وجه ترمب على جبل التاريخ

وجه ترمب على جبل التاريخ

المغرب اليوم -

وجه ترمب على جبل التاريخ

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

أسماء الشوارع والميادين، وحتى المدن أحياناً، تُنسب لأسماء الزعماء والسلاطين والرؤساء، إمّا في حياتهم أو بعد مماتهم، وأشهر مثالٍ على هذا، هو اسم (الإسكندرية)، وأشهر الإسكندريات، إسكندرية مصر، وكانت إسطنبول التركية تُسمّى قديماً القسطنطينية، أو مدينة القيصر، نِسبةً للإمبراطور البيزنطي، قسطنطين، ولدينا في المجال الإسلامي والعربي، مدنٌ مثل بورسعيد وبورفؤاد وبورتوفيق، على القناة المصرية، نِسبةً لسلاطين الأسرة العلوية في مصر.

كما لدينا ميدان إسماعيل أو الإسماعيلية، الذي صار ميدان التحرير في قلب القاهرة، ولدينا طبعاً مدينة الإسماعيلية أشهر مُدن القناة المصرية. وفي روسيا هناك سان بطرسبرغ التي صار اسمها لينينغراد، ثم عادت لاسمها القديم، على اسم القديس الروسي بطرس.

هناك مدن وبلدات نُسبت لبعض الزعماء في تاريخنا الإسلامي، بل تكرّر بعضها مثل: الهاشمية، العبّاسية، المهدية، المنصورية، الموفّقية، وغير ذلك كثير.

تتغيّر أسماء المدن أحياناً وكذلك الساحات والمعالم، حسب العهد الجديد، فإن كان عهداً «انقلابياً» اجتثاثياً، أزيلت الأسماء القديمة وعُّوضت بالجديد، كما جرى في مصر من تحويل اسم ميدان إسماعيل إلى ميدان التحرير، وقد جرى ذلك في العراق مِراراً، وسيجري لاحقاً متى زال هذا العهد، وكذلك الأمر في سوريا. فهذه الجغرافيا اعتادت على موجات المدّ والجزر عبر التاريخ، كل أمّة تمسح أختها.

قبل أيام قدّمت النائبة الجمهورية من ولاية فلوريدا آنا بولينا لونا مشروع قانون لنحت وجه الرئيس، دونالد ترمب، على جبل ماونت راشمور (ساوث داكوتا) النصب التذكاري الشهير الذي يضم وجوه أربعة من أبرز رؤساء الولايات المتحدة.

لونا أعلنت رسمياً تقديمها لمشروع القانون، مشيرة إلى أن ترمب يستحق هذا التكريم نظراً لإنجازاته الكبيرة خلال فترة رئاسته. وقالت في منشور لها على منصة «إكس»: «لنبدأ النحت». مؤيدو ترمب - طبعاً - أشادوا بالفكرة، بينما انتقد معارضو ترمب الاقتراح، مشيرين إلى أن راشمور يجب أن يظل رمزاً للرؤساء المؤسسين الذين شكلوا تاريخ الأمة.

النصب التذكاري، كما هو معلومٌ، اكتمل عام 1941، يضمّ تماثيل بارتفاع 60 قدماً لأربعة رؤساء أميركيين: جورج واشنطن، توماس جيفرسون، ثيودور روزفلت، وأبراهام لينكولن. وإذا وافق الكونغرس على مشروع القانون، فسيكون ترمب خامس رئيس أميركي يُنحت وجهه على هذا النصب التذكاري الشهير، في خطوة ستُعدّ سابقة تاريخية.

لو جاء عهدٌ ديمقراطي «ثأري» جديد، فهل سيجلب العمال والشركات التي تزيل وجه ترمب من جبل راشمور؟! ثم من قال إن الرؤساء، جيفرسون وروزفلت ولينكولن، كانوا موضع إجماع في حياتهم، بل حتى بعد مماتهم؟!

لكن صورة الشهير، خاصة زعماء السياسة، تصبح غير التي كانت في حياة السياسي، إمّا ناحية التمجيد والترميز، أو عكس ذلك، وكما قال الرصافي:

فكم من قبورٍ عظَّم الناسُ أهلَها بما لم يكن عند النُّهى يتحقّقُ

ورُبَّ امرئٍ قد عاش يستقطرُ الثنا فلما قضى سالَ الثنا يتدفّق!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجه ترمب على جبل التاريخ وجه ترمب على جبل التاريخ



GMT 10:20 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

فلسفة الوشكية

GMT 10:18 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

السلاح زينة الرجال... ولكن؟

GMT 10:16 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

«أرضنا» التي تبحث عن أصحاب...

GMT 10:12 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

غزة إذ تنهض وترقص

GMT 10:07 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

متى نطفئ حريق مها الصغير؟!

GMT 10:04 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

المؤامرة على مصر!

GMT 10:03 2025 الأحد ,13 تموز / يوليو

اللص العائد من الشبّاك

GMT 21:04 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هيرفي رونار يقلل من قيمة الدوري المغربي للمحترفين

GMT 10:02 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منزلك أكثر تميّزًا مع الديكورات اليابانية العصرية

GMT 19:00 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطور ملحوظ وفرص سعيدة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:52 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء الكيلاني تثير الرأي العام بقصة إنسانية في "تخاريف"

GMT 11:00 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

"بوما" تطرح أحذية رياضية جديدة ومميزة

GMT 10:39 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

تعرفي على إتيكيت أكل "الاستاكوزا"

GMT 12:35 2013 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

البدء فى البرنامج التوعوي التثقيفى لمرضى داء السكر في سبها

GMT 02:20 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة بالمركز القومي للترجمة حول أعمال نوال السعداوي

GMT 18:34 2017 الجمعة ,25 آب / أغسطس

فوائد نبات الحلتيت لصحة الإنسان

GMT 00:18 2014 السبت ,07 حزيران / يونيو

ضروريَّات من أجل عودة السياحة إلى مصر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib