عبير الكتب معالم سيد قطب ومجاهله

عبير الكتب: معالم سيد قطب ومجاهله

المغرب اليوم -

عبير الكتب معالم سيد قطب ومجاهله

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

كتاب أو كتيب «معالم في الطريق» للناشط السياسي والأديب الناقد المصري سيد قطب من أخطر ما كتب في أدب التحريض والتثوير في الكتابات الإخوانية، لدرجة أنه ما زال نبعاً تنهل منه كل جماعات التكفير والعنف باسم الدين، وصولاً لجماعة «داعش» التي كانت تنقش عبارات سيد قطب في المعالم، على حيطان مدن الرقة والموصل وغيرهما.

شخص وسيرة سيد قطب موضوع كتب ودراسات مختلفة، لكن حديثنا، أو تنويهنا اليوم عن أخطر وأكثف كتبه وهو «معالم في الطريق» الذي ما زال بعض القطبيين من «دواعش وقاعدة وسرورية وإخوان» بل وشيعة، يغرفون من معينه، في كل مكان.

نُشرت الطبعة الأولى للكتاب سنة 1964 عن مكتبة وهبة، أي قبل إعدام المؤلف بسنتين، كتبه وهو في السجن، ما ينفي أن يكون السجن متوحشاً لا يمكن فيه النوم العادي فضلاً عن التفرغ للكتابة والتنظير للإرعاب والإرهاب! وهو آخر ما طبع للمؤلف في حياته.

لمن كتب سيد قطب هذا الكتاب «المانيفستو» القطبي؟

يقول هو نفسه في فاتحة كتابه: «لهذه الطليعة المرجوة المرتقبة كتبتُ (معالم في الطريق). منها أربعة فصول مستخرجة من كتاب (في ظلال القرآن) مع تعديلات وإضافات مناسبة لموضوع كتاب المعالم. ومنها ثمانية فصول - غير هذه التقدمة - مكتوبة في فترات».

يعني بالطليعة هذه ثلة من المؤمنين بفكرته عن عودة «الجاهلية» لكل المسلمين وغياب المسلمين عن الوجود الحقيقي، كما يفهم هو طبيعة ورسالة وشكل هذا الوجود، الذي يجب في البداية أن تؤمن به «طليعة» منتقاة تنعزل شعورياً وإن أمكن مادياً، عن الجاهلية والجاهليين، تمهيداً للانقضاض عليها... وعليهم! هو يرى - وهذه من أخطر خلاصاته - أن الإسلام غائب عن الوجود، لأن «الإسلام لا يملك أن يؤدي دوره إلا أن يتمثل في مجتمع». ويرى أن «وجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع منذ قرون كثيرة... فالأمة المسلمة ليست (أرضاً) كان يعيش فيها الإسلام. وليست (قوماً) كان أجدادهم في عصر من عصور التاريخ يعيشون بالنظام الإسلامي... إنما (الأمة المسلمة) جماعة من البشر».

هذه الجماعة من البشر، غير موجودة لدى سيد قطب، و«قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعاً».

ما وصف مئات الملايين من المسلمين حسب القاموس القطبي هذا؟

المسألة واضحة لديه، نحن - أي كل المسلمين - في جاهلية جهلاء، جاهلية حديثة: «ولا بد من إعادة وجود هذه (الأمة) لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى».

ما السبيل للخروج من هذه الظلمات يا شيخ سيد؟! يجيب بحسم: «لا بد إذن - في منهج الحركة الإسلامية - أن نتجرد في فترة الحضانة والتكوين من كل مؤثرات الجاهلية التي نعيش فيها ونستمد منها». ما علاقة كلام الرجل بحقيقة التاريخ الإسلامي وطبيعة الفقه والعلم ومناهج درس التاريخ والمجتمعات و«فقه» حركة الناس عبر الزمن؟!

يقول الكاتب الأردني محمد الزبيدي في مطالعة نقدية للمعالم: «تكفي نظرة متفحّصة لطبيعة كتاب (معالم في الطريق)، لكي تُظهر لنا أنّه أقرب إلى أحلام شاعر، وأوهام قاصّ، وخيال روائي، وأبعد ما يكون عن فكر منظّرٍ سياسي، أو مخطّطٍ عسكري، لكنّ لغة الكتاب الشاعرية، المفعمة بالأحلام، تورث كلماتها أيّ قارئ مسلم بسيط، وغير مثقف، شعوراً بالانتشاء الكاذب، والخيلاء المضللة».

نحن لا نتحدث عن كتيب شاعري مفعم بالعواطف فارغ من العلم، كتب في منتصف ستينات القرن الماضي، بل عن عبارات شاعرية مجنحة تنتج اليوم خراباً ودماراً وفوضى... تنتج «داعش» و«القاعدة» وهلم جرا... تلك هي الخطورة الدائمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبير الكتب معالم سيد قطب ومجاهله عبير الكتب معالم سيد قطب ومجاهله



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib