أبو تمّام والعرّاف الإسرائيلي

أبو تمّام والعرّاف الإسرائيلي

المغرب اليوم -

أبو تمّام والعرّاف الإسرائيلي

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

أضاف الساحرُ أو المُنجّمُ أو «العراف» البريطاني الإسرائيلي أوري غيلير لمستَه الخاصّة على المشهد السياسي الأمني الساخن في الشرق الأوسط هذه الأيام، مع انطلاق قمّة السلام في شرم الشيخ المصرية لإنهاء الحرب في غزّة.

هذا العرّافُ الذي يُصنّف نفسه وسيطاً روحانياً، شجّع الرئيس الأميركي ترمب على إلغاء زيارته المُخطّط لها إلى شرم الشيخ في مصر، خوفاً من «اغتياله».

أوري غيلر نشر عبر حسابه على منصة «إكس» فيديو يخاطبُ فيه ترمب: «لديّ شعور مريع باحتمالية وجود محاولة لاغتيالك! أتلقّى إشاراتٍ سيئة».

علاقة المنجّمين والعرّافين بالسياسة وأهلها ليست وليدة اليوم، في الغرب، والشرق طبعاً، وكلنا يعرف الأخبار عن غرام الرئيس الراحل الأميركي الجمهوري الأيقوني ريغان بهذا العالم، كما زوجته نانسي.

في تراثنا العربي، ومضات كاشفة عن عبثية اللجوء للعرّافين، بين السياسة والحب أيضاً، لما عزم المعتصم الخليفة العبّاسي على مواجهة الجيش البيزنطي في أطراف دولة الخلافة، أو الثغور كما تُوصف من قبل، في أرض عمورية حذّر العرّافون المعتصمَ من توقيت خروجه، بسبب تحذيرات الكواكب ومنازلها، لكن المعتصم عزم على الحرب، وهزم الروم، في نصرٍ خلّده الشاعر العظيم أبو تمّام في رائعته البائية الشهيرة، ومنها:

وخَوَّفوا الناسَ من دَهياءَ مُظلِمَةٍ إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ

لكنَّ أبا تمّام يسخرُ من هذا الدجل، فيقول:

تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً ليست بِنَبْعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ

يبدو أنَّ شاعرنا شكّ بوجود عرّاف مدسوس من الروم، في حيلة نفسية من زمن مبّكر من تاريخ الحروب النفسية!

على ذكر الزمن العبّاسي، يذكر عبد المجيد المشعبي في كتابه «التنجيم والمنجمون» هذه الحكاية الظريفة عن فضيحة تنجيمية قديمة أنَّ هؤلاء قالوا إنَّ الخليفة الواثق سيحكم لعشرات السنين، لكنَّه مات بعد أسابيع قليلة من إعلان هذه النبوءة!

في العاطفة والحب شكا الشاعر العذري عروة بن حزام لواعجه إلى العرّاف بلا فائدة، وقال:

جعَلْتُ لعَرّافِ اليمامةِ حُكْمَهُ وعَرّافِ حَجْرٍ إِنْ هما شَفياني

لكنَّهما لم ينفعاه بشيء ولم يوصلاه إلى محبوبته عفراء، فرجع كسير القلب وقال:

فرُحْتُ من العَرّافِ تسقُطُ عِمَّتي عَنِ الرّأْسِ ما أَلْتاثُها بِبَنانِ!

على الرئيس الأميركي «الظاهرة» دونالد ترمب أن يصغي إلى نصيحة أبي تمّام شاعرنا العربي، ويُعرضَ عن أحاديث «التخرّص والتلفيق» التي حذّر منها الشاعر العظيم.

ويفتح طريقاً جديداً للسلام وأرضاً طيّبة للأمل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو تمّام والعرّاف الإسرائيلي أبو تمّام والعرّاف الإسرائيلي



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 22:06 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفيفا يهدد يإنزال الرجاء إلى دوري الدرجة الثانية

GMT 06:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض فني بمركز الأطفال المعوقين في عسير

GMT 01:55 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

العصبة تصدر عقوبات بالجملة في حق الأندية

GMT 19:17 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

تعرف على أفضل وأرقى المطاعم في العالم العربي

GMT 11:15 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

الحذاء "الكاجوال" وطرق تنسيقه مع الملابس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib