من أين تشتري نظّاراتك التاريخية

من أين تشتري نظّاراتك التاريخية؟

المغرب اليوم -

من أين تشتري نظّاراتك التاريخية

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

أمس الاثنين، أخلَى مدّعي عام عَمّان سبيل النائب الأردني حسن الرياطي بكفالة مالية، على قضية اقتحام مقرّ تابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة في الأردن، بمدينة العقَبة.

في التفاصيل المنشورة في الإعلام الأردني أنَّ الرياطي دخل مع آخرين إلى مقرٍّ تبيّن أنه تابع لجماعة الإخوان، ومزّقوا وثائقَ وأوراقاً بداخله، وحاولوا التخلّص منها بجمعها في أكياس سوداء.

الأجهزة الأمنية الأردنية ضبطت، لاحقاً، الأوراق المتلفة، وأحبطت تهريبها وغيرها، كما عُثر داخل المقرّ على وثائق ومواد ذات صلة بالجماعة.

هذه الواقعة تكشفُ عن مسألة أكبر، هي قيمة الوثائق في كتابة التاريخ، فالوثيقة برهانٌ قاطع، بصرف النَّظر عن ملابسات خلق الوثيقة وسياق وجودها، لكنَّها وثيقة «مادّية» ملموسة، وليست رواية شفوية عرضة للتحريف أو النسيان أو الاختلاط على راويها.

كما تُفصحُ هذه الواقعة عن قضيّة أخرى لا تقلُّ أهميّة وهي: من يكتب التاريخ، خصوصاً القريب منه والمعاصر أو شبه المعاصر؟

بما أنَّنا نتحدّث عن واقعة «إخوانية» في الأردن، فمن يكتب تاريخ الحركات «الإسلاموية» في ديارنا، ومن يُثبّت روايته و«سرديته»؟!

لاحظ الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي، في إلماعة حصيفة، بمقالته، وجود صراعٍ على كتابة «تاريخ الصحوة» في المنطقة، وهو صادقٌ في ذلك.

أتذكّر بهذا الصدد نهوض جملة من المحسوبين على التيار الصحوي في الكويت والسعودية على أخذ زمام الكتابة وتكثيف الرواية، عبر كتب وأبحاث ومقابلات تلفزيونية وأخيراً حلقات «بودكاست» لتثبيت المرويّة التاريخية الصحوية أو المتعاطفة معها، عن الصحوة (الصحوة مصطلح في الميديا الخليجية للتعبير عن الإسلام السياسي).

الأمر هو «كتابة التاريخ» بطريقةٍ لا تخدم إلا جماعات «الإسلام السياسي» وأفكارها الرئيسية ويفتح لها الطريق للتأثير والقيادة، ومن هنا خرجت أجيالٌ متخصصةٌ في «التاريخ»، كما ذكر عبد الله بن بجاد: «النماذج كثيرةٌ على محاولاتٍ جماعيةٍ وإن خرجت بأسماء أفراد لإعادة (كتابة التاريخ) في عددٍ من الدول العربية، والخليجية منها على وجه التحديد، بحيث يجتمع هؤلاء المؤدلجون لكتابة تاريخ تلك الدولة، ثم يأخذون في استشارة بعضهم البعض، ويعدلون ويتشاورون حتى تصدر الكتب فيروجونها على نطاق واسع».

مساحة المقالة هنا لا تسمح بالإسهاب، أو حتى بسرد كافٍ، ولو كان على سبيل الاقتضاب، لكن لا غِنى عن التأشير، والحُرُّ تكفيه الإشارة.

مسألة قيادة المرأة للسيارة، مسألة النشاط السياسي للمجاميع عقب حرب تحرير الكويت عام 1991، التفاعل مع ضربات «القاعدة» 2001 بأميركا، اندلاع أعمال «القاعدة» في السعودية والكويت، بالتزامن، ومواقف رموز الصحوة منها، و«مقايضات» مشاهيرهم ذاك الوقت، وما مقابلة الدكتور سفر عنّا ببعيد.

ثم «الربيع العربي»، ومواقف رموز الصحوة، وعلامة «رابعة»، ومحاربة الانفتاح، ثم محاولات العودة الناعمة اليوم، بعناوين أخرى، ومظاهر أنعم.

الصراع على الوعي والاعتبار، قائمٌ، من ميادينه: كتابة التاريخ، ومحاولات وضع نظّارات «الإخوة» على عينيك، حصرياً، لمشاهدة مشاهد التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أين تشتري نظّاراتك التاريخية من أين تشتري نظّاراتك التاريخية



GMT 14:43 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 14:41 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

في حب الصحراء: شريان الحياة

GMT 14:38 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس والممسحة

GMT 14:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السلاح... أو حين يكون المكسب صفراً والهزيمة مطلقة

GMT 14:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من سيلحق بكندا... في «التعامل بالمثل» مع ترمب؟

GMT 14:24 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وخصومه في «حيْصَ بيْص»

GMT 14:23 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سموتريتش وحقد الجِمال

GMT 14:19 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

القطبية الصينية ومسار «عالم الغابة»

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:13 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة
المغرب اليوم - ملف الصحراء المغربية يعود للواجهة ومؤشرات حسم دولية قريبة

GMT 17:49 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها
المغرب اليوم - بحضور النجوم إليسا تحتفل بعيد ميلادها

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 19:34 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
المغرب اليوم - الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب

GMT 12:40 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 26-9-2020

GMT 15:46 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 21:39 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 02:05 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوكسهول ميريفا تلاءم الكثير من الناس في مساحة صغيرة نسبيًا

GMT 01:17 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

بوسي سكر تُبين أنّ التصاميم العربية تُزين مجموعة شتاء 2016

GMT 02:00 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة اعداد الكعكة الاسبانية بالمقادير

GMT 07:18 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سفيان رحيمي يقود العين إلى تعزيز صدارة دوري الإمارات

GMT 09:50 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

17 فائدة غذائية تجعلك تتناول قمر الدين يوميًا

GMT 19:28 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

مفاجأة في قائمة روما لمواجهة إنتر ميلان

GMT 00:55 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بوحدوز ضمن تشكيلة الأسبوع في البوندسليغا

GMT 17:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

حسم مستقبل نيمار مع الهلال السعودى قبل نهاية عقده فى 2025
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib