تعفّن الدماغ وحبوب الديجيتال

تعفّن الدماغ... وحبوب الديجيتال

المغرب اليوم -

تعفّن الدماغ وحبوب الديجيتال

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

من المصطلحات التي تلفت الانتباه مؤخراً مصطلح «تعفّن الدماغ» بسبب الإدمان على استهلاك «الحبوب» الإلكترونية الدائم.

بحسب مقال نشره موقع «بي سايكولوجي توداي» الأميركي، واطلعت عليه «العربية. نت»، يرمز «تعفّن الدماغ» إلى تآكل مدى انتباهنا وإبداعنا والتفكير النقدي مع انجذابنا بشكل أعمق إلى دوامة فضائنا الإلكتروني المتوسعة.

تقول الدكتورة كورنيليا والثر، الخبيرة في الأمم المتحدة والأستاذة المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي بجامعة بنسلفانيا الأميركية، إن مصطلح «تعفّن الدماغ» اختير بعدّه «كلمة العام» من قِبل مطبعة جامعة أكسفورد في عام 2024 بناءً على تصويت 37 ألف شخص.

وتضيف: «صُمّمت خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي لإبقائنا مُنشغلين، وغالباً ما تقودنا إلى دوامة من المحتوى الذي لا يُقدّم قيمة تُذكر، ولكنه يستهلك الكثير من الوقت. فالتدفق المستمر للعناوين الرئيسية المقلقة يُبقينا ملتصقين بشاشاتنا، مما يُفاقم القلق ويستنزف طاقتنا العقلية».

أتفق تماماً مع هذا التشخيص، والمُقبل أخطر وأعمق ضرراً، لدينا حالة استسلام صوفي لهذه المنتجات، وكأنها قدرٌ لا يمكن الفرار منه، والأنكى من ذلك أن يُقاس مدى علمك واتصالك بالعصر وذكائك، بمدى إدمانك على متابعة هذه الدفقات اليومية من أمطار السوشيال ميديا السامّة.

الحكومات والشركات والمجتمعات والمؤسسات والأفراد، في حالة رقص صوفي وانخطاف درويشي، في هذه الحفلات وضرب الزر الرقمي.

على سبيل المثال، الخضوع التامّ لكل الصرعات الجديدة، كفكرة العمل عن بعد «ريمتولي» أو «أونلاين» والثناء على هذه الطريقة وقياس مدى نجاح العمل بمدى إكثارك من هذا الأسلوب.

تشير الدكتورة والثر في التقرير المُشار له هنا، إلى أن «التحوّل إلى العمل عن بُعد والتعلّم الافتراضي أدّيا إلى مزيد من طمس الخطوط الفاصلة بين حياتنا الشخصية والمهنية، حيث أصبحت شاشاتنا الوسيلة الأساسية للإنتاجية والترفيه، مما يُصعّب علينا الانفصال عن الواقع وإعادة شحن طاقتنا، وهذا ما يؤدي إلى إرهاق ذهني مُعمّم وتراجع في القدرة على الانخراط بعمق في المهام أو الأفكار المُعقّدة».

ما مستقبل المهارات الفكرية والبحثية، ومستقبل بقاء قيم الجِدّ والاجتهاد، ولذة الكشف والمتعة الناتجة عن كدح وتعب لذيذ النهاية، مع تسليم كل هذه العمليات إلى الذكاء الاصطناعي؟!

كيف ستكون مهارات التفكير والبحث لدى الأجيال الجديدة المدمنة على الذكاء الاصطناعي ومصدر المعرفة لديها هو «تيك توك» وأمثاله؟!

هذه أسئلة كُبرى، بعهدة الدول وقادة الوعي في العالم، وإلا فإن النتيجة ستكون خلق وحوش خاملة بليدة بدائية فيما بعد.

نعم قد يبدو هذا الكلام بعيداً عن العملية والواقعية لدى البعض، لكن من قال إن الواقع هو مصدر الحقيقة ومنبع الفضيلة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعفّن الدماغ وحبوب الديجيتال تعفّن الدماغ وحبوب الديجيتال



GMT 15:28 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مسلم ــ شيوعي ــ يساري

GMT 15:24 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

مَن يعبر مِن حرائق الإقليم؟

GMT 15:23 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

«الثنائي الشيعي» و«كوفيد ــ 26»

GMT 15:21 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

قتل العلماء أو قتل القوة؟

GMT 15:20 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

الغباء البشري

GMT 15:19 2025 الجمعة ,04 تموز / يوليو

صلاح ومحمود «بينج بونج»!

GMT 00:48 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

شيماء الزمزمي بطلة للمغرب في رياضة الجمباز

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:56 2019 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تنصيب ناروهيتو إمبراطورا لليابان رسمياً

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحتضن أول بطولة عربية في مضمار الدراجات «بي.إم .إكس»

GMT 08:59 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تؤكد وجود الكثير من النساء الذين يفقنها جمالًا

GMT 04:17 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الدرك الملكي يحجز كمية مهمة من المواد المنظفة المزيفة

GMT 13:09 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

اليمن: حملة توعية بالحديدة بأهمية حماية البيئة

GMT 15:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تشييع جثمان الجنرال دوكور دارمي عبد الحق القادري
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib