أميرة السودان هذا جناه أبي عليّ

أميرة السودان... هذا جناه أبي عليّ!

المغرب اليوم -

أميرة السودان هذا جناه أبي عليّ

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

إذا قرأنا عن الحروب، أو تابعنا تفاصيلها على الشاشات ومنصات السوشيال ميديا، فإننا نُقصفُ بالأرقام الجامدة الصمّاء، لكن خلف هذه الأرقام مصائر ناس، وآهات وصيحات ودموع ودماء، وأحلامٌ مكسورة، وآمالٌ مدحورة.

تتضاعف المأساة حين يغفلُ العالم، ويُهمل الإعلامُ تلك الحرب، كما هو الجاري في السودان الجريح، الذي يقتتلُ أهلهُ فيما بينهم.

كانت صورة السوداني في خيال الإنسان السعودي، خاصّة، هي صورة الإنسان الأمين الواعي المسالم، لكن اليوم أمسى أسير القنوط حبيس الضياع.

قرّب المنظار أكثر، لتبصر تفاصيل الإنسان، وتصغي للأصوات المكتومة.

في شهر مايو (أيار) الماضي، شرعت «أميرة» وهو اسم مُستعارٌ لهذه المرأة السودانية، في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر إحدى مناطق الحرب الأكثر سخونة في السودان.

كانت تعيش مع أسرتها في مدينة بولاية غرب كردفان. كان الطريق محفوفاً بالمخاطر، لكنها شعرت بأنه لا خيار أمامها. فقد كانت حبلى في شهرها السابع.

أثناء فرارها، سجّلت «أميرة» مذكرات صوتية عرضتها منظمة «آفاز» الحقوقية على «بي بي سي»، وتواصل فريق «بي بي سي» معها هاتفياً في العاصمة الأوغندية كامبالا، حيث تنتظر ولادة طفلها.

ضمن حكايتها تذكر أن جدة الصبي ووالدته تبكيان وتمسكان بساقي السائق، وتتوسلان إليه ألا يطلق النار. تقول أميرة: «كنا نحن الركاب متجمدين من الخوف».

انطلقت الشاحنة المحملة بالركاب على طريق غير مستوٍ مليء بالحفر وتتخلله الجداول، محملة بالأمتعة و70 أو 80 شخصاً، بينهم أمهات يتمسكن بأي شيء يمكنهن الإمساك به، ويحاولن الحفاظ على سلامة أطفالهن في الوقت ذاته.

لكن العبارة الكاشفة الأسيفة للسيدة أميرة هي هذه: «كنت خائفة طوال الوقت. كنت أدعو الله ألّا يُولد الطفل الذي في رحمي، وكنت آمل أن يكون كل شيء على ما يرام».

حين يصل الإحساس بامرأة تحمل جنينها في أحشائها، إلى أمنية خُلاصتها الخلاصُ من هذا الطفل، فاعرف أن الحياة نفسها فقدت معناها وخسرت روحها، وتلك خلاصة لحال السودان اليوم، حال اليأس وصورة الأفق الرصاصي المسدود الكئيب. قديماً قال حكيم المعرّة، أبو العلاء:

هذا جناه أبي عليّ... وما جنيتُ على أحد!

والأب في حالة السيدة أميرة، هو وطنها... السودان نفسه، ورجال السياسة والحكم في السودان، كلهم، بلا استثناء، ولن أسمّي طرفاً دون طرف، فكل أهل السودان، النساء قبل الرجال، والصبايا قبل الصبيان، في المأساة سواء.

كان الله للسودان، وعسى أن تهبّ على أفئدة رجال السلطة فيه نفحة طيّبة من نفحات الحكمة السودانية التي كنّا نعرفها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميرة السودان هذا جناه أبي عليّ أميرة السودان هذا جناه أبي عليّ



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:33 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية
المغرب اليوم - باراغواي تعلن فتح قنصلية عامة في الصحراء المغربية

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو يؤكد أن قطاع غزة لن يشكل تهديدا لإسرائيل
المغرب اليوم - نتنياهو يؤكد أن قطاع غزة لن يشكل تهديدا لإسرائيل

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 15:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 02:18 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

سهام العزوزي تتوج بلقب مسابقة "ميس أمازيغ" في دورتها الخامسة

GMT 14:13 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فرقة «رضا» تتألق في الأقصر عاصمة السياحة لعام 2016

GMT 23:59 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

تعرف على تفاصيل طلاق "أبو جاد" وزوجته سارة

GMT 19:07 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الكرنب يحتوي على مغذيات تحارب مرض الخرف

GMT 13:24 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

ودي تكشف عن موديلات S من سياراتها Q5 وA6 وA7

GMT 14:44 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

حرّاس صدام حسين يكشفون تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته

GMT 07:20 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الأغذية منخفضة الكربوهيدرات تسهم في علاج السكري

GMT 16:22 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

العروبة الإماراتي يتعاقد مع ياسين الصالحي لموسم واحد

GMT 20:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قطر تستعد لتنظيم بطولة العالم للجمباز بمشاركة إسرائيلية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib