47 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عالم من الضواري

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 15:23 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة
المغرب اليوم - لامين يامال يقترب من تحطيم رقم قياسي لمبابي مع برشلونة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:40 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 13:10 2015 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

فوائد الشوفان لتقليل من الإمساك المزمن

GMT 00:09 2016 الخميس ,10 آذار/ مارس

تعرف على فوائد البندق المتعددة

GMT 15:10 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تُشارك في بطولة العالم للجمباز الفني بثلاثة لاعبين

GMT 05:52 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

استخدمي المرايا لإضفاء لمسة ساحرة على منزلك

GMT 11:25 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تعرف على وجهات المغامرات الراقية حول العالم

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

هولندا تدعم "موروكو 2026" لتنظيم المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib