أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح

أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح!

المغرب اليوم -

أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

 

يُقال إن صورتك عن نفسك هي صورة ضمن 4 صور عن ذاتك، تتداخل فيما بينها، ولا ندري (أو ربما لا يمكننا) معرفة الصورة الحقيقية.

لديك: أولاً صورتك لدى الآخرين التي يقولونها لك، وثانياً صورتك التي يعتقدونها حقّاً، لكن لا يصرّحون بها لك، وثالثاً الصورة التي تقولها أنت للآخرين عن نفسك، ورابعاً الصورة التي تعتقدها أنت حقّاً عن نفسك، لكن لا تخبر بها الآخرين، وربما، وهذا خامساً، الصورة الحقيقية الموضوعية عن ذاتك، التي لا تعلمها أنت ولا يعلمها الآخرون بتاتاً!

كم من الأفكار والخواطر التي تتمطّى داخل غرف عقولنا، لكن نحبسها، إمّا لأننا لا نعرف كيف نترجمها للخارج، وإما لأننا لا نريد ترجمتها للخارج، وهذه القدرة على التعبير والتمثيل هي التي تمنح الشاعر أو الروائي ميزته الفذّة لدى الناس، فهو «لسان حالهم».

قبل أيام أُعلن عن اكتشافٍ طبيٍّ تقني عظيم: السيدة آن معلمة رياضيات أميركية، عمرها 47 عاماً، فقدت القدرة على النطق بعد الشلل الذي أصابها بسبب نوبة قلبية قبل 18 عاماً.

أعلن باحثون أميركيون أن جهازاً مُعزّزاً بالذكاء الاصطناعي زُرع في دماغ آن مكّنها من تحويل أفكارها إلى كلام بصورة شبه فورية.

نظام الاتصال الجديد ابتكره فريق الباحثين بين الدماغ والكمبيوتر، وأُعلن عنه عبر مجلة «نيتشر نوروساينس»، ومن اللحظات المثيرة، هي حين عُرضت على آن في إطار هذه الدراسة جُمَل على الشاشة، من بينها مثلاً «أنت تحبني»، كانت تقولها بعد ذلك في ذهنها!

كانت هذه الجمل تُحوَّل بعد ذلك إلى نسخة مطابقة لصوتها، أُنشئت باستخدام تسجيلات تعود إلى ما قبل وقوع الحادث. كانت آن متحمّسة لسماع صوتها وكانت تشعر وكأنها تقمصت «بهذه الطريقة». كما جاء في التقرير.

تُرى لو استطاع العلماء، وربما أجهزة الشرطة والمخابرات، الوصول إلى هذه التقنية، كم من الجرائم سُتكشف، والأهم كم من الفضائح سُتنشر!؟

هل من الصواب أن يتعرّى البشر، فكرياً وخواطر، أمام بعضهم، بلا أي جيوب مخفية!؟

تخيّلوا لو انفضحت كل الأسرار!؟

أليس من دعوات العجائز: اللهم لا تفضح لنا سرّاً ولا تهتك لنا سِتراً؟

قال أبو العتاهية، قبل قرون وقرون:

أَحسَنَ اللَهُ بِنا أَن الخَطايا لا تَفوحُ

فَإِذا المَستورُ مِنّا بَينَ ثَوبَيهِ فُضوحُ

وبعدُ، فإن قصة السيدة آن تمثل جانباً مشرقاً من فوائد التقنية والثورة في الطب التكنولوجي أو التكنولوجيا الطبية، لكن ليست كل الجوانب بهذا الإشراق دوماً، ومن يعشْ يرَ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح أحسن الله بنا أن الخطايا لا تفوح



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib